الأسباب التي أتت بالمحافظين الجدد هي نفس الأسباب التي كانت سبباً في خروج المحافظين السابقين!! تماماً كما حدث ويحدث في كل حركة تغيير المحافظين، خروج ودخول نفس الوجوه والشخصيات والافكار والممارسات، الخروج بسبب تدني الاداء والاخطاء القاتلة للمسئولين سياسياً وجماهيرياً وتنفيذياً، عدم القدرة علي الانجاز وانخفاض حالة رضا المواطنين عن الخدمات التي تقدم لهم بل وانعدامها علي الاطلاق كما في حالات الصرف الصحي الذي تفتقده 80٪ من قري مصر علي مستوي الجمهورية وعدم توافر مياه نظيفة للشرب واختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي في قري ومناطق تقترب من عواصمالمحافظات تدني الخدمة الصحية وفشل ذريع في إدارة المنظومة الصحية، رغم انه لو احسنت ادارتها بالامكانيات الموجوده فإن الخدمة تتحسن بصورة مرضية وكبيرة. العملية التعليمية ايضاً ينطبق عليها ما ينطبق علي الخدمة الصحية، فشل في إدارة منظومة التعليم بعيداً عن المحتوي العلمي والتربوي لمنظومة التعليم. البطالة وعدم وجود افكار للمحافظين لاحتواءها في مشروعات بيئية وصناعات حرفية وصغيرة ومتوسطة بالمحافظات التي تعاني من البطالة تدفع ابناءها للهجرة إلي الداخل في القاهرة او الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط مع افتراض توقع مواجهة الموت.. المشروعات كثيرة ومتنوعة فمشروعات تدوير القمامة التي فشلت محافظات مصر في التعامل معها لا تحتاج سوي اقامة وحدات تدوير القمامة وانتاج طاقة كهربائية وانتاج اسمدة وخامات مختلفة ومتنوعة تصلح للاستخدام المباشر او الدخول في صناعة أخري.. لكن الجميع اكتفي بمشاهدة جبال القمامة والمخلفات في الشوارع الرئيسية وأمام الاجهزة والمؤسسات ولا أحد يتحرك الا لنقلها من مكان إلي آخر لاستقبال كميات جديدة من المخلفات لتحتل نفس المكان حتي اصبحت تلك المقالب علامات مميزة تعرف بها الشوارع والصناديق! العشوائيات التي تحاصر المؤسسات وتسد الشوارع والطرق الرئيسية وتحول دون مرور الناس في الطرق وسدها دون اي تحرك للأجهزة المحلية او المرورية، وذلك بسبب فشل المحليات في انشاء اسواق تخدم المواطنين في المدن والقري والتجمعات المختلفة. مشاكل تقليدية تاريخية اصبحت واقعاً يفرض نفسه علي الجميع ولا أحد يريد ان يأخذ قرارات صعبة، لكنها ستعيد الامور الي وضعها الصحيح، وحتي احكام القضاء لا تنفذ بحجة تقدير الموقف الامني الذي غالباً ما يكون ان الموقف الامني لا يسمح بالتنفيذ وينعم المخالف او المغتصب بما ارتكبه من اخطاء وجمعه من مكاسب وأرباح! من خرجوا لم يفعلوا او ينجزوا شيئاً من كل هذه المشاكل ربما لان موظفي المحليات الذين يتمتعون بمواهب وخبرات لا تتوافر لاي مخلوق من خارج اطار المحليات وعقدوا اتفاقيات غير مكتوبة من حيتان المحليات المتعاملين مع مسئولي المحليات وأي محافظ مهما أوتي من قوة وقدرة علي العمل لن يستطيع ان يتحرر من قيود القوانين واللوائح والقرارات التي تحكم عمل المحليات وتلك القوانين بها كل شيء ممكن تسمح بالتجاوز عن المخالفات، وبعضها لا يسمح بتجاوز اي مخالفة والبعض الآخر منها تصالح، والبقية للتنكيل بالشرفاء من المتعاملين مع المحليات ممكن ويجد المحافظ نفسه محاصرا بتلك الغابة من التي يعجز اي مسئول عن حصارها قبل ان تحاصره. اما الداخل الجديد من المحافظين الجدد فيقسمون علي رعاية مصالح المواطنين والتصدي لكل هذه المشكلات فلا نسمع او نري سوي نجاحات قليلة لبعض السادة المحافظين