عقدت كلية الآداب والعلوم الإجتماعية بجامعة قابوس بسلطنة عمان مؤتمرها العلمي الدولي الثاني حول العلوم الإجتماعية ودورها في دراسة الظواهر الإجتماعية المعاصرة في الفترة من 16 18 ديسمبر الحالي. وقد ضم المؤتمر لفيفا كبيرا من أساتذة العلوم الإجتماعية وخبراء الإعلام من الدول العربية والأوربية. وفي الجلسة الأخيرة للمؤتمر استعرض الدكتور مجدي الداغر أستاذ الإعلام بجامعة المنصورة في مصر دراسته الشاملة حول¢ دور الإعلام في تعزيز قيم التسامح مع الأخر وذلك من واقع الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية في أعقاب ما يعرف بربيع الثورات العربية. واستهدفت الدراسة التعرف علي كيفية معالجة الصحف العربية اليومية لقضايا التسامح مع الآخر وقد تمثل مجتمع الدراسة في عدد من كبريات الصحف العربية داخل المنظمة العربية وخارجها هي "الأهرام القاهرية الرياض السعودية الشرق الأوسط الدولية الحياة اللندنية... " في فترة الدراسة من عام 2011/ 2012م وذلك نظراً لاحتواءهذه الفترة الزمنية علي العديد من التطورات المجتمعية علي المستوي الإقليمي والدولي وخاصة إزاء قضايا التسامح مع الأخر. وقد جاءت دراسة الدكتور مجدي الداغر علي محورين مهمين: الأول يرتبط بإشكاليات التسامح مع الأخر في الثقافة العربية والإسلامية. والثاني حول مستقبل الإعلام في دعم وتعزيز قيم التسامح علي المستوي السياسي والديني والإجتماعي والفكري في البلدان العربية والأوربية. ويري الدكتور الداغر أن البشرية قد عانت من آثار عدم التسامح كثيراً. وقد تمثل ذلك في حروب وصراعات عديدة. ففي القرن العشرين مثلاً كانت هناك حربان عالميتان و"20" حرباً بين الدول. و"50" حرباً أهلية أخري. و"6" مذابح دموية. وكان حصاد ذلك أكثر من "100" مليون قتيل في الحروب بين الدول. و"150" مليونا يمثلون ضحايا المذابح والصراعات الأهلية. و"500" مليون لاجيء ومشرد عن وطنه. و"100" ألف طن من المواد الكيماوية تم تطويرها واستخدامها لإبادة الأفراد والشعوب بالإضافة إلي شبكات الإرهاب عابرة القارات التي تنامت في مختلف دول العالم. بما فيها المنطقة العربية. وقد عبر عن ذلك "كوفي عنان" الأمين العام السابق للأمم المتحدة بقوله:¢ سيذكر القرن العشرين بأنه القرن الموسوم بالعنف. فهو يحمل موروثاً هائلاً من الخراب والدمار. واستطاع أن يوظف التكنولوجيا الحديثة في خدمة أيديولوجيات العنف والكراهية. وبعيداً عن قيم التسامح مع الآخر. وتشير الدراسة إلي التسامح بما ينطوي عليه من مساواة وحقوق متساوية لكل البشر. بغض النظر عن لونهم أو معتقدهم أو نوعهم. يمثل الأساس العقلاني الممكن لتقدم واستقرار وسلام المجتمع الحديث بكل ما فيه من تنوع واتجاهات مختلفة. وهو القيمة التي تمثل عماد حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية وحكم القانون. ونبذ التحيز والتعصب والاستبداد. ومن ثم لا يعني التسامح تقبل الظلم الإجتماعي أو الخضوع السياسي. بل يعني حق المرء في التمسك بعقيدته. والتزام المجتمع بضمان هذا الحق. باعتباره حقاً مشتركاً لجميع الأفراد يمارسونه بشكل عادل ومتساو وبلا تمييز فيها بينهم. ومن ثم تؤكد الدراسة علي أن وسائل الإعلام بذاتها لا تصنع الصورة أو تغير منها. ولكن توجد مؤسسات أخري تعمل في هذا الأتجاه وتسعي إلي تحقيقه. ويذكر Rosie, 2003)" أن في المجتمعات مؤسسات تعمل علي تقديم المواد والمعلومات الخام التي يتم منها تشكيل الصورة النمطية للمجتمع. وتتلقف وسائل الإعلام هذ المواد وتشكلها وتصيغها في مواد وبرامج إعلامية مناسبة يتم الأعتماد عليها في صناعة أو تغيير أو تعديل أو تأكيد الصورة الذهنية للأفراد والمجتمعات والدول والمؤسسات المختلفة. وفي النهاية توصلت دراسة الدكتور مجدي الداغر إلي عدد من النتائج المهمة منها تصدي موضوعات التسامح السياسي قائمة القضايا المطروحة وإزاء العلاقة مع الآخر بنسبة "45%". ثم جاء التسامح الديني "36%". فالإجتماعي "14%". وأخيراً التسامح الفكري "5%". بما يدلل علي تأثير طبيعة الفترة الزمنية التي تناولتها الدراسة من تحولات سياسية واجتماعية داخل المنطقة العربية أو ما يعرف ب "ربيع الثورات العربية". كما أظهرت النتائج تزايد اهتمام الصحف العربية بقضايا التسامح السياسي من حيث التكرار والمساحة وجاءت التعددية السياسية علي قائمة قضايا التسامح السياسي "24%". ثم حرية القضاء "21%". وحرية التنظيم والإدارة السياسية "18%". وحرية الرأي والتعبير "17%". وأخيراً حرية الإعلام والنشر "10%". وجاءت موضوعات التسامح مع أتباع المذاهب الدينية علي قائمة قضايا التسامح الديني "39%". يليها التسامح مع أتباع الديانات والمعتقدات الأخري "36%". وأخيراً مع التيارات الليبرالية/ العلمانية/ بنسبة "25%". وحول قيم التسامح أظهرت النتائج تصدر لمشاركة "27%". والحوار "17%". والحرية "16%". والمساواة "11%". علي قائمة قيم التسامح الواردة بقضايا التسامح مع الآخر. مقابل تراجع قيم العدالة والسلام بين الشعوب "10%". والتنوع والاختلاف بنسبة "9%". وأخيراً توصي دراسة الدكتور مجدي الداغر حول الإعلام والتسامح مع الأخر ضرورة التركيز علي الأشكال التحريرية التي تخلق الحوار والنقاش وإشراك الرأي العام فيما يتعلق بالقضايا المجتمعية.