إنني أشكر كل مصيبة واجهتني في حياتي. وأشعر بالعرفان لكل »بلوة« سقطت فوق رأسي في مشوار عمري. وأعترف بالجميل لكل شرير دبر لي مكيدة. وعندي شعور بالامتنان لكل من حاول إيذائي. وأصابني بجرح، صغيراً كان أو كبيراً. أشكركم جميعاً! إن كل الأشياء السيئة التي صادفتني، هي التي صهرتني في نارها. وصاغت ملامح شخصيتي. وصنعت مني هذا الإنسان. إن الذين ضربوني علي »قفايا«، وسخروا مني من وراء ظهري، في الواقع هم منحوني النياشين والأوسمة، التي تؤكد أنني لست مثلهم، ولن أكون أبداً! والذين رجموني بالحجارة ظلماً، لم يدفنوني في مقبرة الحقد والشماتة، إنما صنعوا لي هرماً من إرادتي وصمودي. ووقوف السماء إلي جانبي، في أصعب الأوقات! وهذا الجرح العميق في صدري، لافتة مضيئة بالنور تقول إنني إنسان بحق. حتي وإن كان الغدر هو مقابل إخلاصي، والعداء الأسود لم يهزم أبداً الحب في قلبي! ما أكثر ما حفر لي البعض حفرة لكي أقع فيها وتنكسر رقبتي. وما أكثر ما أشعل لي بعضهم النيران في طريقي، لكي تحرقني وأصبح رماداً. لكن السماء دائماً كانت أدري بحسن نيتي وبراءة روحي، وحولت النار إلي برد وسلام! وأنا لم أعرف اللون الأبيض وأحبه، إلا بعد أن كرهت اللون الأسود والظلام، الذي أراد البعض أن يستدرجني إلي مستنقعه. ولم أعرف طعم الرحمة، إلا بعد أن ذقت مرارة الظلم. ولم ينبض قلبي بحلاوة الحب، إلا بعد أن سالت دمائي من قسوة الكراهية الغبية! واليوم أقول لكل من حاول إيذائي أو آذاني فعلاً: أشكرك. فقد أصدرت حكمك بأنني أفضل منك! وأقول لمن طعنني يوماً في ظهري بخنجر الغدر: أنت دون أن تدري قدمت لي باقة زهور، تقول إنني إنسان طيب، وأنك كائن شرير.. فلك مني جزيل الشكر! لست نادماً علي الأيام السوداء.. لأن من صنعوها، في الحقيقة، كتبوا لي عنوان »الأيام البيضاء«! وكل أحقادكم وكل شروركم.. كانت الوضوء، الذي تطهرت به روحي! ألف شكر.. يا أغبياء!