مشهدان متناقضان لحدث واحد يختصر الحال في مصر دون الحاجة إلى تعليق أو تحليل، المشهد الأول كان يوم 26 يناير الماضي عندما تطاير التراس الاهلي فرحا بإحالة أوراق 21 متهما إلي فضيلة المفتي، في الوقت نفسه انفجرت بورسعيد غضبا من القرار نفسه، وعندما صدر الحكم في 9 مارس تبدل المشهد على غير المتوقع، فقد احترقت القاهرة وهدأت بورسعيد. ذلك أن الجميع يعلم أن المحاكمة لم تنته بهذا الحكم، بل بدأت الآن، والآن فقط، عندما ندخل إلى درجة أعلى من درجات التقاضي تبدلت معها جهات التحقيق، وقد أضيفت إليها معلومات لجنة تقصي الحقائق التي شكلها رئيس الجمهورية فور توليه المهمة للنظر في حوادث القتل التي عمت البلد حتى 30 يونيو الماضي، ونسب إلى مسئولين عن اللجنة أن تقريرها يحمل مفاجآت في قضيتي ستاد بورسعيد وموقعة الجمل. كما أنه من المؤكد سيتم خلالها الكشف عن السبب الحقيقي لترفع دار الإفتاء عن إبداء الرأي فيما أحيل لها من أوراق 21 متهما قررت المحكمة إعدامهم. آن الآوان أن نعرف من دبَر ومَول هذه الجريمة البشعة، ولا يتوقف القصاص عندنا أمام من نفَذ فقط، وربما هذا هو السبب الحقيقي وراء كل خروقات القانون التي شهدها مسرح الأحداث في القاهرة وبورسعيد، بصرف النظر عن استغلال أطراف أخرى لمشاعر طبيعية تملكت جماهير كل من الناديين الكبيرين، تلك الأطراف التي بات معلوما للجميع أن لديها مصلحة مباشرة في إشاعة الفوضى ليتخفوا وراءها. آن الآوان أن يتم الكشف عن ذلك اللهو الخفي على مستويات التحقيق والمحاكمة، وقد سبق لأهل بورسعيد أن كشفوه، لكن جهات التحقيق وقتها لم تأخذ به لأسباب من المؤكد أيضا أنه سيتم الكشف عنها. آن الآوان آن نعرف الحقيقة كاملة، بعيدا عن حالة الثأر التي تملكت التراس الأهلي مع جهاز الشرطة، حتى لم يعد يرون غيره متسببا في مجزرة ستاد بورسعيد، ولم يكن هذا الجهاز وراء الاستفزازات التي أطلقها الألتراس في وجه شعب كامل لمدينة باسلة، منعنا جلال الموقف وبشاعة الحدث وقتها من أن نلتفت إليها. لم تعد القضية كم الذين سيتم إعدامهم مقابل من راحوا ضحية مجزرة ستاد بورسعيد، ولم تعد القضية تخص جماعة هي الألتراس، فكلاهما أصبح في ذمة الحق والعدل والتاريخ، ولكن القضية من اليوم أصبحت من وراء كل هذه الأحداث التي أحاطت بالمجزرة وما تلتها من أحداث حول سجن بورسعيد، ثم حرائق اتحاد الكرة ونادي الشرطة وكل مشاهد البلطجة التي انزلق إليها عناصر من كلا الجانبين، وقد تلاشت أمام أعينهم كل الخيوط الفاصلة بين الغضب والبلطجة. [email protected]