أكد خبراء علم النفس والاجتماع أن الشعب المصري يعاني من مشاعر سلبية وأمراض نفسية خطيرة في هذا التوقيت أبرزها التشتت الذهني والإحباط وفقدان الأمل والخوف من المستقبل, مما ينعكس سلبا علي تصرفاته تجاه المجتمع ويؤدي إلي تصاعد وتيرة العنف وتفشي الأمراض المجتمعية, مشددين علي ضرورة إيجاد حل سريع لاستعادة التوافق السياسي حيث السبيل الوحيد لعودة التوازن في نفوس المصريين ومن ثم تهدئة الأجواء المحتقنة. يقول الدكتور جمال أبو شنب أستاذ اجتماع سياسي بجامعة حلوان إن علم سيكولوجية الشعوب يؤكد وجود علاقة وطيدة بين الإرادة العامة والروح السائدة في المجتمع وتفاعل القيادة السيادية ومراعاتها للرأي العام وبين مدي تحسن النفسية العامة للشعوب ورفع الروح المعنوية له, وهو ما يؤكد أن وجود أي شكل من أشكال التوتر بين القيادة السياسية والشعب, يؤدي إلي شعور الغالبية العظمي بالتخبط واليأس والاغتراب عن أنفسهم وعن وطنهم. ويضيف أن هذا الشعور ينعكس بشكل سلبي علي آداء المواطنين ومعدل إنجازهم في العمل, إلي جانب بعض الاضطرابات النفسية المتمثلة في زيادة الانفعالات وعدم تحمل الآخرين, وهو ما يدفع أصحاب المصالح لاستغلال هذا الجو المفعم بالغضب والتوتر, من خلال تصيد الجماهير الغاضبة وتوجيهها نحو تنفيذ أغراضهم الخاصة, وهو ما يحدث الآن, مؤكدا ضرورة التعبير عن الرأي والبوح بما في النفوس ولكن بصورة سلمية ودون المساس بمقدرات الوطن والأشخاص, وإلا سيخسر الجميع, علي حد تعبيره. واتفق معه الدكتور عبد الحميد زيد أستاذ الاجتماع بكلية آداب جامعة الفيوم قائلا: إن السمة التي تكاد تجمع الغالبية العظمي من المصريين هي فقدان الأمل في المستقبل وفقدان الثقة في قدرة الحكومات علي تلبية المطالب الشعبية, وهو ما يؤدي إلي الإصابة بحالة مزاجية سيئة والإحباط الشديد الذي ينعكس سلبا علي حياة الإنسان ويجعله يسلك سلوكا لا يسلكه في المعتاد, إذ يسهل تصديقه للشائعات وينحرف وراء التصرف بعشوائية وتعجل بناء علي تصورات وهمية, ومن ثم يسهل وقوعه كفريسة للمؤامرات والمواءمات التي تحاك به. وفي السياق نفسه, يوضح الدكتور سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس السياسي بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها أن الشعب المصري يشهد حالة من التوتر المستمر وخللا في الأعصاب, نتيجة الاحتقان السياسي الموجود في الشارع المصري, وكثرة التفكير في السيناريوهات المتوقعة بين طرفي اللعبة السياسية وصعوبة التنبؤ بالمستقبل الذي بات مشوشا مما يولد التشتت الذهني والعجز عن مواصلة التفكير, إلي جانب عدم قدرة القائمين علي شأن هذا البلد علي تحقيق مطالب الشعب وأحلامه التي طالما حلموا بها بعد الثورة, بالاضافة إلي تدهور الأوضاع القائمة والتي يعد منها ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة وصعود وتيرة الاضطرابات السياسية أبرز ملامحها. وعن أهم الأعراض التي يصاب بها غالبية المصريين في الوقت الحالي كنتيجة لكثرة الأعباء النفسية, يشير عبد الفتاح إلي أن الأعراض النفسية للتوتر تتمثل في الهيستيريا والقلق والاكتئاب إلي جانب الاصابة بأمراض السكر والضغط والسرطان, مما يؤدي إلي كثرة الخلافات الزوجية وكثرة المشاجرات بين المواطنين وسرعة تطورها إلي مشادات كلامية ومعارك دامية سواء داخل مقرات العمل أو في الشوارع, إلي جانب تفشي بعض الأمراض المجتمعية أيضا مثل انتشار الأسلحة وارتفاع معدل الجريمة والذي يتضح من الأحداث الإجرامية التي وقعت مؤخرا في محافظات الاسكندرية والمحلة والفيوم. رابط دائم :