لا تخلو منطقة سكنية قديمة بالحواضر المصرية من خروج مبان عن الكتلة العمرانية بحكم تداعيها للسقوط، وذلك لعمرها الافتراضي وانعدام الصيانة فيها، علاوة علي سلوكيات بعض الملاك الخاطئة والتي أفقدت المباني القدرة الإنشائية والهندسية علي تحمل إضافة أدوار بالمخالفة القانونية. وهناك عوامل طبيعية وأخري بشرية وراء تزايد انهيارات المباني ومنها الهزات الأرضية والسيول، وفوضي البناء، حيث تقع مسئولية سقوط المباني السكنية المتهالكة والمخالفة للتراخيص علي عاتق كل من المهندس الاستشاري والمحليات والمالك، وقصور الإجراءات القانونية المرتبطة بالتشريعات الرادعة لحماية المواطنين، وتشديد العقوبات علي قدر المسئولية المباشرة في حدوث تلك الانهيارات بالمباني وسقوط القتلي من ساكينها. ويأتي ذلك نتيجة فقد تراخيص البناء القدرة علي تنفيذ عقد الأمان العمراني، ووقف تجاوزات بعض الملاك غير المسئولة التي تسعي لتعظيم الفائدة الاقتصادية، والثراء علي حساب حق الدولة وتجريف مدخرات المواطنين وتعريض أرواحهم لخطر الموت. وحسب حصر وزارة الإسكان (2010) تشكل نسبة المباني الآيلة للسقوط نحو 21% من جملة المباني القائمة بمصر، والتي تزيد علي تسعة ملايين مبني سكني، وهي مبان قد صدرت بها قرارات تنكيس ولم تنفذ بعد، وحسب احصائيات وزارة التنمية المحلية لم تشكل سوي 1،2%، وحددها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بنحو 6.7% تعاني من سوء الحالة الفنية مما يعرضها للانهيار. الأمر الذي يؤكد انتشار خطورة مخالفات البناء، وضرورة حصر الوحدات المخالفة، وتطبيق الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الشأن. علاوة علي كوارث عقارية متوقعة في المستقبل القريب بدلالة ما شهده قطاع البناء والتشييد من طوفان الفوضي التي عمت البلاد خلال ما يزيد علي أربعين شهراً، منذ يناير (2011) وحتي يونيه (2014)، والتي تجاوزت نسبة الطلب خلالها علي مواد البناء لأكثر من 80%.، في ظل غياب الرقابة الأمنية. وتشير الدلائل إلي خروج بعض أصحاب الأراضي والعقارات من الضمير الجمعي الذي يراعي مصلحة الوطن والمواطن إلي التوحش الاجتماعي والتسبب في بناء الألغام العقارية ومباني الموت. وكان من المفترض في ظل ذلك التوسع العشوائي للأبنية السكنية التي تقل عن أسعار السوق أن تنتعش حركة البيع والشراء بالسوق العقارية التي تعاني من الركود والخسائر الفادحة. ومن أشد مخاطر تلك الفوضي العمرانية بمختلف محافظات مصر تزايد الفجوة السكنية بالنسبة لفئة الشباب في سن الزواج. وهناك دراسة تقوم علي ضرورة إنشاء جهاز قومي لصيانة المباني، علي شاكلة ما يوجد ببعض الدول العربية وكثير من الدول الأجنبية، للحفاظ علي الثروة العقارية برسم السياسات وتوفير السلامة والأمان وعمل استراتيجية صيانة العقارات، واطلاق شهادة ميلاد للمبني مقترنة بشهادة صيانته خلال سنوات عمره الافتراضي، وتبادل الخبرات والتدريب مع الدول المتقدمة فيها، والتمويل والتأمين، وتنمية ثقافة الصيانة بين السكان، وغير ذلك من الاشتراطات التشريعية والهندسية والإدارية والاقتصادية والتعليمية والتثقيفية في مجال صيانة المباني السكنية. ولابد من عمل كود هندسي للصيانة ضمن كود البناء، والالتزام بالمواصفات العامة للتنفيذ، وانشاء مركز معلومات ومحاكم خاصة بالمخالفات العقارية لسرعة الفصل الفوري في القضايا والطعون والاستئناف، وتفعيل دور المحليات التي تعد رمانة الميزان في هذا المشروع القومي. وبذلك تقوم هذه الظاهرة المركبة التي تعد بمثابة قنابل عمرانية موقوتة بالحواضر المصرية،علي عشوائية مفرطة في عمليات البناء والتشييد، وتراجع في الدور الاستشاري الهندسي، والغياب المؤسسي للصيانة الدورية.ويلزم لإنشاء برنامج حماية العقارات وإزالة المتهالك منها تحديث بيانات الثروة العقارية، وإطلاق مشروع الحصر العقاري الجغرافي لإنتاج الخريطة العمرية للمباني السكنية وصحيفة الحالة العقارية، وضرورة إنشاء شركة وطنية تمول من العوائد والضرائب العقارية، وعمل استراتيجية للارتقاء بالمناطق السكنية القديمة وكذلك تخصيص مباني الإيواء العاجل بالمحافظات.