في خطوة منها لتأمين أسرار الكرملين تسعي وكالة الأمن الروسية لشراء آلات كاتبة لمنع تسريب المعلومات المخزنة الكترونيا في أجهزة الكمبيوتر بالطريقة التي تم بها تسريب معلومات الاستخبارت الأمريكية من جانب إدوارد سنودن الموظف السابق بها عن طريق موقع ويكيليكس. وكالة خدمة الحماية الفيدرالية الروسية وضعت طلبية لشراء الآت كاتبة بقيمة حوالي15 ألف دولار علي موقع مشتريات الدولة علي الانترنت, من دون أن تعلن عن السبب لحاجتها لهذه الآلات القديمة. لكن مصدرا بالوكالة كشف عن أن الهدف هو منع تسريب المعلومات الكترونيا, مؤكدا أن قرارا بالتوسع في استخدام الوثائق الورقية قد تم اتخاذه لهذا الغرض. القرار الروسي ربما يكون تأخر كثيرا, لأن تكنولوجيا الإنترنت التي تسمح للهاكرز باختراق أكثر المواقع الالكترونية تحصينا لم تعد ملائمة للاستخدام في المواقع الأكثر حساسية وسرية مثل وزارات الدفاع والخارجية وأجهزة الاستخبارات وغيرها من الأجهزة الأمنية. ورغم تقادم الآلات الكاتبة وتخلفها بالقياس لتكنولوجيا الكمبيوتر والإنترنت إلا أنها نسبيا تظل أكثر أمانا في تداول المعلومات التي تحظي بدرجة من السرية كالأسرار العسكرية والاتفاقات الدبلوماسية. لا يعني هذا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية فشلت في تأمين أسرارها العسكرية والدبلوماسية, وأن ما جري تسريبه من ملفات غاية في الخطورة والسرية تم لتمتع سنودن بقدرات خاصة فاقت كل الاحتياطات الأمنية الأمريكية, بل وأغلب الظن أن ما تم تسريبه كان مقصودا لإحداث حالة من الارتباك لدي حلفاء واشنطن وإلا لكان سنودن الآن معلقا علي بوابة البنتاجون أو مقر الاستخبارات الأمريكية( سي آي إيه) حتي يكون عبرة لمن يعتبر من زملائه الذين مازالوا في الخدمة. ولعل إجراءات جهاز الحماية الفيدرالية الروسية بشأن العودة للآلات الكاتبة مرة أخري حفاظا علي سرية الوثائق تفيد كل الوزارات السيادية في العالم كله لحفظ الحد الأدني من السرية التي لا توفرها تكنولوجيا الحاسبات والإنترنت. وأتصور أنها رسالة مفيدة لكل مستخدم للكمبيوتر ممن يستسهل وضع بيانات شخصية مهمة مثل أرقام حساباته في البنوك أوبيانات كروت الفيزا الخاصة به أو صوره الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي مما يسهل علي عصابات النصب والاحتيال اصطياده من خلالها والاستيلاء علي مدخراته إلكترونيا كما حدث للكثيرين حول العالم. أحيانا يكون التقدم التكنولوجي وبالا علي مستخدميه, وتكون العودة إلي الوراء خطوة أكثر أمانا وحفاظا علي الخصوصية والسرية, ليصدق القول: من فات قديمه تاه.