زيارة لمدينة جنيف، لاحظت ان المسلمين يشعرون بقلق بالغ بسبب لوحات إعلانية ظهرت في شوارع سويسرا تدعو إلي الانضمام لجماعة «أنصار الشريعة»، وهي جماعة سلفية متشددة مدرجة علي قائمة المنظمات الإرهابية هنا. ويقول أهل جنيف ان توزيع نسخ من القرآن الكريم ليس مشكلة في سويسرا، ولكن المشكلة ان المتحدثين باللغة العربية يحاولون تجنيد مقاتلين للسفر إلي سوريا وفي أوائل هذا الشهر ظهر موقع في ميدان «مولار» في جنيف ومواقع أخري بمدينة لوزان السويسرية وأماكن أخري تدعو المسلمين المحليين لما يسمونه ب «الجهاد». وأوفدت إحدي وسائل الإعلام السويسرية طاقما تليفزيونيا إلي لوزان لتغطية نشاط هؤلاء «المجاهدين» ما دفع شابا تونسيا إلي الاتصال بصحيفة «تريبون دي جنيف» لكي يتساءل متعجبا عن السبب في منح تصريح لجماعة محظور وجودها في سويسرا منذ عام 2012. واعترف مسئولو مدينة لوزان بأنهم وقعوا ضحية تضليل شخص ما زعم انه إمام مركز ثقافي ألباني في مدينة فريبورج. غير ان شبكة إليكترونية للأنباء، مقرها لوزان وموجهة للمهاجرين من ألبانيا، نشرت تكذيبا لهذا الزعم. وقال مديرها ويدعي باشكيم ايسيني انه لايعرف من الذي صرح بهذا النشاط. وقال الرجل إن هناك من استخدم اسم مواطن ألباني، لأنه يعرف ان لدي الألبان نظرة معتدلة للإسلام، وأن الهدف من هذا الاستخدام هو عدم لفت أنظار السلطات للنشاط المتطرف. وأضاف: «إن هذا تحذير موجه لنا جميعا». وتقول الكاتبة الصحفية باميلا تيلور ان الحركة السلفية أصبحت أكثر تطرفا مع حلول الربيع العربي، وتمارس «الجهاد» بوسائل عنيفة لكي تفرض تفسيرها الصارم والمتعسف للشريعة في ليبيا وتونس، وقد بدأت هذه الحركة مؤخرا تجنيد مقاتلين في كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا. وهناك منظمات سويسرية متعددة مثل منظمة «البينو» تلعب دور الجسر بين الإسلام والديانات الأخري. وفي يناير الماضي، تأسس معهد عربي جديد تم افتتاحه في جنيف بواسطة العمدة السابق «باتريس موجني» و«آلان بيطار».، والأخير صاحب المكتبة المعروفة التي تبيع الكتب العربية في جنيف، واسمها «اوليفييه».. ويسعي هذا المعهد الذي يحمل اسم «معهد الثقافة العربية وثقافات البحر المتوسط» إلي إجراء حوارات مع الأديان الأخري، كما يسعي في الوقت نفسه إلي التقريب بين اتباع المذاهب الإسلامية المختلفة.. ففي سويسرا يوجد مسلمون أتراك وألبان وعرب. وهنا يبدو «آلان بيطار» في موقع فريد، فهو ينتمي أصلا إلي عائلة سورية لبنانية، وجاء إلي سويسرا قبل 54 سنة حاملا جواز سفر سودانيا ليلتحق بمدرسة داخلية. وعقب اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، اشتد قلق «بيطار» عندما ظهرت مخاوف من احتمال ان يربط البعض في الغرب بين الإسلام والإرهاب. انه يري من الأهمية بمكان «ان نوضح ان ثمة تنوعا هائلا في العالم العربي، وأنه ليس كتلة واحدة، بمعني انه منطقة تملك ثقافة غنية وعريقة، وليست مجرد حقول نفط..» ويقيم معهد الثقافة العربية وثقافات البحر المتوسط حلقات نقاش شهرية في «اوليفييه» وحوارات بين قساوسة وحاخامات ومسلمين وبوذيين. وتلقي هذه الحوارات أصداء ايجابية، وتدور حول عدة قضايا مثل الأصول الاجتماعية والدينية لظاهرة التعصب، ويعتبر الشيخ «باشكيم ايسيني» من الضروري ان يرفع المسلمون المعتدلون اصواتهم ويتحدثوا عن حقيقة الإسلام دين السلام والتسامح. وتزداد أهمية ذلك بعد ان شوهدت اعلام موالية لمن يطلقون علي انفسهم صفة «الجهاديين» في سوق «بلين باليه فليا» في مدينة جنيف وبعد ان علم السويسريون ان أكثر من ثلاثمائة شاب سافروا إلي سوريا للقتال، وأن عددا منهم لقي مصرعه هناك. وكانت المفوضية الأوروبية في بروكسل قد حذرت من ان المزيد من المواطنين الأوروبيين ينخرطون في القتال في سوريا، واستضافت بروكسل مؤتمرا علي مستوي الخبراء، والمتخصصين وصناع القرار لبحث آلية مواجهة التطرف ومنع التورط في اعمال العنف والإرهاب. وقال «رودي فرفورت»، رئيس حكومة مقاطعة بروكسل، ان «علينا ان نحارب كل أشكال التطرف وأن نسقط الأقنعة من علي وجوه أصحاب الدعوات التي تحرض علي الكراهية والعنف...». ومن هنا أهمية الدور الذي قام به وفد من المجتمع الأهلي المصري في جلسات الأممالمتحدة، ومنهم اللواء الدكتور احمد عبدالحليم والدكتور ايهاب يوسف وداليا يوسف وكاتب هذه السطور، وهو ما سوف نتناوله في المقال القادم. كلمة السر: حضور الصوت المصري