اتفقت أو اختلفت مع مجموعات الألتراس - خاصة ألتراس أهلاوي - فأنت لا تملك إلا أن تحترمهم, ذلك أنهم يكادون يكونون هم الفصيل الوحيد الذي ثبت على موقفه ولم يتلون أو يقايض على مطالبه، فعلى مدار عام كامل، لم يهدأوا ولم يلينوا ولم يتراجعوا عن المطالبة بالقصاص لزملائهم الذين راحوا ضحية عملية إجرامية في ستاد بورسعيد، وهم يرون ضياع حقوق الشهداء يوما بعد يوم. أتفهم موقفهم جيدا ومن مطالبهم، لكن ما لا أستطيع فهمه هو محاولة بعض القوى السياسية والتي تسمى نفسها بالثورية الركوب على موجة الألتراس، واللعب بنار أحزانهم، بتمثيلية الانحياز لصفهم، على أمل رد الدين في مواجهتهم الحالية للفصيل الحاكم "التيار الإسلامي". لم أفهم تأييد هذه القوى للألتراس في المطالبة بحق الشهداء والقصاص العادل لدمائهم، وهي القوى نفسها التي ثارت وهاجت لإقالة نائب عام سابق كمطلب ثوري، وهي القوى نفسها التي هاجت وماجت بسبب إعلان دستوري كان آول بنوده إعادة محاكمة قتلة الشهداء، وهي القوى نفسها التي تحاول أن تطرمخ على تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها رئيس الجمهورية وتحقق فيه حاليا النيابة العامة مع إشارات واضحة أن التحقيقات الجديدة سوف تعلن عن مفاجآت في وقائعها وأسمائها. لم أسمع من هذه القوى "الثورية" أي رد فعل عن إغفال قرار الاتهام في قضية ضحايا مجزرة بورسعيد لأسماء محددة من الحزب الوطني المنحل كانت وراء تدبير العمل الإجرامي، كانت قد وردت أسماؤهم على ألسنة بعض البلطجية التي قام الشرفاء من بورسعيد بالقبض عليهم وتقديمهم للسلطات. لم أسمع من هذه القوى أي مطالبة بتأجيل المحاكمة لتتمكن المحكمة من ضم نتائج التحقيقات الجديدة في ضوء ما جاء به تقرير لجنة تقصي الحقائق في قتل الشهداء، والألتراس من بينهم، وحادثة بورسعيد كانت من ضمن الحوادث التي تعرضت لها اللجنة. لم أسمع من هذه القوى "الثورية" وما وراءها من منظومة إعلامية, تحقيقا يكشف من وراء الملثمين الذين توعدوا الأهلاوية بالقتل في القاهرة، ولا من وراء الصبية الذين كتبوا على جدران الجامعة في بورسعيد ما يسئ إلى المدينة ورجالها ونسائها، رغم أن الألتراس - أي ألتراس - هو الفصيل الوحيد الذي لا يعمل في الخفاء وكل مواقفه معلنة. ولا يحتاج أن يتلثم أو يكتب خفية على الجدران. لم يبق إلا أن أتمنى على الله عز وجل أن يثبت هيئة المحكمة الموقرة يوم السبت المقبل ويجعلها ناطقة بالحق، لتخرج بأقل الأضرار من أكبر "ورطة" جعلتها تقف بأوراقها بين مسلسل البراءة للجميع وحتمية القصاص للشهداء واتهامات بالتسيس خدمة لمخطط إحراق البلد. [email protected]