الاستعمار البريطاني, اتخذ من مياه النيل, أداة للضغط السياسي, والمساومة الاستعمارية, حتي يرغم مصر علي الخضوع له, فاختلق أكذوبة الحقوق المغتصبة في مواجهة الحقوق المكتسبة يؤلب بها الشقيق علي شقيقه, ويدس إسفينا عميقا يمزق ويدمر وحدة وادي النيل هنا, يلفت الراحل العظيم جمال حمدان, انتباهنا إلي الوقيعة الاستعمارية, بين مصر والسودان, حول مياه النيل, وحاول إقناع البعض في السودان, أن لهم حقوقا مغتصبة في المياه, وأن مصر هي التي تغتصب هذه الحقوق, لقد كان الماء, كسلاح سياسي, من أهم أدوات السياسة الاستعمارية. وعلي هذا الأساس, كانت السياسة البريطانية المخططة, هي الإكثار من السدود, الخزانات, المشاريع المائية والزراعية في السودان.. وتقنينا لهذه السياسة, فرضت بريطانيا علي مصر, اتفاقية مياه النيل1929, بما فيها من إجحاف واضح بمصالح مصر, وضغط حاد عليها, والتي أعطت بريطانيا مزيدا من التحكم في مياه النيل. ونجحت بريطانيا, أو كادت تنجح, في أن تختلق تعارضا ظاهريا في المصالح المائية بين مصر والسودان, كما افتعلت جوا من سوء الفهم بين الاخوة السودانيين, كان التحريض الاستعماري وراءه سافرا بلا قناع, أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني قال: لو أنني كنت المهدي لجعلت مصر تدفع ثمن كل لتر من الماء يجري في النيل. وأثناء العدوان الثلاثي, وتأميم قناة السويس, ارتفعت أصوات في مجلس العموم البريطاني, تطالب بمنع مياه النيل من التدفق إلي مصر.. وقبل انسحاب بريطانيا من كل من: أوغندا, وكينيا, وتنزانيا, حاولت حث هذه الدول علي المطالبة بالمزيد من الحصص في مياه النيل. ثم بدأت سياسة الدس والوقيعة بين دول حوض النيل وتأليبها علي مصر. أمريكا وبريطانيا رفضتا تمويل بناء السد العالي بمزاعم أن فيه اضرارا ببعض الدول في حوض النيل وكررت إثيوبيا بعض هذه المزاعم في السبعينيات وقد كانت تدور في الفلك السوفيتي... ونستكمل...