المشهد القائم في العراق الان اكثر تعقيداً من ان نطلق عليه أو ننظر اليه، علي أنه هجمة ارهابية شرسة تتعرض لها الدولة العراقية فقط، فهذا تبسيط للأمور علي غير ما هي عليه في الواقع، إنما في الحققة ان هذه هي وجهة نظر لاحد اطراف القضية أو الصراع، وهناك وجهات نظر في المسألة تختلف عن ذلك. والمتابع والراصد لما يحدث في العراق، في ظل التطورات والمستجدات الأخيرة التي جرت خلال الأيام القلائل الماضية وما تزال تجري حتي الان، لن يحتاج الي جهد كبير كي يدرك، ان ما يحدث هو النتيجة الحتمية لعوامل وأسباب شتي. هذه العوامل تضم في طياتها خليطا من الظلم الاجتماعي، والحكم الطائفي وسياسات التمييز، وصراعات القوي الاقليمية والدولية علي ثروات العراق، والمخططات المرسومة المعدة لتقسيم وتجزئة العراق وسوريا كجزء من إعادة رسم خريطة المنطقة كلها،..، وأيضاً اطماع ومطامع التنظيم الارهابي التكفيري المتطرف «داعش»الذي يحلم بتوسيع نفوذه وسيطرته وانشاء دولته بالعراق والشام. ووسط هذا الخليط يؤكد رئيس الوزراء المالكي، وكذلك الزعامات والرموز السياسية والدينية للشيعة، ان ما تتعرض له العراق هو غزوة شرسة وحرب مستعرة من جانب تنظيم ارهابي متطرف، يسعي لدمار وتحطيم الدولة العراقية وإنشاء دولته المتطرفة، مكانها وان العراق يخوض حربا ضد الارهاب الدولي في ابشع صوره الان، ولا شئ غير ذلك. ولكن هناك علي الجانب الآخر «السني» من يقول ان ما يجري في العراق هو هبة شعبية سنية ضد حكم المالكي، ونتيجة الغضب والثورة من جانب العراقيين السنة علي السياسات المنحازة للمالكي وحكومته للشيعة، وعمليات الاقصاء والتمييز التي يمارسها وحكومته ضد الطائفة السنية. ويؤكدون ان هذه الثورة وتلك الهبة هي التي شجعت داعش علي ان تقوم بما قامت به، خاصة وأن هذا يجد قبولاً ومناخاً مواتيا من جانب السنة. ولو مؤقتا، لكن الاساس هو الرفض لحكومة المالكي وسياستها الطائفية. ويؤكد هؤلاء ان ما يحدث الان هو الناتج الطبيعي للجريمة التي وقعت منذ أحد عشر عاماً عندما تعرض العراق للغزو الامريكي، وان ذلك هو الحصاد لما زرعه الإحتلال في الارض العراقية،..، وهذه قصة طويلة تعود بنا الي عام 2003، وبذور الفتنة التي غرسها «بريمر» في ارض العراق.