في قصة لتولستوي يقول الاقطاعي للفلاح الطامع في أرضه سوف أعطيك ما تشاء من ارضي .. تريد عشرة فدادين .. مائة فدان .. ألفاً .. لك أن تنطلق من الآن جريا في دائرة تعود بعدها إلي مكانك قبل أن تغرب الشمس فتكون لك الدائرة التي رسمتها بكل ما اشتملت عليه من أرض .. شريطة أن تعود إلي نقطة البدء قبل غروب الشمس أما اذا غربت الشمس ولم تعد فقد ضاعت عليك الصفقة ..ويفكر الفلاح الطماع في دائرة كبيرة تشمل كل أرض الاقطاعي .. وهو مطمع يحتاج منه إلي همة وسرعة قصوي في الجري حتي يحيط بها كلها في الساعات القليلة الباقية علي الغروب ويبدأ في الجري وكلما تقدم الوقت كلما وسع من دائرته اغتراراً بقوته وطمعاً في المزيد وتكون النتيجة ان تتقطع أنفاسه ويسقط ميتا قبل ثوان من بلوغ هدفه .. ثم لا يحصل من الأرض إلا متر في متر يدفن فيه! وقد سمعت نفس القصة من ابي رحمة الله علية وأنا طفلة صغيرة عندما رواها لي بطريقة أخري حين قال لي : كان يا مكان في سالف العصر والأوان رجل غني يمتلك اراضي زراعية كثيرة ،ولكنه كان يعيش وحيدا بلا زوجة أو اطفال وكان يعمل لديه فلاح طماع لديه اولاد وزوجة وبيت صغير ،ولكنه لم يكن يشعر بالسعادة ، وكان دائما يقول بينه وبين نفسه لو كان عندي ارض مثل ارض مالكي لكنت اسعد الناس .. وذات يوم سمعه صاحب الارض فقال له : انا ليس لدي اولاد ولا زوجة هل تريد ان تمتلك هذه الارض فقال الفلاح وعيناه تلمع من شدة الفرح : نعم سيدي فقال له صاحب الارض : اجري في هذه الاراضي الواسعة في كل الاتجاهات ، وكلما جريت أكثر كلما صارت ملكا لك بشرط ان تعود قبل غروب الشمس .. قال الفلاح : هذا امر سهل سيدي .. وأخذ يجري الفلاح في كل الاتجاهات وكلما نظر الي الشمس وجدها ساطعة فكان يجري اسرع الي ان تعب من الجري وعندما فكر في العودة كانت الشمس قد غابت وسقط مغشيا عليه .. و لم يحصل علي الارض ولم يتحقق حلمه بالثراء ... وسواء اكانت القصة في الاصل من تأليف تولستوي او من اختراع أبي الذي لم يعرف يوما تولستوي !! إلا ان القصة ترمز الي فكرة الرضا والقناعة .. وفي هذه الايام نشاهد ناس تجري في كل الاتجاهات تقاتل وتحارب في اراضي غيرها طمعا في منصب أو مال اعتقادا ان هذه الاشياء تحقق لهم السعادة وراحة البال !!.