استطاع صلاح جاهين ببساطته وتلقائيته التعبير عن كل ما يشغل بال البسطاء بأسلوب يسهل فهمه واستيعابه وهو ما جعله فارساً يحلق برسوماته وكلماته في فضاء الفن الواسع ويطوف بين مختلف طبقات الشعب المصري، فهو شاعر ورسام كاريكاتير، وكاتب سيناريو، لم يستكمل دراسته في كلية الفنون الجميله، ولكنه درس الحقوق لتحقيق رغبة والده الذي كان يعمل مستشارا والذي كان يتمني ان يري ابنه مثله يعمل في نفس المجال، ولكن الفنان اختار طريق آخر أبدع فيه وكتب لنا مئات القصائد التي تنوعت ما بين الزجل والشعر العامي والشعر الشعبي وتحولت إلي أغنيات تغني بها مشاهير المطربين والمطربات من أغاني الحب والوطنية والخفيفة، وكتب أيضا العديد من الاوبريتات الغنائية أشهرها أوبريت الليلة الكبيرة الذي ما زال يحتفظ بتألقه حتي يومنا هذا، غير مئات الرسومات الكاريكاتيرية التي كان يرسمها أسبوعيا في مجلتي صباح الخير وروز اليوسف قبل أن ينتقل إلي صحيفة الأهرام فكان يلخص في رسومه اليومية بصورة كاريكاتيرية ساخرة الموقف السياسي السائد آنذاك. وكان صلاح جاهين قد بدأ يكتب الشعر الكلاسيكي في أواخر الأربعينات قبل أن يبلغ العشرين من عمره. وفي يوم قرأ قصيدة بالعامية المصرية لشاعر لم يكن قد سمع به آنذاك ، فقرر التعرف إليه ثم تبين أنه الشاعر الكبير فؤاد حداد، الذي أثر فيه تأثيرا كبيرا وجمعتهما صداقة عميقة استمرت حين تزوج ابن صلاح جاهين، وهو شاعر أيضا من ابنة فؤاد حداد. الحياة كانت معزوفة عميقة الاحساس الذي عاشها الفنان الكبير بين الناس وبينه وبين نفسه والتي عكسها في رباعياته : يا بخت من يقدر يقول واللي ف ضميره يطلَّعه يا بخت من يقدر يفضفض بالكلام وكل واحد يسمعه يقف في وسط الناس ويصرخ : آه يا ناس ولا ملام ييجي الطبيب يحكي له ع اللي بيوجعه يكشف مكان الجرح ويحط الدوا ولو انكوي يقدر ينوح وأنا اللي مليان بالجروح ما اقدرش اقول ما اقدرش ابوح وبين الرباعيات وكتابة الاشعار والقصائد الوطنية سجل جاهين ملاحم غنائية مازلنا واقعين تحت تأثيرها رغم تغير أحداث وقائعها لأنها عكست مشاعر عاشق صادق في حبه لمصر بكل عفوية واقتدار .. لقد كان جاهين شاعر الثورة المصرية وصاحب اشهر القصائد والأشعار التي تغنت بالثورة والتي كان لها أثر كبير في حركة النهضة الفكرية التحررية المواكبة للثورة ، فقد راح في رسومه وكلماته وأناشيده وأشعاره يرسم ملامح المجتمع الحر القادم في عيون شباب وصبايا يعانقون أحلام الحب الجميل والحرية الاجتماعية والتحرر الفكري البادئ بالذات والممتد نحو الانسان في كل مكان .