د. عبدالعزيز صلاح أثناء حواره مع «الأخبار» شكراً للصحافة لكشف التجارة غير المشروعة في أحجار الأهرامات تجارة القناصل الأجانب في الآثار ونظام «القسمة» أفقدنا آلاف القطع النادرة المواثيق الدولية لا تساعدنا ولا توجد عقوبات علي بيع آثارنا منطقة الأهرامات معرضة لوضعها في قائمة «التراث العالمي المُعرض للخطر» جاءت واقعة بيع تمثال»سخم كا» لتدُق ناقوس الخطر، عقب قيام بعض المتاحف في دول العالم بيع قطع الآثار المصرية الموجودة بها، وهي بالآلاف مثلما فعل متحف»نورث هامبتون» في شهر يونيو عام 2014، عندما باع تمثال «سخم كا» في واقعة هي الأولي من نوعها في تاريخ المتاحف بعد أن فشلت الجهود لاستعادة التمثال أو إبقائه حتي في انجلترا.. وهنا تثور تساؤلات عديدة: هل تنجح الجهود المصرية في استخدام كل الضغوط لوقف بيع الاثار المصرية؟ وما هو السبيل لاستعادة أهم الآثار المصرية النادرة الموجودة في الخارج مثل التمثال النصفي ل«نفرتيتي» وتمثال «ابن عم الملك خوفو» و»حجر رشيد» و«دائرة أبراج دندرة» و»رأس حتشبسوت».؟ وهل هناك ضرورة لتعديل بعض مواد القانون المصري بما يتوافق مع القانون الدولي لحماية اﻵثار.؟ وما دور «اليونسكو» من تلك القضايا.؟ وماهي تداعيات واقعة تداول الفيديو الذي بثته بعض المواقع الإلكترونية حول بيع بعض من أحجار الأهرامات؟ للإجابة عن التساؤلات الحائرة.. كان لنا الحديث التالي مع د. عبدالعزيز صلاح سالم، أستاذ الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة، والخبير الدولي في التراث. في البداية بلهجة حاسمة وقاطعة، بادرني د. عبدالعزيز صلاح، قائلاً: أود أن أؤكد هنا عبر جريدة»الأخبار»، أن منطقة الأهرامات الأثرية بالجيزة، هي موقع مُسجل بقائمة التراث العالمي لمنظمة «اليونسكو»، وأن أي إخلال فيها بمنظومة الأمن التراثي، سيُعرض الموقع للخطر.. وربما للدعوة بوضع المنطقة علي قائمة التراث العالمي «المُعرض للخطر».. وشدد علي ضرورة التأكيد علي شكر الزملاء الصحفيين الذين كشفوا عن عمليات الاتجار غير المشروع في أحجار الأهرامات.. وليس السعي لمُعاقبتهم بأي شكل من الأشكال، لأن لهم كل الشكر علي أنهم لفتوا الانتباه الي خلل في إدارة أحد أهم مواقع التراث العالمي.. ويستطرد: وإن منطقة الأهرامات في حاجة شديدة الي وضع إستراتيجية جديدة لإدارة هذا الموقع الأثري المُهم.. وأن المسئولية تقع علي عاتق وزارة الآثار، لتوفير كل جوانب الحماية لتلك المنطقة.. ودراسة سُبل الحماية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة.. كما يقترح إنشاء لجنة مُتخصصة لاستعادة المُمتلكات الثقافية المسلوبة من مصر تحت رئاسة رئيس الجمهورية. نهب وسلب نعود إلي القضية الأساسية في حوارنا.. لماذا لم تُحكم الدولة سيطرتها علي آثارنا.؟ قال د. عبدالعزيز صلاح: لاشك أن الآثار المصرية قد تعرضت للنهب والسلب المُنظم عبر عصورها التاريخية، منذ مطلع القرن الثامن عشر الميلادي علي يد البعثات الأجنبية العاملة في مصر، وما تبعه من اقتسام الآثار المُكتشفة بين الحكومة المصرية، وتلك البعثات، وهو القانون الذي عرف باسم» نظام القسمة»، الذي ظل قائماً لفترة طويلة، وقد ساهم في خروج آلاف القطع الأثرية النادرة من مصر، ومما أسهم في تدفق الممتلكات الثقافية المصرية إلي دول أوروبا هو عمل قناصل الدول الاجنبية في تجارة الآثار، حيث نجحوا في نقل الكثير من القطع الأثرية النادرة إلي بلادهم، وأضحت الممتلكات الثقافية المصرية النادرة موزعة في المتاحف العالمية، وعلي سبيل المثال، تمتلك إيطاليا عددا كبيرا من «المسلات» الفرعونية المصرية، ويمتلك متحف»اللوفر» في فرنسا، آلاف من التحف المصرية النادرة، بالإضافة إلي أجزاء مُهمة من بعض المقابر والمعابد الفرعونية، كما يمتلك متحف «برلين» في ألمانيا تمثالا نادرا يمثل رأس الملكة» نفرتيتي»، ويشتمل المتحف البريطاني في «لندن»، علي آلاف التُحف الأثرية النادرة من بينها«حجر رشيد»، وغيرها من المتاحف العالمية التي تضم بين جدرانها آلاف القطع الأثرية النادرة هدايا للضيوف