بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بنظام القذافي لازال الخلاف مستمرًا بين المحكمة الجنائية الدولية وليبيا في أحقية محاكمة سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي, وقد أحالت المحكمة الجنائية الدولية ليبيا إلي مجلس الأمن الدولي بسبب انتهاكها التزامًا بتسليم نجل القذافي سيف الإسلام لمحاكمته, ويذكر أن هناك خلافًا قضائيًا بين طرابلس والمحكمة الجنائية حول المكان الذي يجب أن يحاكم فيه سيف الإسلام المتهم بإجهاض ثورة فبراير 2011 التي أطاحت بوالده معمر القذافي, أو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وأكدت المحكمة أنه: "لا نية لفرض عقوبات أو توجيه انتقاد لليبيا∀, بل إنها ترغب فقط في الحصول علي مساعدة مجلس الأمن "في القضاء علي العراقيل التي تقف أمام التعاون∀. ورفضت السلطات الليبية تسليم نجل القذافي معتبرة أنه شأن داخلي ومتعهدة بمحاكمته محاكمة عادلة ضمن المعاهدات الدولية الخاصة باحترام حقوق الإنسان. وقد أعلن قضاة المحكمة, في قرار تم نشره: ∀من المناسب تأكيد عدم تنفيذ ليبيا طلبات التعاون الصادرة عن المحكمة, وإحالة القضية إلي مجلس الأمن الدولي كي يبحث الإجراءات الممكنة للحصول علي تعاون ليبيا∀. لا يزال سيف الإسلام محتجزًا في مدينة الزنتان في منطقة الجبل الغربي, جنوبي العاصمة الليبية طرابلس بدلًا من احتجازه من قبل السلطة المركزية في البلد الذي تعمه الفوضي منذ الإطاحة بنظام القذافي, ولم تتمكن السلطات في طرابلس حتي الآن من نقل سيف الإسلام من الزنتان إلي العاصمة الليبية, وقد طالبت المحكمة الجنائية الدولية في مايو الماضي طرابلس بتسليمه, كما طالبت المحكمة من مجلس الأمن إلزام طرابلس بتسليم الوثائق التي تمت مصادرتها في الزنتان من فريق المحكمة الذي توجه إلي هناك لمقابلة سيف الإسلام في يونيو 2012, وقد تم احتجاز الفريق المؤلف من أربعة أشخاص وأفرج عنه في يوليو 2012. وفي يوليو الماضي طالبت السلطات الليبية في طرابلس بعدم ملاحقة سيف الإسلام, لكن المحكمة الجنائية رفضت طلب طرابلس وقالت إن إخفاقها في تسليم سيف الإسلام أومحاكمته ∀ليس مرتبطًا بالوضع الأمني∀. وكان مجلس الأمن الدولي أحال الوضع في ليبيا إلي المحكمة الجنائية الدولية في فبراير 2011 وسط حملة قمع قام بها القذافي ضد الانتفاضة الشعبية علي حكمه الذي استمر عقودًا. يذكر أن سيف الاسلام قد مثل في شهر نوفمبر2011 أمام دائرة الجنايات في محكمة استئناف طرابلس في الزنتان أكثر من مرة في إطار محاكمته بتهمة ∀المساس بالأمن الوطني∀. يري محللون أن السرّ في الإبقاء علي سيف الإسلام القذافي في الزنتان, بدل ترحيله إلي طرابلس, هو ∍الخوف من تمكين نجل القذافي من الهروب أو قتله بدل محاكمته وهناك من يقول إن ∍قبيلة الزنتان لديها اتفاق قبلي قديم مع قبائل بني وليد التي ينتمي إليها سيف الإسلام القذافي, تمنع القتال بينهما أو الإضرار بأفراد القبيلتين. ويعتبر قضاء محكمة الجنايات الدوليّة تكميليًا حيث إنها مختصة بمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو ضدّ الإنسانيّة, في حالة عدم رغبة القضاء الوطني أو عجزه عن القيام بمهمة المحاكمة وذلك طبقًا لمعاهدة روما التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2002. ولا يمكن إغفال البُعد السياسي وراء مطالبة محكمة الجنايات الدوليّة بتسليم سيف الإسلام القذافي, إذ يبدو الأمر بمثابة بدء إعلان استعمال ∀سياسة العصا∀ مع ليبيا, بعد فشل كلّ المحاولات الأوربيّة والأمريكيّة لإنجاح محاولات المبعوث الأممي إلي ليبيا برناردينو ليون في النسخة الأولي من حوار جدامس في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي, وطريقه المتعثّر إلي النسخة الثانية, المفترض عقدها الأسبوع المقبل, بعد تأجيل موعدها الذي كان مقررًا في التاسع من الشهر الحالي.ويشير مراقبون إلي أنّ إحالة ملف سيف الإسلام إلي مجلس الأمن, هو أولي بوادر تلويح وزراء خارجية كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبروكسل, في الثالث من الشهر الحالي, باتخاذ تدابير إضافية في حال فشل استجابة أطراف النزاع في ليبيا لجهود ليون. ولا يستبعد هؤلاء أنّ يكون قرار الإحالة من محكمة الجنايات الدوليّة إلي مجلس الأمن, بمثابة إعلان مبكر عن فشل جهود ليون في جمع المتنازعين سياسياً وعسكرياً في ليبيا حول طاولة المفاوضات. ولد سيف الإسلام القذافي في 25 يونيو 1972 في باب العزيزية بطرابلس, وهو ثاني أبناء الزعيم الليبي الثمانية من زوجته الثانية صفية فركاش, ولسيف الإسلام القذافي خمسة أشقاء من بينهم أخت واحدة. في عام 1994 تخرج في كلية الهندسة جامعة الفاتح بطرابلس وتخصص في الهندسة المعمارية, وفي عام 1998 التحق بكلية الاقتصاد بجامعة ∍إمادك∍ بالنمسا وحصل منها علي درجة الماجستير عام 2000, كما حصل علي درجة الدكتوراه من كلية الاقتصاد بلندن. له اهتمامات فنية حيث يهتم بالرسم وأقام العديد من المعارض الفنية في مختلف دول العالم, ويحب الصيد في أعماق البحار وصيد الصقور وركوب الخيل. يتحدث سيف الإسلام القذافي الإنجليزية والألمانية وقليلًا من الفرنسية, وقد نجح في إطلاق أول محطة تليفزيونية خاصة وأول صحيفتين خاصتين في البلاد. عمل بعد تخرجه في مركز البحوث الصناعية بطرابلس, في عام 1996 عمل في المكتب الاستشاري الوطني, وأنشأ مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية التي أنشئت عام 1998, حيث ساهم في حل الكثير من المشاكل الدولية.