بعد القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء أمس بتكليف وزير الداخلية بفض اعتصامي رابعة والنهضة باعتبارهما عملا يهدد الأمن القومي المصري, لم يعد أمام الإخوان وأتباعهم وأنصارهم سوي فهم الرسالة جيدا والامتثال لهذا القرار حقنا للدماء التي يمكن أن تسيل عند فض هذا الاعتصام, ولابد للجماعة وقادتها أن يتوقفوا عن هذا الجنون الذي يمكن أن يدفع بالبلاد إلي احتراب أهلي يحرق الأخضر واليابس. الحقيقة التي يتجاهلها دعاة السلطة في الجماعة أن عقارب الساعة لن تعود للوراء, وأن مرسي اصبح من الماضي المؤلم في تاريخ مصر, وواهم من يراهن علي احتمالات مستحيلة, أو وعود زائفة من أذناب مخابراتية تسعي إلي إشعال فتنة في مصر وإجهاض ثورتها, ويتمادي في وهمه من يعتقد ان المعزول يمكن أن تعيده مكالمة تليفونية يجريها مراهقو السياسة في الجماعة مع لندن أو بون أو واشنطن أو أنقرة. لأن الشعب المصري لم يعد يقبل الوصاية,بعد ثورة شعبية جارفة, أسقط فيها الاستبداد, وأعلي فيها من استقلالية القرار المصري, ولن يهزها تصريح مدفوع يخرج من هنا أو هناك, ولن يثنيها بيان مشبوه, او كلمة مزيفة, أو شهادة مزورة, حول واقع جديد فرضه الشعب المصري صاحب السلطة الحقيقية في الثلاثين من يونيو. أمام الإخوان فرصة وحيدة, وطريق واحد لا غير إذا كانوا يريدون العودة إلي الوطن, والانخراط في العملية السياسية, عليهم إصدار بيان يعتذرون فيه للشعب, علي ما ارتكبوه, وتقديم المتورطين منهم في جرائم قتل وتحريض للمحاكمة الجنائية, وحينئذ يمكن إتمام مصالحة وطنية, يتم علي إثرها عودة الجماعة إلي العمل السياسي والمشاركة في بناء دولة مدنية حديثة تتسع للجميع, أما العناد, والاستقواء بالخارج والرهان علي تطورات مستحيلة, لن يفيد, وعندئذ فإن الجماعة تكون قد حكمت علي نفسها بالإعدام, والخروج من حركة التاريخ المصري, بل إن الفكرة نفسها التي قامت عليها هذه الجماعة ستموت إلي الأبد. إنها لحظة اختيار مصيرية للاخوان, لكن حالات الاستغباء, والاستعلاء, والاستعماء التي تتسم بها قيادات الجماعة ستدفعها مؤكدا إلي خيار الانتحار, وأعتقد أنه الخيار الأفضل للشعب.