متزامنة مع احتفالية «يوم البيئة العالمي» غداً تأتي هذه المقالة : عجبت لمقولة «من ذاق عرف»مع هؤلاء العابرين للصحراء خلال وديانها والنوم في كهوفها وامتطاء جمالها، هذه البيداء التي لا يمكن تجاهل وجودها ورسلها الدائمة من حبيبات رمالها الساكنة التي تلقيها علي كل المدن والقري الواقعة في أطراف وادٍ ودلتا ضاقا بسكانهما، ومعها ترنيمة خروج مستمرة إلي رحابة الصحراء وكنوزها البيئية والطبيعية.. وتؤكد أدبيات الاكتشافات الأثرية، وجود حضارة مصرية قد سبقت الحضارة الفرعونية في الصحراوين الشرقيةوالغربية لمجري نهر النيل، حيث كانت تجري هناك أنهار في وديان الصحراء الشرقية وبحيرات العصر المطير في الصحراء الغربية، ومنها البحيرة التي ملأها بحر الرمال الأعظم، وكذلك مناطق زراعية غير معزولة من الحشائش قامت عليها تجمعات بشرية وكانت المراكب وسيلة الاتصال بينها، ومن تحليلات فضائية وجدت بحيرة عظيمة من المياه العذبة قامت علي شواطئها حضارة عريقة أسفل بحر الرمال العظيم.. وتملك هذه الصحراء ميزات نسبية هامة للاستثمار في مجال السياحة البيئية، فهي تحتوي علي تراث ثقافي فريد وقيم بيئية وجمالية ذات أهمية دولية من النواحي الطبيعية والجيولوجيةوالحضارية،ومنها الأنواع النباتية والحيوانات والطيور النادرة والمهددة بالانقراض، وأيضاً محلاتها العمرانية وأديرتها ومعابدها وآثارها الشاهدة علي التاريخ الاجتماعي والثقافي عبر مختلف العصور، والتي تحاكي حضارة البيئة الصحراوية، مما يؤهلها بامتياز لتصبح متحفاً طبيعياً مفتوحاً له عوائد اقتصادية ضخمة تزيد من الدخل القومي وتحافظ بالتنمية المستديمةعلي تميز ذلك الإقليم الصحراوي.. وهذا بعض يسير من ملامح الجغرافيا البيئية للتنميةالسياحية، حيث تشغل الصحراء الغربية أكثر من ثلثي مساحة مصر(680 ألف كم2)بين الدلتا والوادي شرقاً والحدود المصرية الليبية غرباً ومن البحر المتوسط شمالاً حتي الحدود المصرية السودانية جنوباً، ولا يمثل المأهول من مساحتها الكلية سوي 0،5% ويسكنها حوالي 550 ألف نسمة (2015)، وفيها تسود الكثبان الرملية والأخاديد والواحات والهضاب الجبلية والوديان التي تغطي معظم أراضي غرب وادي النيل، وتحتوي كثير من الظواهر الطبيعية والجيولوجية والحضارية والتنوع البيولوجي في مملكتي الحياة البرية والبحرية، ويقع في نطاقها ثلث عدد محميات مصر علي مساحة تعادل مساحة شبه جزيرة سيناء وتمثل حوالي 43% من مساحةتلك المحميات الطبيعية.. علاوة علي رسومات الصخور بهضبة الجلف الكبير لأشكال الحياة في عصر جيولوجي مطير شهد معيشة النعام والزراف والغزلان ونمو أشجار الأكاسيا والمرو، وتعد منطقة نيزك جبل كامل الأولي من نوعها كمحمية جيولوجية فلكية بمصر والخامسة عشر علي مستوي العالم، وتنتشر في الصحراء البيضاء وحدات جيولوجية علي شكل أعمدة من الطباشير وعيش الغراب بفعل عوامل النحت بواسطة الرياح، وكذلك الوديان والغرود الرملية والعيون الطبيعية والمناطق الصخرية، كما تعتبر مأوي للغزال والكبش الأروي، وفيها تجمعات نباتية مميزة للنظام البيئي الصحراوي، وكذلك بقايا آثار منازل قديمة من العصر الروماني وأواني فخارية استعملت في ذلك الوقت.. هذا وتذخر أرضها بثروة من البترول والغاز الطبيعي والذهب والحديد والفوسفات والجبس والحجر الجيري والملح، ويمكن نقل مياه واحة سيوه المهدرة بكميات كبيرة إلي أراضٍ في الشمال لاستزراع حوالي 750 ألف فدان قد تسهم في الاكتفاء الذاتي من القمح،ومن مشروعات التنمية: الساحل الشمالي الغربي، منخفض القطارة، توشكي، تخوم وادي النيلفي الوادي الجديد وشرق العوينات والفرافرة وسهل القرويين والداخلة والخارجة، والمزارع السمكية. وتملك صحراؤنا الغربية طاقة شمسية لو استغلت تعادل نحو مليون برميل نفط لكل كيلو متر مربع سنوياً، وعليه أقترح إنشاء جهاز وطني لتنميتها كهيئة عامة اقتصادية تابعة لرئاسة مجلس الوزراء.