چوستيتيا هي ربة العدالة في الحضارة الرومانية.. هي تلك السيدة الشامخة معصوبة العينين التي تحمل الميزان في إحدي يديها وتمسك السيف بيدها الأخري. معصوبة العينين لأنها تحكم بلا تمييز ودون خوف أو محاباة، وبصرف النظر عن مكانة الماثل أمامها أو هويته، قوته أو ضعفه. وتحمل ميزان العدل لأن الكل أمامها سواسية والسيف في يدها الأخري للدلالة علي قوة القانون والعقوبة الرادعة. في بعض الثقافات الأوروبية الأحدث خلعوا عن چوستيتيا عصابة العينين اقتناعاً منهم بأنها في الأصل لم تكن محجوبة الإبصار، ولأنها بالضرورة تنظر إلي الأمور بموضوعية تامة، كما إنها ليست كفيفة ولا يجب أن تكون. وفي كل الأحوال سواء كانت معصوبة أو مكشوفة العينين هي رمز العدالة المقدسة وأيقونتها. المؤسف أن البعض منا يريدها عوراء، فنجد من بيننا من يصر علي وضع العصابة علي عين واحدة من عينيي چوستيتيا المصرية. تسأل عن حق شيماء الصباغ ومن الذي قتلها؟ فتجد من يباغتك بسؤال عن حق الشهيد النقيب أيمن الدسوقي! تتعجب من حزمة التهم الموجهة لزملائها متظاهري الورود بخرق قانون التظاهر وتكدير السلم العام وبقدرة قادر يتحول الضحية إلي متهم ولولا وفاتها لاتهمت شيماء أيضاً، فلا تجد من يبدد عجبك وتضيع الإجابة علي سؤالك الأصلي أدراج الرياح. تسأل عن حق شهداء الثورة وتلسعك سياط الإحساس بالعجز فتجد من يسألك وكأنه يتهمك ولماذا لا تسأل عن حق شهداء سيناء؟ تحاول إفهامه إنك تسأل عن حق كل الشهداء.. كلهم أجمعين الشهداء في سيناء ومحمد محمود في ماسبيرو وفي كرداسة في مجلس الوزراء وفي الاتحادية في سيارة الترحيلات وفي رفح، فتجد من يتهمك بخلط الأوراق! تتعجب من غلظة العقوبات المحكوم بها علي عدد من الثوار المسجونين ومن الهمة في توافر أدلة إدانتهم، مقابل غياب أي دليل إدانة لرموز نظام أسقطه المصريون في 2011 وبراءتهم أجمعين. يا أخوة الحق هذا ليس مقابل ذاك، وليس بديلاً عنه. العدالة بمعناها الرحب تسع الجميع.. تتسع لإيجاد الطرف الثالث الذي قتل متظاهري يناير، وتتسع للثأر من قاتلي أيمن الدسوقي وشيماء الصباغ، كليهما معاً وليس واحداً منهما فقط. تتسع للعثور علي أدلة إدانة نظام المخلوع كما اتسعت للعثور علي أدلة إدانة لأحمد دومة. تتسع للعثور علي من هاجم مباني أمن الدولة وأتلف مستنداتها وأحرق أوراقها كما اتسعت لإثبات التهم علي الجناة في إحراق المجمع العلمي. تتسع لإيجاد من فقأ عيون الثوار كما اتسعت لتبرئة صاحب فيديو جدع ياباشا. يا أخوة الحق من قال إن تحقيق العدالة يتعارض مع تحقيق الأمن؟ وكأننا مجتمع عاجز أكتع ضيق الأفق قليل الحيلة لا يستطيع ان يعمل في مسارات متوازية ؟ ولذلك فإن الألسنة يجب أن تخرس عن المطالبة بالعدالة والحرية مادمنا في حرب مع الإرهاب؟ نعم نحن في حرب مفتوحة علي الإرهاب وكلنا علي قلب رجل واحد دفاعاً عن أمننا القومي، لكن چوستيتيا يجب أن تكون مفتوحة العينين، يقظة الضمير، واعية الحواس. علينا أن نقتنع بأننا قادرون علي تحقيق العدل والحرية، والمضي في التنمية بالعمل والاجتهاد والنزاهة، فتلك أدواتنا لمحاربة الإرهاب. إن لم تصدقوني إقرأوا هذا التقرير المهم الذي كتبته المراسلة المصرية اللامعة حنان البدري من واشنطن عن جولة الإخوان الأخيرة في الولاياتالمتحدة علي الرابط التالي: http://www.almorakib.com/article.php?id=320205