الاستاذ : جلال دويدار شيء جميل ومبشر أن تخرج وزارة الكهرباء من قمقم الاعتماد علي المحطات التي تُدار بالمازوت إلي الشروع في استخدام الطاقة الشمسية التي حبانا بها الله للانارة وتشغيل المصانع. في هذا الشأن اسعدني جداً الخبر الذي نشرته الصحف حول البدء في انارة شوارع مدينة الغردقة من خلال الكهرباء والتي تولدها الشمس. لم يعد خافيا عالميا أن هذه المحطات الشمسية سوف توفر المليارات من الجنيهات والعملات الاجنبية التي تنفقها في إقامة المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء. ليس التوفير المالي فقط علي المدي الطويل هو الهدف لاستخدام الطاقة الشمسية لسد احتياجاتنا من الكهرباء وانما الاجدي من ذلك أننا بهذه المشروعات سندخل عصر الطاقة النظيفة. إننا بذلك نسلك طريق الكثير من الدول المتقدمة التي سبقتنا بوقت طويل في الاستفادة من الشمس. حدث هذا رغم أن بعضها قد يمر عليها اسابيع وشهور لا تري خلالها الشمس. ان مثال ذلك ألمانيا والبرتغال بالاضافة الي دول اوروبية اخري. كان سبب احجام الدول عن تعميم هذه الوسيلة الربانية التكلفة المرتفعة للوحات التي تستقبل الشمس وتحولها الي طاقة نظيفة. تصنيع هذه اللوحات كانت وقفا علي الولاياتالمتحدة والمانيا. استمر هذا الامر إلي أن فاجأت الصين - ذلك الكيان العملاق - العالم بنجاح منقطع النظير في انتاج هذه اللوحات بأقل من نصف التكلفة. أدت هذه الخطوة الصينية إلي لجوء معظم الشركات الامريكية والأوروبية المتخصصة في هذا الانتاج الي الاندماج لمواجهة هذه المنافسة بل ان دمجها توقف نتيجة الافلاس. استثمرت الصين هذا النجاح التصنيعي المبهر في شراء بعض الشركات الأوروبية والأمريكية لتمثل بذلك قمة انتاج هذه الالواح. إذا كنا نثني علي مبادرة تحركنا لانتاج هذه الطاقة النظيفة فلاشك أن أحد اعمدة النجاح في هذه المهمة أن سطوع الشمس عندنا مستمر طوال العام. ليس هذا فحسب وإنما الاهم هو قوة اشعاعها الذي يعد عاملاً أساسياً لتشغيل الالواح العاكسة المستخدمة في تحويل هذه النعمة الربانية الي طاقة رخيصة جداً بمرور الوقت. هذه القضية الاستراتيجية سبق أن أثرتها في اكثر من مقال.. ساعدني في جمع معلوماتها ابراهيم سمك المهندس العالم المصري المهاجر إلي ألمانيا منذ سنوات طويلة. لقد ذكر لي عندما التقيته في فرانكفورت أن هناك مدنا بأكملها في ألمانيا تضاء بواسطة المحطات الشمسية. قال إنه استطاع - بعقليته العلمية التكنولوجية - تحويل الكثير من البيوت الالمانية الي محطات صغيرة لتوليد الكهرباء من الشمس القليلة السطوع. لا جدال أن أزمة البترول ومشتقاته اصبحت تكلفنا ماهو فوق طاقتنا وهو ما يحتم علينا تبني مشروع قومي لتحويل شمسنا إلي طاقة باعتبارها ضمانا للمستقبل. وفي هذا المجال انتهجت بعض الدول الخليجية التي أنعم الله عليها بثروة بترولية هائلة أهمية هذه التكنولوجيا المتقدمة فقامت بالتعاقد علي انشاء العديد من هذه المحطات الشمسية. لقد جاء اقدام بعض هذه الدول اعتماداً علي بعد النظر الذي تتمتع به قياداتها. إن من بين هذه الدول علي سبيل المثال دولة الإمارات العربية التي ادركت أنه سيجيء اليوم الذي تواجه فيه آبارها النضوب. هذه الحقيقة كانت وراء لجوئها إلي اعتماد الميزانيات اللازمة لاقامة هذه المحطات الشمسية باعتبارها ضماناً للمستقبل. من المؤكد أن هناك تقصيراً من جانب مسئولينا في استيعاب حاجتنا الملحة لمثل هذه المشروعات. كان عليهم أن يدركوا أننا بدأنا نعاني من مشكلة توافر المال الكافي لشراء الوقود البترولي اللازم للاستهلاك العام وسد حاجة تلك المحطات الكهربائية. وهو ما يؤدي حالياً إلي انقطاع الكهرباء.. الغريب ان وزراء سابقين للكهرباء عندنا التقوا العالم المصري ابراهيم سمك: لقد شرح لهم مميزات المشروعات الشمسية مبدياً استعداده للمساعدة في التنفيذ. كانت النتيجة بعد هذه اللقاءات الصمت وعدم التحرك. ليس هناك ما يقال تعليقاً سوي لك الله يا مصر.