باسم من يتحدث رئيس تحرير صحيفة الدستور, ولأي مصلحة يعمل, وأي أجندة يتبني, وأي جمهور يخاطب, وبأي أخلاق يلتزم؟ لماذا تتحدث عناوينه بروح العداء, لماذا تفوح من فمها لغة البغضاء, لماذا تفرح بكل ما يسيء إلي هذا البلد, لماذا تصطف في صفوف من يريدون النيل منه؟ اقرأ هذا العنوان باللون الأحمر الصارخ في عدد الخميس20 من مايو الحالي: كينيا تصفع جهود مصر هذه عناوين صحيفة, تنطوي علي روح انتقامية, تدفعها غرائز النكاية, تتجاوز وتتخطي حدود المسئولية بمعناها الذي تعرفه الدنيا, تقفز فوق حدود الالتزام الوطني, تتجافي مع قواعد الذوق والحساسية الأدبية في معالجة قضايا هي ذات طبيعة خاصة.. وأقول عناوين.. لأن جسم القصة الخبرية فيها احتراف يدعو للاحترام.. ولكن العناوين من إبداع رئيس التحرير. ليس مطلوبا من الصحافة أن تسكت, ولا أن تطبل وتزمر للطريقة التي تدير بها الحكومة ملف المياه, وكذلك ليس مطلوبا منها أن تدق طبول الحرب, وأن توجه القذائف نحو دول المنابع. ولكن, ليس معقولا ولا مقبولا, أن يتم بث روح الهزيمة, وإشاعة أجواء الخذلان, وتعميم مناخ اليأس, ونشر ثقافة التشفي والانتقام... عناوين الدستور, تصفق لكل ما تظنه ضربة موجهة إلي مصر, تصفق حتي لو كانت الضربة من بنات الخيال, تصفق حتي لو لم يطلب منها أحد ذلك, إنها أي صحيفة الدستور تتطوع من تلقاء ذاتها, وتهب نفسها لقيادة فريق المشجعين, وهي هنا, وعلي الملأ, تشجع دول المنابع, وتخذل دول المصب, تخذل مصر والسودان.. كنت أتمني أن اقرأ فيها حجة, أو دراسة, أو وجهة نظر, أو تغطية صحفية جادة, تثبت بها حقوق دول المنبع التي تمنحها تأييدها.. وكذلك أتمني, أن تنشر ما يكفي دليلا لإدانة مصر في عدد واحد, في يوم واحد, تقف عناوين الدستور مع الجزائر ضد مصر.. مع الترابي ضد مصر.. مع كينيا ضد مصر.. مع سعد الدين إبراهيم ضد مصر.. إبراهيم عيسي, ظاهرة فريدة, هو رئيس تحرير عناوين, وليس رئيس تحرير بالمعني الحقيقي.. إذا تخلصت الدستور من عناوينه ومقالاته تكون صحيفة حقيقية, ففيها محررون محترفون ساقهم الحظ العاثر إلي العمل مع رئيس تحرير عناوين.