مقابل فشل الكثرة في تحقيق اي نجاح. المشكلة ان من خرجوا ليسوا أقل ممن دخلوا الخدمة وتحملوا مسئولية العمل وأن من يعترض علي الجديد فإننا نسمع من اصحاب القرار ان الغالبية من المرشحين رفضوا العمل او الترشيح للعمل كوزراء او محافظين! الحل: لماذا لا نعطي فرصة للقيادات الإدارية التي تربت في المحليات وحققت نجاحاً في المواقع التي تولتها وتتمتع بالنزاهة والقدرة علي العمل والابداع ويتم ترشيحها للحصول علي دورات تدريبية في الخارج علي نظام الإدارة المحلية المتقدمة لماذا لا نعطي لهؤلاء فرصة تولي منصب المحافظ، لماذا لا نعطي الامل لتلك القيادات في الترقي والوصول الي قمة العمل المدني في قطاع من أخطر قطاعات الدولة بل هو القاعدة الاساسية التي إذا نجحنا في اقالتها من عثرتها واتحنا لها فرصة الانطلاق والرقي نكون قد حققنا نجاحاً لا يعادله اي نجاح لاننا لو وصلنا الي هذا النجاح فإن الاستثمار سينطلق الي آفاق غير محدودة لان المشروعات تقام في تلك المحافظات وليس في الفضاء والاستثمار يحتاج الي خدمات ستقدمها له المحليات وسيتضاعف اعداد السياح لان المناطق السياحية ايضاً داخل المحافظات وليست مناطق حرة بعيدة عنها، وسيرتفع مستوي الصحة والبيئة ستمنع عنها مصادر التلوث، باختصار المحليات هي القاعدة الاساسية للانطلاق لانها حاضنة لكل مجالات العمل الوطني. لماذا لا نجرب؟ توازن السلطة المصرية لا أتوقع انه سيحدث شيء يغير من توازن السلطة في مصر في 25 يناير الحالي، ان محاولة التمرد علي السلطة القائمة لم تتوفر لها بعد الاسباب الموضوعية التي تحشد الجماهير حشداً يشكل تهديداً للسلطة ومرد ذلك الي سببين السبب الاول: ان قطاعاً واسعاً من الجماهير المصرية لا يزال يمنح ثقته للرئيس عبدالفتاح السيسي ولا يزال يأمل خيرا في عبور الازمة الاقتصادية الحارقة التي يتعرض لها الوطن. السبب الثاني: ان الناس قد جربت التحركات الجماهيرية وعانت كثيراً من اضطراب الامن وغياب سلطة الدولة. لذلك لا أتوقع نجاحاً للدعوة إلي التظاهر في 25 يناير الحالي، لكن لا أريد النظر باستهتار الي مثل هذه التحركات حتي ولو كانت تحركات صغيرة ومتابعدة، لانها تكشف انكماشا في الاجماع الوطني فقبل عام ونصف العام من الآن كان هناك اجماع عارم علي قدرة الرئيس عبد الفتاح السيسي علي قيادة سفينة الوطن بجدارة، لكن هذا الاجماع بدأ يتفكك وإذ ظهر لنا هذا التفكك هيناً وغير مؤثر إلا اننا يجب ان نأخذ في اعتبارنا ان الجماهير لن يطول صبرها علي الاوضاع الاقتصادية الصعبة والتي تتفاعل بسرعة تؤدي إلي التضييق علي المواطن في حياته وعلي الشباب في مستقبلهم. ولاشك ان انتظار حلول تأتي من قبل الرأسمالية، المصرية حديثة التشكل التي أنجبها الانفتاح الاقتصادي هو انتظار غير مجد ، والاعتماد علي اصحاب رؤوس الاموال الضخمة في قيادة سفينة التنمية او توفير فرص عمل للشباب هو وهم فالاحداث تثبت ان نهم هذه الشريحة لا سقف له وأنها تتأهب للانقضاض علي مراكز سياسية وبرلمانية مؤثرة وأنها ماضية في طريقها من تكديس الاموال بطرق غير مشروعة دون مراعاة للصالح الوطني، ذلك هو لب الأزمة السياسية في مصر. وللخروج من هذه الازمة يتمثل في ان تقود الدولة تنمية حقيقية مدروسة تستثمر فيها فوائض الاموال التي في أيدي الطبقة الوسطي وتستثمر فيها فوائض الذين يبحثون عن فرص عمل، اما اكتفاء الدولة بترديد شعارات سابقة عن أهمية جذب الاستثمار، فليس أكثر من تمديد لاوهام لا جدوي منها، فقد