انتهت أزمة الجنود المصريين المختطفين بسلام, لكن أزمة سيناء لم تنته, حيث يتفق الاستراتيجيون في جميع دول العالم علي أن الكثافة السكانية هي الحماية الحقيقية للأرض وأن عدم التعمير, والفراغ السكاني يشكل خطورة ودعوة صريحة للعدوان والاحتلال, لقد كتبنا منذ سنوات عن أن إسرائيل لم تتوقف عن جلب المهاجرين اليهود, لتحشدهم علي الجانب الشرقي لحدودنا, منتهزة أي فرصة لاختراق سيناء فضلا عن الجماعات الجهادية التي ازدادت خلال العامين السابقين, والحاصل في سيناء ما يلي: أولا أن المشروع القومي لتنمية سيناء الذي أعد حتي عام2017 لم يقدم ما يفيد في التحسن الاقتصادي مثل المشروعات الزراعية في شمال سيناء, ولم يقدم الخدمات في وسط سيناء, وقد يكون السبب توقف وتجمد المشروع الذي كان مقررا له نقل4 ملايين مواطن من أبناء الوادي لسد الفراغ السكاني الذي يغري الأعداء من الحدود. ثانيا أن تعداد سكان سيناء اليوم لا يزيد علي360 ألف مواطن, وفي هذا السياق أعد الوزير حسب الله الكفراوي خطة متكاملة لبناء4000 قرية في سيناء, ولم تنفذ الخطة وتعطل المشروع لأسباب أهمها في اعتقادي وجود قوي خارجية ذات مطامع في سيناء تعوق التنمية والعمران. ثالثا أن هناك أطرافا دولية كثيرة تضع سيناء كجزء من الحل للقضية الفلسطينية, وتسعي لفرض ذلك والدليل ما أعلنه ديفيد أون وزير خارجية انجلترا أثناء زيارته للقاهرة بأن حل القضية الفلسطينية لن يكون بعيدا عن سيناء. رابعا أن هناك بعض المناطق في سيناء أصبحت مأوي للجماعات المسلحة, ومع ازدياد حركة الفراغ خرج وهرب من السجون عدد غير قليل من الخارجين عن القانون وعليهم أحكام جنائية, ناهيك عن انتشار الجماعات الجهادية التكفيرية التابعة لتنظيم التوحيد والجهاد. خامسا أن العرف السائد لدي القبائل السيناوية يحتم علي أبنائها حمل الأسلحة للدفاع عن النفس نتيجة الفراغ الأمني, وليس كل من يحمل سلاحا يكون إرهابيا أو متطرفا, ولكن بعض هذه الأسلحة غير مرخصة, أضف إلي ذلك أن من يمتلكون أسلحة غالية من الصعب أن يفرطوا فيها ويسملونها دون تعويض مالي, ومازال تهريب السلاح من ليبيا إلي غزة عن طريق سيناء يشكل خطرا علي أمن مصر القومي. سادسا أن الأنفاق المفتوحة والمخترقة أدت إلي تهريب الملابس العسكرية في مارس الماضي, بهدف انتحال الصفة العسكرية وتشويه سمعة قواتنا المسلحة داخليا وخارجيا, مما يؤدي إلي افتعال أزمات مع الدول المجاورة وهذا يمثل تهديدا للأمن القومي. سابعا أن الانفلات الأمني قرب رفح في شمال سيناء أدي إلي مقتل16 عسكريا من شهداء الوطن عند قوة حرس الحدود في رمضان الماضي من عناصر إرهابية متطرفة لم تكشف التحقيقات أسماءهم وجنسياتهم بعد. ثامنا أن الإرهابيين ممن اختطفوا جنودنا السبعة( ممن تحرروا) من وجهة نظر الخبراء والمحللين العسكريين لهم أقارب في السجون, ممن فجروا خطوط الغاز, وقتلوا السياح الأجانب وأحرقوا أقسام الشرطة, وقتلوا ضباطنا وجنودنا, وفق عمليات إرهابية ممنهجة ومنظمة مما ينذر بالخطر محليا وعالميا. تاسعا أن تحرير الجنود السبعة من أيدي