واصل د. عبدالعزيز صلاح، مُضيفاً: لعل من أبرز الأسباب التي ساهمت في خروج هذه الاعداد الكبيرة من المُمتلكات الثقافية المصرية، قيام بعض حكام مصر بإهداء الضيوف قطعا من الآثار المصرية الأصلية.. فقد أهدي «محمد علي»، ملك فرنسا «لويس فيليب»، مسلة فرعونية مقابل ساعة القلعة، وأهدي الخديو «عباس الأول»، و«سعيد باشا»، جميع معروضات أول متحف للآثار الفرعونية في الأزبكية إلي ولي عهد إمبراطور النمسا، حيث أقيم متحف «فيينا» في النمسا، علي هذه التحف المصرية.. ومنها حالات كثيرة أهدت فيها الحكومات المصرية مجموعات كبيرة من الآثار مثل إهداء معبد «دندرة الصغير» بالنوبة، إلي الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام1974م، وإهداء معبد «دابور» إلي الحكومة الإسبانية، والمُقام حالياً في ميدان»مدريد» علي ربوة عالية، بالإضافة إلي خروج آلاف القطع الأثرية النادرة عبر الطرق غير الشرعية، والمُتمثلة في عمليات السرقة والتهريب للممتلكات الثقافية المصرية.. ويؤكد د. عبدالعزيز صلاح، أنه بات نهب المُمتلكات الثقافية المصرية وتصديرها بطرق غير مشروعة من المُمارسات الشائعة التي تطال في المقام الأول المواقع الأثرية، والمباني الدينية، والمؤسسات الثقافية، والمتاحف.. كما تطال المجموعات المتحفية وما هو السبيل لاستعادة هذه الآثار؟ أضاف د. عبدالعزيز صلاح: ان السبيل الوحيد لاستعادة ممتلكاتنا الثقافية المنهوبة يكمُن في تشكيل لجنة عُليا مُتخصصة تسهر علي وضع سياسات مُبتكرة، وجديدة لسرعة استعادة ممتلكاتنا الثقافية المسلوبة من خلال الفهم الواعي لكل النصوص الأساسية للاتفاقيات الدولية والمواثيق الخاصة، والمُدونات الأخلاقية، واتخاذ كل التدابير من أجل استعادة ممتلكاتنا الثقافية المسلوبة، وعودتها إلي موطنها الأصلي، والعمل علي تضافر كل الجهود لحماية الآثار المصرية والمحافظة عليها ونقلها للأجيال القادمة بصورة سليمة استرداد تمثال»سخم كا» ولكن ما الموقف الدولي تجاه التصدي لظاهرة سلب ونهب الممتلكات الثقافية للدول لمواجهه الاستيلاء غير المشروع؟ أجاب د. عبدالعزيز صلاح: الثابت أن المجتمع الدولي حاول التصدي لظاهرة سلب ونهب الممتلكات الثقافية من الدول، فوضع الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تمنع الاتجار غير المشروع في الآثار، كما وضعت المواثيق والمدونات الأخلاقية واللجان الدولية لحظر بيع ونقل الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، وتعزيز استعادتها إلي بلادها الأصلية، أو ردها في حالة الاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة.. وقد أبرمت عدة معاهدات واتفاقيات دولية متعددة الأطراف من أجل مكافحة هذه الظاهرة بشكل أكثر فعالية أهمها: اتفاقية لاهاي لحماية التراث الثقافي في حال نزاع مسلح عام 1954، وبروتوكولها في عام 1954، و1999، واتفاقية «اليونسكو» بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير، ونقل ملكية المُمتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة عام 1970، ويجب الأخذ في الاعتبار إلي أن هذه الاتفاقية لاتقف عائقاً لاسترداد المُمتلكات الثقافية بأثر رجعي- كما تم تفسيرها في بيع تمثال»سخم كا»- مما أدي إلي ضياع هذا الميراث الثقافي المُهم في تاريخ الحضارة المصرية القديمة- في بعض بنود هذه الاتفاقية الدولية في عدم استرداد الممتلكات الثقافية بأثر رجعي، في حين أن المادة الخامسة عشرة من نفس الاتفاقية تجيز استرداد الممتلكات الثقافية التي نقلت لأي سبب كان من مواطنها الأصلية قبل العمل بهذه الاتفاقية في الدول المعنية» من خلال عقد اتفاقيات خاصة فيما بينها، وكذلك بنود الاتفاقية المُتعلقة بتسجيل كل التراث في قوائم الجرد الوطنية، تم إلغاؤه في بروتوكول هذه الاتفاقية عام 1995، الخاصة باتفاقية «المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص»يونيدروا»، بشأن المُمتلكات الثقافية المسروقة، أو المصدرة بطرق غير مشروعة 1995. وواصل د. عبدالعزيز صلاح، قائلاً: هذا بالإضافة للاتفاقيات