كل ما يحصل موصول بالماضي وما هو آت محسوب علي ما هو جار والمستقبل مجهول والمنطقة رزئت بالثروات والاطماع . سبق وجاءها الخطر من القريب قبل الغريب فأحد لا يعرف ما تؤول اليه الاحوال ومن يتوجب منه الحذر ايران ؟ أم العراق ناهيك عن اسرائيل حذار منها كل الحذر في غمار ذلك . يجري التفاوض حاليا علي صفقة تسليح تكميلية آخري تضاف الي أكبر صفقات السلاح في التاريخ تلك التي أعلن عنها الاسبوع الماضي وبموجبها تقوم الولاياتالمتحدة بتزويد المملكة السعودية بطائرات قتالية ومروحيات عسكرية ، وتبلغ قيمتها ستين مليارا تمتد ما بين خمس الي عشر سنوات وتوفر نحو 75 ألف وظيفة وفق تقدير »وول ستريت جورنال« التفاوض الجاري يمد السعودية بالنظام الاحدث في صد الصواريخ THAAD وهو يحقق طبقة غلاف دفاعي متوسط المدي داخل وخارج الغلاف الجوي »باتريوت قصير المدي« وتقدر تكلفته مبدئيا ببضعة عشر مليارا أخري ، وشركة لوكهيد المصنعة تنتظر إقبالا شديدا من دول الشرق الاوسط تباعا بعد الترويج للتهديد الايراني الذي تحول الي الخطر الاكثر الحاحا في المنطقة ! اللوبي الاسرائيلي في واشنطون علي غير المعتاد لم يعارض الصفقة فمقاتلات (اف-15) ستجرده من الإمكانيات بعيدة المدي غير ان اسرائيل ستشتري بالمقابل الطائرات الاحدث (اف- 35) هذا وفق ما أعلنه السفير الاسرائيلي في واشنطن. لننبش قليلا فيما قبل: كان المتوقع بانهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة بدء نظام عالمي جديد يقوم علي كبح جماح التسلح في الشرق الاوسط جنبا الي جنب عملية سلام شامل مع اسرائيل لتتفرغ دول المنطقة للتنمية فهكذا كانوا يبشرون في واشنطن في أعقاب تحرير الكويت وكانت أقواس النصر ما تزال منصوبة عندما بدأت ادارة بوش الأب ترمي بذور دورة تسليح جديدة ويومها كانت مقولة تسرح في واشنطن تقول ان السلاح في بعض دول المنطقة سيكون اكثر كثافة من سكانها و .. اسرائيل علي الناحية الاخري تطالب بالمثل واكثر فلابد وكفتها تكون هي الأثقل ثم .. دخلت ايران الي الساحة وصار كل شيء علي ما يرام من حيث صناع السلاح في كاليفورنيا وأربابهم فان نفوذ لوبي شركات تصنيع السلاح الكبري هو الأقوي بين جماعات الضغط قاطبة .. شركات مثل ماكدونالد- دوجلاس ولوكهيد وبوينج ونورثروب وجنرال ديناميكس لهؤلاء مصالح تجارية عظمي كان لزاما لهم ان تبقي رغم ان السلاح انكمشت اهميته او هذا هو المفترض من عامل استراتيجي الي عامل اقتصادي بحت ..لكنا وجدنا رؤساء امريكا منذ بوش الأب ما عادوا يجدوا غضاضة في ان يبادروا و يطلبوا بل ويلحوا علي رؤساء دول الخليج بأن يشتروا السلاح من امريكا بعد ان دخلت أوروبا وروسيا منافسين في السوق والرئيس كلينتون عرف بباع طويل في هذا الشأن وكلنا عرفنا ذلك الحين عن المكالمة التليفونية الطويلة الي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله مناشدا له ملحا عليه شراء الامارات لصفقة طائرات اف - 16 تنتجها شركة لوكهيد التي كانت تواجه منافسة شديدة من مثيلاتها في فرنسا وبريطانيا وبوش الأب من قبله قام بتسويق صفقات سلاح بهذا الأسلوب وان كان كيلنتون لا يباري ولا يدانيه امهر مندوبي المبيعات في هذا المضمار .. كنا نتندر ونقول ان واشنطن بجلال قدرها تطلب من دول البترول معونات خفية ،ففي السنوات العشر التالية لغزو العراق للكويت وقعت اتفاقيات تعدت 26 مليارا أي بنسبة بلغت 32٪ من مجمل التصدير الكلي للسلاح الامريكي .. انما أختار لكم واقعة فريدة شهدتها لم تتكررقبلها ولا بعدها عندما عقد مؤتمر صحفي لنواب من الكونجرس يتزعمهم نائب ديموقراطي »هوارد بيرمان« عرض فيه شريط فيديو لست دقائق قال في نهايته وبتعبيره أن هجمة من لوبي تضافر فيه خمس شركات كبري لتصنيع السلاح تصعيدا لضغوط تهدف للسيطرة علي زمام السياسة الخارجية لأمريكا واتهم شركة منهم ذكرها بالاسم تضلل الرأي العام بادعائها أن بدون تمرير صفقة طائرات بخمسة مليارات لاحدي الدول الخليجية سيفقد 44 ألف امريكي وظائفهم ... قال النائب انه يكشف حقيقة تلك الشركات ليدفعها دفعا الي صناعات تتوافق مع الواقع العالمي الجديد وتتجه باستثماراتها الي المجال المدني مؤكدا علي وجود فرصة حقيقية أمام تغيير ايجابي في مسار العلاقات الدولية ثم تساءل: هل نحن في امريكا علي استعداد للتعامل مع هذا التغيير أم يظل الكونجرس أشبه بأدوات تتلاعب بها شركات تنتج طائرات تبيعها لدول نامية بلا دواع مفهومة فيدفعون بهم الي سباقات تسلح لا تنتهي؟! سئل في المؤتمر فما وجه الخطأ في بيع وسائل دفاع أكثر تقدما لدولة خليجية حليفة .. ثم انتبهوا لما قاله: لو تمت الصفقة مع دولة عربية فسوف يتبعها (طابور) من دول المنطقة كل يطلب بالمثل بدءا من اسرائيل الي سائر الدول الخليجية وهذا ما تتمناه وتهدف اليه شركات السلاح ثم أننا سبق وقدمنا اليهم قبل حرب الخليج اسلحة متقدمة جدا ودربنا قواتهم ، مع ذلك لم يتوقع أحد بإمكان أن تتعامل دول المجلس الخليجي بمفردها مع عملية غزو العراق للكويت و.. بعثنا بقواتنا ولم يكن ذلك بسبب افتقادهم لنوعية أحدث من الطائرات .. ولسوف يتكرر ذلك فيما لو وقع عدوان آخر فنحن نبدو غير جادين في وقف سباق التسلح في الشرق الاوسط ! من كتاب أمريكا نعم ..امريكا لا وكأن ذلك النائب المحترم كان يقرأ الغيب اذ حل بعد كلينتون بوش الابن وبطانته بأجندتها وايديولوجيتها وألغازها وحدث ما حدث من غزو للعراق و أفغانستان ثم تحول الاتجاه لايران...يا صناع السلاح ابشروا فلن يكتب لنا ان نصيح »وداعا للسلاح« فهنيئا لكم ولا عزاء لنا !