تعتبر خمسينيات القرن الماضي بداية الثورة الصناعية في الصين حيث مرت الصناعة الصينية بمرحلة الانتعاش والتنمية الشاملة. وقامت الصين بتأسيس نظام صناعي متكامل إلي حد كبير يقوم علي تطبيق سياسة الاصلاح وبرامج الانفتاح، حيث شهدت صناعة البترول والصناعات الكيماوية والالكترونية تطورًا سريعًا لا يختلف عن تطور الصناعات النووية والفضائية. وشهدت الصناعة الصينية زخمًا متواصلاً منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي حتي بلغ معدل النمو الصناعي أكثر من 10٪ سنويًا خلال الفترة من 1979 إلي عام 2003، حيث تضاعف حجم الانتاج الصناعي الصيني بمعدلات غير مسبوقة وتصدرت المنتجات الصينية الكثير من أسواق العالم، وأبرزها أسواق الحديد والصلب والفحم والأسمنت والأسمدة والأجهزة التليفزيونية وبرامج الحاسب الآلي وصناعة السيارات، فضلاً عن تربع السوق الصيني علي عرش صناعة الأدوية والمضادات الحيوية واللقاح، والأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر. أصبحت الصين من أبرز المراكز العالمية لانتاج وتصنيع المنتجات التكنولوجية عالية الجودة. واحتلت المنتجات الصينية مكانة رائدة في مجالات عديدة تشمل صناعة السيارات والأجهزة الالكترونية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة الأقراص المدمجة وشاشات العرض والتلفزيونات الملونة وغيرها. كشفت جمعية صناعة السيارات الصينية في أحدث تقاريرها أن شركات السيارات الصينية تحتل المركز الأول في صناعة السيارات حول العالم وتتفوق علي منافسيها في الولاياتالمتحدة حيث قامت بإنتاج وبيع ما يقرب من 13.8 مليون سيارة خلال عام 2011 فقط. ويري الخبراء والمتخصصون أن هذا الإنجاز يرجع إلي تطبيق سلسلة من السياسات والإجراءات التشجيعية الشاملة من جانب الحكومة الصينية، والمتوقع أن تساهم بدورها في دعم وتعزيز معدلات الإنتاج القوية خلال العام الجاري، علمًا بأن كبري شركات السيارات العالمية مثل Volkswagen وMitsubishi وGeneral Motors وHyundai وNissan وHonda وToyota وFord وFiat اتجهت إلي إقامة مراكز البحث والتطوير في الصين للاستفادة من أنظمة التصنيع المتطورة والقدرة علي توفير قطع الغيار عالية الجودة لأسواق هذه السيارات من داخل المصانع الصينية، بينما تخطط شركات BMW وVolvo إلي إقامة مراكز البحث والتطوير في الصين. تجدر الإشارة إلي أنه في عام 2006 تفوقت الصين علي اليابان لتحتل المركز الثاني في صناعة السيارات قبل أن تتفوق علي الولاياتالمتحدة أيضًا وتعتلي قمة صناعة السيارات حول العالم خلال عام 2009. وساهم هذا النمو المطرد في زيادة معدلات الطلب علي الصناعات التكميلية ومنها قطع الغيار عالية الجودة وخدمات ما بعد البيع. ما زالت صناعة السيارات الصينية تنمو بشكل ملحوظ وسط توقعات بأن تتجاوز معدلات الانتاج 15 مليون سيارة هذا العام، فضلاً عن حرص الحكومة المركزية علي دعم صناعة السيارات التي تعتبر إحدي الركائز الهامة للمنظومة الاقتصادية الصينية، وأن الإقبال علي شرائها مازال متزايدا خاصة أن السيارات الصينية اصبحت تمتاز بالجودة العالية والاداء المتميز والسعر المنافس. ومن المتوقع أن تساهم التكنولوجيا الحديثة في دعم مستقبل صناعة السيارات في الصين وأسواقها التصديرية في العالم العربي علي الأخص.