وصلت نسب التضخم الاقتصادي في مصر الي مستويات تطرد أي مستثمر ليس هذا فقط بل ان هذا التضخم الذي صنعته الطبقات الطفيلية عبر المضاربة وعبر التكويش علي الاموال والاقتراض الواسع من البنوك، هذا التضخم قد ادي الي افلاس 700 مصنع مصري وتوقفه عن الانتاج حسب البيانات الرسمية. إذا كان المستثمر المحلي لم يعد يستطيع الاستمرار في العملية الانتاجية لارتفاع تكاليف الانتاج فكيف نتوقع ان نجلب استثماراً أجنبياً! ان الاقتصاد المصري يحتاج الي قرارات حاسمة قد يكون بعضها مؤلماً لكنه ضروري لاستمرار بقاء هذه الامة. التعليم في محنة! إذا كنا لم نستطع بعد ان نصل الي تطوير المحتوي التعليمي ولم نصل بعد الي تجربة تعليمية ناجحة في العالم لكي نطورها ونطبقها في مصر، فإن المفاجأة اننا وجدنا بعض الدول الاسكندنافية تطبق النظام التعليمي المصري القديم الذي كان مطبقاً في الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي وانتج لنا العلماء والخبراء في المجالات المختلفة، واقتصرت عملية تطوير التعليم في ان جعلت ابناءنا فئران تجارب وانحصر التطوير في اختصار المرحلة الابتدائية في خمس سنوات والغاء الصف السادس الابتدائي، ثم مط فترة التعليم وجعلها تحت مسمي فترة التعليم الاساسي بدمج التعليم الابتدائي والاعدادي في مرحلة واحدة، ثم يأتي نفر من المسئولين لكي يفك هذا الدمج ويعيد الامور والعودة للصف السادس مرة اخري وينقسم نظام الثانوية العامة الي ثلاث شعب بدلاً من شعبتين العلمي الي قسمين علمي علوم وعلمي رياضة، ثم يقسم القسم الادبي الي قسمين وتوزيع المواد الدراسية علي القسمين من خلال مرحلتين تبدأ العام الثاني والثالث للثانوية العامة، والغاء النظام القديم ثم العودة اليه مرة أخري إلي جانب تعدد انظمة التعليم في المرحلة الواحدة في مصر بصورة تهدم الهوية الوطنية والقومية.. تطبق انظمة اجنبية متعددة للشباب والنشء مع الاصرار علي تعدد التجارب والانظمة التعليمية التي حققت فشلاً ذريعاً في كل مراحلها في ابعادها العلمية والاجتماعة! واصبحت الدروس الخصوصية هي سيدة الموقف رغم انف الحكومة التي رفعت يدها مستسلمة ومعترفة بهذه الازدواجية وفشلها في القضاء عليها حتي ان حكومة محلب قننت هذه الظاهرة وحاولت ان تزاحم اباطرة الدروس الخصوصية وانشئت مراكز للدروس الخصوصية معترفة بفشل المدارس الحكومية التي اقتصر دورها علي منح الشهادات وعقد الامتحانات تحت مظلة ظواهر الغش الجماعي والالكتروني الشيطانية. هل من منقذ من هذا التخبط والفشل؟ الأرض ليست للموظفين رغم سعادتي الشديدة وفرحتي الغامرة وأنا أشاهد الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو يعطي إشارة البدء في مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان والبدء باستصلاح المرحلة الأولي بمساحة عشرة آلاف فدان كانت زيارة الرئيس السيسي للمشروع وتفقد المنشآت الحديثة والمعدات العملاقة المستخدمة في عمليات الري والطرق والقرية الحديثة، بل إنها مدينة رائعة متكاملة يفخر بها كل مصري. المشروع غاية في الروعة يبعث الأمل في النفوس ويشعل نشاط ملايين العاطلين الذين يبحثون عن عمل منتج حقيقي يضيف إلي الناتج القومي المصري ويصب فيه جهود وطاقات وابداعات أبناء مصر المتطلعين لحياة أفضل بعد معاناة أربعة عقود من الزمان فقدوا خلالها الأمل، لكن المشروع الجديد أعاد فيهم روح العمل والعطاء والمشاركة علي أرض مصر. كلمات الرئيس التي خرجت من القلب غزت