الدولية المعنية، فقد تم انشاء لجنة دولية حكومية لتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية إلي بلادها الأصلية أو ردها في حالة الاستيلاء غير المشروع من أجل معالجة الحالات الاستثنائية، وتم إنشاء صندوق دولي لإعادة الممتلكات الثقافية إلي بلادها الأصلية أوردها في حالة الاستيلاء غير المشروع يُمول بمساهمات طوعية تقدمها الدول، والجهات المانحة من القطاع الخاص، غايته دعم الدول الأعضاء في جهودها الرامية إلي رد أو إعادة الممتلكات الثقافية أدوات أخلاقية وما دور منظمة «اليونسكو» وماذا عن مدونة السلوك؟ أجاب د. عبدالعزيز صلاح: لقد أعدت مُنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، بعض الأدوات العملية والأخلاقية لمُكافحة الاتجار غير المشروع، لمواجهة تزايد المتاجرة غير المشروعة بالممتلكات الثقافية، وإدراكاً للصعوبات التي تواجهها السلطات الوطنية في التغلب علي هذه الظاهرة، أعدت اليونسكو بالتعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول»، والمجلس الدولي للمتاحف وثيقة بشأن «التدابير الأساسية الواجب اتخاذها فيما يخص القطع الثقافية المعروضة للبيع علي الإنترنت»، ويضيف: تتلخص في عمل جرد الممتلكات الثقافية من خلال نموذج تحديد هوية القطع، وكذلك عمل نموذج شهادة تصدير الممتلكات الثقافية المعد بالاشتراك بين اليونسكو ومنظمة الجمارك العالمية، كما تم إعداد مدونة السلوك الدولية الصادرة عن اليونسكو من أجل تجار الممتلكات الثقافية عام 1999م ومدونة السلوك الخاصة بالمتاحف الصادرة عن المجلس الدولي للمتاحف عام1986، والمنقحة في 2004م وإعداد القائمة الحمراء للقطع الثقافية المهددة الدعم القانوني وهل حققت تلك الجهود هدفها في استعادة مصر لمُمتلكاتها الثقافية المسلوبة؟ د. عبدالعزيز صلاح، أجاب قائلاً: «الثابت إن هذه الجهود الدولية، والمواثيق لم تسهم في استعادة مصر لممتلكاتها الثقافية المسلوبة بطرق غير شرعية، ولا تزال ممتلكاتنا الثقافية والتراثية تتعرض للسلب والنهب اليومي، في حين تقف القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية عاجزة عن مساعدتنا في استرداد هذه المُمتلكات الثقافية، ولذلك فإنني أدعو إلي تشكيل لجنة عليا من الخبراء والمتخصصين لاتخاذ كل التدابير لإستعادة مُمتلكاتنا الثقافية المسلوبة، وحصر التحديات الحقيقية، والعقبات الكبيرة التي تواجه مصر في استرداد مُمتلكاتها الثقافية المسلوبة، واستعادة آلاف التُحف الأثرية المصرية النادرة، وتقديم الدعم القانوني اللازم لاسترجاع ممتلكاتها الثقافية المسلوبة، وتنقيح التشريعات الوطنية لكي تتماشي مع القانون الدولي، وذلك لتيسير المفاوضات الثنائية ووضع المُمتلكات المُستردة في إطار هيئات مؤهلة لضمان سلامته.. كما تقوم اللجنة كذلك بتقديم الدعم التقني في مصر من أجل تعزيز التشريعات والقوانين الدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي.. كما تتولي اللجنة إعداد برامج التوعية في مصر، تُركز علي إبراز قيمة المُمتلكات الثقافية، وأهميتها في حياة الأفراد والشعوب، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة من أجل مكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، وإشراك المجتمع الدولي وتجنيد الرأي العام العالمي في مساندة مصر في استرداد ممتلكاتها الثقافية المسلوبة بطرق غير شرعية. والاستفادة من أعمال اللجنة الدولية الحكومية لتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية إلي بلادها الاصلية» اليونسكو» عام 1978، لأنها توفر إطار فريد للتفاوض من أجل استعادة المُمتلكات الثقافية، وتسهم بتسوية النزاع بطرق غير قضائية. وكذلك مدونة اليونيسكو الدولية للسلوك الأخلاقي للتجارة في الممتلكات الثقافية 1999م، ومدونة المجلس الدولي للمتاحف»أيكوم»، وهي مبادئ مُلزمة أدبيا لا تقترن بعقوبات قانونية، بالإضافة إلي تفعيل التعاون مع الإنتربول الدولي لاسترداد ممتلكاتنا الثقافية المسلوبة، واعتبار عام 2016 عام استرداد الممتلكات الثقافية المسلوبة من مصر