في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . مزيج فريد في النشأة والتربية.. جعل منها «فيلسوفة الداعيات».. ونموذجا للفكر الديني المستنير.. خاضت معارك فكرية عنيفة بسبب سعيها الدائم لإنصاف المرأة ودعم فرصها في التعليم المناسب والمناصب القيادية.. ومطالبتها بالعودة إلي صحيح الدين لمعرفة ما يحاول البعض إنكاره من حقوق المرأة. هي د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة.. والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بالاسكندرية جامعة الأزهر.. وعضو المجلس الأعلي للشئون الاسلامية.. وهي ايضا النائب الجديد بمجلس النواب بعد نجاحها في الصعيد عن قائمة في حب مصر. ........................... ؟ تربيت في أسرة صعيدية ثرية.. والدي محمد نصير كبير العائلة ومن أعيان قرية موشا بأسيوط.. كنا ثلاث بنات وولدا..عشنا في بيت كبير مزدحم بالضيوف والمناسبات.. وكان من عادة أهل الصعيد بقاء البنت قي المنزل بعد التعليم الأساسي انتظارا للزواج.. حدث هذا مع شقيقتيّ.. لكني تمردت وطلبت من أبي إكمال تعليمي في اسيوط.. رفض في البداية.. وبقيت عاما كاملا في المنزل.. كنت خلاله تقريبا في حالة مقاطعة للبيت.. أكتفي بالاستغراق في قراءة الصحف داخل غرفتي.. وأخيرا استعنت بناظر مدرستي وطلبت منه اقناع أبي.. وزارنا بالفعل واقنعه بنبوغي.. وعرض عليه إلحاقي بمدرسة داخلي حتي لا أخرج ولا أري أحدا. والتحقت بالمدرسة الأمريكية بأسيوط.. وهي مدرسة كبري مدرسوها أجانب درست بها 12عاما.. لأخوض حربا أشد من أجل الالتحاق بالجامعة.. ساندتني فيها أمي وزوجة خالي حتي التحقت بكلية البنات.. ثم خضت حربا أخري لمقاومة فكرة الزواج طوال الدراسة.. حتي تزوجت بعد تخرجي مباشرة. ........................... ؟ لم أتوقف أبدا عن الدراسة والعمل.. فبدأت الماجيستير عقب تخرجي مباشرة عن شخصية صعبة هو جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي.. ومن بعدها الدكتوراه.. وبالإضافة لعملي كأستاذ للفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر.. توليت العديد من المناصب مثل عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر في الإسكندرية.. وأستاذ زائر في جامعة ليدن بهولندا وفي الأكاديمية الإسلامية بالنمسا.. بالإضافة لعضويتي بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية والإتحاد العالمي للعلماء المسلمين. ........................... ؟ من المحطات المهمة جدا في حياتي.. تكليفي من الدكتور عبد الفتاح الشيخ مؤسس جامعة الأزهر الحديثة.. بتأسيس كلية الدراسات الإسلامية فرع الأزهر في الاسكندرية.. كان قرارا صعبا.. لكنني قسمت حياتي بين عملي بالاسكندرية واسرتي وبيتي في القاهرة.. وأخلصت في العملين.. فأسست الكلية حجرا وبشرا وعلما ومنهاجاً.. وربيت أبنائي الاربعة علي حب العلم والتفوق والإصرار.. ولم أفرق أبدا بين الولد والبنت.. وجميع ابنائي حصلوا علي الدكتوراه وتزوجوا وانجبوا والحمد لله..«ابتهال» رئيس قسم الفارماكولوجي بصيدلة عين شمس.. و«الشيماء» دكتوراه في الفلسفة من آداب عين شمس وعاشقة للفلسفة والتنظير مثلي.. و«دعاء» عاشقة للقانون تأثرا بوالدها المستشار الدمرداش العقالي وحاصلة علي الدكتوراه في القانون من جامعة أدنبره.. وكذلك ابني المستشار الدكتور محمد الدمرداش نائب أول رئيس مجلس الدولة. ........................... ؟ لم أنس أبدا أني امرأة وأم وربة بيت.. فكما أهتم بالعلم وتربية العقل وبناء الشخصية.. أهتم أيضا بالجمال والموضة والأناقة.. فأحرص علي مظهري وأختار الألوان الجميلة في إطار الاحتشام وفي إطار ما يناسبني.. وأكره السمنة وأقلل الطعام حفاظا علي الجسم والصحة.. واهتم بما يحسن البشرة.. وبناتي جميعا جميلات أنيقات.. وأدعو المرأة المصرية للاهتمام بعلمها وثقافتها وأيضا بشكلها ورشاقتها وأناقتها.. وابتسامتها. ........................... ؟ أجيد صناعة الفطير المشلتت وطاجن الفريك الصعيدي باللحم.. وأنا لا أهتم كثيرا بالطعام..«لكن لازم أعمل لأحفادي الفطير في المناسبات العائلية».. علاقتي بالرياضة كانت فقط أيام المدرسة من خلال التنس والكرة الطائرة.. أما في الجامعة ففضلت الأنشطة الثقافية. ........................... ؟ لم أندم علي شئ في حياتي.. فرغم شعوري أحيانا بأني قسوت علي نفسي في العلم والعمل والدراسة والمعارك الفكرية.. إلا أن جيناتي الصعيدية القوية تتغلب سريعا.. فالمرأة الصعيدية تحمل أقوي جينات النساء في العالم العربي وإذا أرادت شيئا لا يقف أمامها حائل ويكفي ان الله منحني النجاح والفوز في معارك كثيرة خلال حياتي. ........................... ؟ من المواقف التي لا أنساها حينما شاركت في حضور مؤتمر جنيف الذي نظمته كنائس أوربا مجتمعة بعد سنوات من أحداث 11 سبتمبر.. التي خلفت توترا في العلاقات بين الأديان.. وقتها قدمت نفسي في جملة واحدة «أنا المسلمة التي تحب الإنسان الذي كرمه الله في كل زمان ومكان.. أيا كان لونه أو دينه أو جنسه» وقد ساهمت كلماتي في إذابة الجليد خلال المؤتمر.. وانتهت توصياتنا إلي أن الأديان بريئة من الإرهاب وأن السياسة هي التي تصدر للشعوب الأعمال القذرة وتحتمي بالدين.. وكان مؤتمرا مشهودا أودعت نتائجه بالأمم المتحدة . ........................... ؟ أعشق الناي الصعيدي.. وصوت عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز.. ومسلسلات أسامة أنورعكاشة..وأعشق الموسيقي الاسبانية ورقصاتهم الشعبية.. فالفن أعظم شئ يرقق النفس البشرية.. والرسول قال : روحوا عن القلوب.. والإمام الغزالي قال : من لا تطربه نغمات العود.. فاسد المزاج . ........................... ؟ د.آمنة لها وصفات رائعة للصحة والجمال – كما تقول ابنتها شيماء - أولا وصفة الجليسرين بالليمون في فصل الشتاء لحماية البشرة من الجفاف.. ووصفة الزبادي بالعسل لزيادة المناعة «..هي أيضا تقدر المشاعر ولم تقف في وجه اختياراتنا في الزواج. ........................... ؟ وأخيرا تقول د.آمنة عن أحلامها: أحلم لمصر ألا تمد يدها لأحد.. ولجامعة الأزهر أن تستعيد مكانتها العلمية.. فالكليات الأصولية لم تعد علي ما كانت عليه من قوة ورونق.. ولا الكليات العملية - التي جارت ميزانيتها علي باقي الكليات – ارتقت عن نظائرها في الجامعات الأخري. أتمني أيضا النجاح في التكليف الجديد بمجلس النواب.. وأن أحقق ما أتمناه في مجال التعليم وحقوق المرأة. وتبتسم قائلة: أحيانا أحلم بالراحة والهدوء والاسترخاء علي فوتيه ومشاهدة التليفزيون مع فنجان القهوة.. لكنني أفيق سريعا وأتذكر أنني يمكنني استثمار هذا الوقت في انجاز ما يفيد الناس ويضيف إلي رصيدي في الدنيا والآخرة .