القلوب بعد أن انتهج سياسة جديدة غير مسبوقة وهي الإنجاز قبل الكلام والإعلان، ومفاجأتنا بتلك الإنجازات الحقيقية.. لكن علي هذا الجهد والعمل والإنجاز الذي تحدثنا عنه كثيرا لم تكتمل فرحتي بسبب ان بعض الموظفين الذين مازالوا كما هم ولم يتغيروا سواء كانوا من صغار كبار المسئولين مازال فكرهم كما هو ولم يدركوا أننا قمنا بثورتين كبيرتين عظيمتين للقضاء علي الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.. ولأنهم كما هم لم يدركوا جهود الرجال المخلصين من القوات المسلحة والحكومة والرئاسة، لإنجاز هذا المشروع القومي الخلاق الذي سيغير خريطة مصر السكانية والاجتماعية لم يفكروا لمن تم إقامة هذا المشروع وهم الشباب العاطلون ولم يفكروا بل بالتأكيد فكروا ولكن فكرهم كان فاسداً متخلفاً ولم يصدقوا انفسهم ان هذا المشروع لتوفير حياة كريمة لمن لا عمل لهم من القادرين علي بذل الجهد والعطاء والإنتاج، فكروا وذهبوا لايجاد ممثل يقوم بدور فلاح! أي والله جابوا موظف وكلفوه ليقوم بدور فلاح هو وأسرته زوجته وأبناؤه الأربعة بعد أن تم التقدم ضمن أربعة أفراد للقيام بهذا الدور «التمثيلي».. «اخطاروه» لتمثيل الدور وهم يعلمون أنه رئيس قسم العلاقات العامة بالإدارة التعليمية بالفرافرة! اختار المسئولون رئيس قسم العلاقات العامة وكأن الوادي الجديد ومصر قد خلت من ملايين الفلاحين بمختلف محافظات مصر ولايجدون عملا وضاقت عليهم الأرض الزراعية في بر مصر فكان قرار تبني الرئيس السيسي لمشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان لكي يوفر للملايين من أبناء مصر الذين يجيدون مهنة الزراعة. وأحضروا الأستاذ سيد رئيس قسم العلاقات العامة ليعمل فلاحا.. لاليمثل دور الفلاح أمام رئيس الجمهورية! ألم يكف كبار صغار المسئولين ما فعلوه من فساد في توزيع الأراضي قبل ثورة 25 يناير بمساحات تبلغ مئات بل آلاف الأفدنة علي رجال الأعمال وأصدقاء وأقارب ومحبي صغار كبار المسئولين، كما وزعوا عشرات الأفدنة ذراً للرماد في العيون علي عدد من الشباب خريجي الجامعات من كليات الحقوق والتجارة والآداب فقام الغالبية العظمي منهم بتسقيع هذه الأفدنة وبيعها وجلسوا علي المقاهي والكافيتريات أما خريجو الزراعة وأعدادهم بالآلاف لم يحصلوا علي متر من الأرض. وسعيد الحظ منهم تم تعيينه بعقد عمل في وزارة الزراعة بمبلغ ستين جنيها في الشهر.. منذ أيام يوسف والي حتي اليوم ومنهم من لم يتقاض راتبه منذ شهور طويلة ومنهم من ينتظر حتي اليوم لكي يشاهد رئيس قسم العلاقات العامة بعد أن يتسلم منزلا ريفيا أوروبيا يشتمل علي كل مستلزمات وضرورات الحياة الريفية الأوروبية إضافة إلي وظيفته التي يتقاضي عنها مرتبا محترما.. ماذا ننتظر وماذا يفعل الشباب الذي ينتظر أن يتحقق الأمل ويجد عملا شريفا ثم استيقظ علي هذا المشهد الصادم! هل سيتم توزيع هذه المساحات من الأراضي التي يشملها المشروع القومي لاستصلاح 1.5 مليون فدان بنفس الطريقة؟ أم أن عمال الزراعة وخريجي كليات الزراعة الذين يعدون بالآلاف ولم يجدوا عملا في الزراعة حتي الآن سينتظرون مشروعا قوميا آخر لكي يتحقق حلمهم لأنه يبدو ان توزيع أراضي المشروع ستتم بطريقة «الفرافرة».. أم أننا نسير علي سياسة جديدة في التعليم وهي تعيين خريجي الزراعة في الخارجية وتوزيع الأراضي الزراعية علي خريجي الحقوق وذلك هو التقدم الفعلي! وتلك هي الطريقة التي سيتم توزيع المليون ونصف المليون فدان علي من لا يستحقون.