شكرا للأجهزة الرقابية هذه البداية الموفقة.. لكن الشعب يترقب وينتظر ويأمل أن تمتد الحرب علي الفساد لتدخل جحور وعشش المفسدين من القاع إلي القمة تعودت خلال سنوات عملي الطويلة في بلاط صاحبة الجلالة ألا أقف عند المعني المباشر لسطور وكلمات أي خبر أقرأه سواء في الصحف المصرية أو العربية أو العالمية وأن تنشط أفكاري في تحليل واستنباط مابين السطور !.. ومابين السطور يكون أحيانا أكثر أهمية وإثارة مما هو فوق السطور من كلمات ومعان مباشرة !.. لهذا توقعت وتنبأت بأن خبر مقابلة الرئيس السيسي لرئيس جهاز الرقابة الإدارية قبل أسابيع قليلة بعد التغييرات التي أجراها الرئيس في تلك الأجهزة الرقابية ليس خبرا يمر مرور السلام والكرام ،وانما هو يحمل بين سطوره معني آخر شديد الأهمية هو أن الرئيس أعلن الحرب علي الفساد بكل صوره وأشكاله ودون حسابات أو مواءمات أو اعتبارات يستفيد منها أي فاسد مهما كان اسمه أو بلغ نفوذه أو علا منصبه.. وهذه الرسالة كان يجب أن تصل في الحال إلي مراكز الفساد والمفسدين ، خاصة والرئيس أعلن تكرارا ومرارا أنه غير محمل بفواتير لأحد.. وأنه لن يتردد لحظة واحدة في إزاحة أي فاسد من المشهد السياسي والاجتماعي.. ولأن الطمع والمكاسب الهائلة التي يحققها المفسدون من جرائمهم تعمي أبصارهم بعد أن عميت بصيرتهم نسوا أن رأس الدولة وزعيمها قادم من أكبر جهاز معلومات في مصر وأنه كان ومن المؤكد أنه سيختار الوقت المناسب لضرب بؤر الفساد وتقديم أصحابها إلي القضاء المصري العادل.. بالفعل حذر الرئيس السيسي ونبه في أكثر من مناسبة من أن مصر لن ترحم أي فاسد وهي في تلك المرحلة الدقيقة والعصبية من تاريخها لأنه لاتنمية ولاتقدم اقتصادي والفساد ينخر في جسد الدولة الاقتصادي منذ سنوات طويلة قبل تولي السيسي مقاليد الحكم.. لكن يبدو أن الأغبياء لم يفهموا الرسالة أو تجاهلوها ظنا منهم أن ماكان يحدث في الماضي من شعارات جوفاء لم تتغير.. ونسوا أيضا أن السيسي الذي يقود سفينة الوطن نحو بر الأمان لن يتركها تغرق.. بل نسوا أن السيسي الذي أعلن الحرب ضد الأرهاب يدرك جيدا أن بؤر الفساد لاتقل خطورة علي الوطن من بؤر الإرهاب لأن النتيجة واحدة في الجريمتين وهي ضرب اقتصاد الدولة وتقويض بنيانها وتدمير مؤسساتها.. لهذا كان القبض علي وزير الزراعة ومعاونيه في قضية رشوة كبري عنوانا ضخما لبداية الحرب علي الفساد الذي وصل إلي حد خراب الذمم المالية لبعض كبار المسئولين.. وواكب خبر القبض علي وزير الزراعة ومعاونيه خبر القبض علي حمدي الفخراني الذي كان يقدم نفسه للمجتمع باعتباره رئيسا لجمعية مكافحة الفساد ثم تم ضبطه متلبسا بالصوت والصورة يتقاضي مليون جنيه في قضية ابتزاز ونصب وكان المليون جنيه عربونا لملايين الجنيهات الأخري التي سيتم تسليمها له مقابل التنازل عن قضايا سوف تكلف الدولة مليارات الجنيهات في التحكيم الدولي !.. وهكذا يبدو أن قضيتي وزير الزراعة والفخراني ماهما إلا عملية تسخين تسبق مباراة كبري سوف تحرز فيها الأجهزة الرقابية أهدافا بالجملة في مرمي لصوص الشعب وحرامية المال العام.. لكن نحن كشعب هل سيكفينا القبض علي الكبار بينما عشش ومواطن الفساد تكمن في العديد من أجهزة الدولة وتتخذ صورا وأشكالا» علي كل لون ياباتستا « كما يقولون ؟!.. الشعب يريد أن تنطلق سهام الأجهزة الرقابية في كل الاتجاهات.. ونحو كل مظاهر الفساد وأهمها المحسوبية ،والرشوة ومايحدث في المزادات والعطاءات ، والاحتكارات وتعطل المشروعات ، وتعوق وسائل الانتاج وتضرب التنمية في مقتل !.. ولم يعد سرا أن المحليات تأتي علي رأس أولويات الحرب ضد الفساد لأن الشعب يدوخ السبع دوخات لكي يحصل علي حق من حقوقه من خلال ذئاب المحليات ، والمرافق الخدمية في الدولة ، ناهيك عن عمليات الاتجار في أراضي الدولة وآثارها والفساد المستشري في قطاعات الصحة والتعليم ،والاسكان والزراعة وهو مايضيع علي الدولة مليارات الجنيهات!.. لو كنا صادقين وهذا يقيني في هذه الحرب الضروس ضد الأرهاب فلابد أن نسرع ونسارع في تطهير مؤسسات الدولة من هؤلاء المفسدين والإعلان عنهم وإعادة عقوبة التجريس لمن يثبت فساده حتي يكون عبرة لغيره ، فلا يمكن أن نطالب المواطن الشريف بزيادة الإنتاج والتضحية من أجل الوطن، بينما يري اللصوص والفاسدين يسكنون القصور والمنتجعات ويركبون أحدث موديلات السيارات ، وتتضخم أرصدتهم في البنوك ، والشرفاء يكملون عشاءهم نوما ومطلوب منهم أن يتفانوا في خدمة وطن ينهبة الحرامية..