الارهابيين مؤخرا آثار تكهنات منها: أن الإرهابيين تفاوضوا من أجل إطلاق سراح بعض المسجونين, أو أنهم تخوفوا من العملية العسكرية التي ضيقت الخناق عليهم, أو أن التنسيق من قبل المخابرات الحربية مع مشايخ القبائل الشرفاء الوطنيين في الشيخ زويد ورفح كان السبب في إطلاق سراح الجنود دون شرط أو قيد وفي هذا السياق أذكر بأحد الأشخاص الخائنين للوطن أثناء الإعداد للعملية العسكرية, قام بزراعة لغم لاستهداف بعض مركبات جيشنا العظيم, ويشاء القدر أن ينفجر اللغم فيه وتبين أنه من العناصر الجهادية. عاشرا أن حوالي40 نفقا من مئات الأنفاق تستخدم لنقل الوقود والسولار ويتم تهريبه لغزة, الأمر الذي أدي إلي ارتفاع أسعار الوقود في مصر, ناهيك عن المدافع والأسلحة الآلية والجرينوف والسيارات الجديدة والمسروقة التي يتم تهريبها عبر الأنفاق المنتشرة برفح في قطاع غزة, ولم توجد دولة في العالم تفتح أنفاقها وتخترق حدودها مما ينذر بالخطر محليا وعالميا. والمطلوب: 1 أن تقوم القوات المسلحة بهدم وردم جميع الأنفاق والتي تمثل في تصوري خطرا علي أمن مصر القومي, سواء الأخطار الداخلية والخارجية لأن سيناء هي الحصن المنيع للوطن, وأرضه وسيادته. 2 أن يكون لرجال الأعمال دور في الاستثمار في سيناء أسوة بتطوير وتعمير مشروعاتهم في الساحل الشمالي والبحر الأحمر لأن التعمير يجعل الانسان مرتبطا بأرضه, والاستفادة بثروات وخيرات جنوبسيناء من الذهب والفوسفات والمنجنيز والرخام والنحاس مع الاهتمام بالمواطن السيناوي في المناطق المحرومة. 3 تفعيل دور المرأة السيناوية من خلال التدريب علي المهن اليدوية والمشروعات متناهية الصغر, وأن يكون ذلك ضمن البرنامج الانتخابي لمن تترشح في البرلمان لتشجيع المنتجات وبذلك تحفز السياح علي شرائها إضافة إلي أن هذا الاقتراح سيحقق لها دخلا وربحا وكذلك لأسرتها. 4 توفير معدات وأدوات حديثة علي الحدود مثل الأجهزة الالكترونية ضد البشر, وأجهزة أخري ضد الآلات وبالتالي تكشف تهريب الأسلحة من ليبيا إلي سيناء. 5 زراعة سيناء بالبشر قبل زراعة الشجر, لأن التنمية البشرية أقوي تحصين ضد أي اعتداء خارجي من خلال تقديم حوافز استثمارية للشباب يمكن توطينهم لتعمير سيناء وفقا للمشروع الذي خصصت له ميزانية75 مليار جنيه حتي عام2017 بمشاركة القطاع الخاص مع دراسة إصدار قرار بفتح ترعة الحمام لتنتج القمح والشعير والعنب والزيتون للمستثمرين لحل مشكلة الشباب العاطلين. 6 إنشاء ممر مروري للشاحنات التي تحمل المواد الغذائية والأدوية لأبناء غزة, وتكون إدارته تابعة لمعبر رفح المصري خاصة الجمارك المصرية علي أن توضع أموال هذه الجمارك في خزينة الدولة. 7 إحياء الجهاز الوطني لتنمية سيناء الذي ترأسه الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق لاقتراح مشروعات تنموية واستثمارية سواء زراعية أو صناعية أو سياحية أو تعدينية تمثل بمجملها مشروعا قوميا يعادل مشروع السد العالي الذي لجأ إليه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذي من خلاله لم شتات وشمل الأمة بعد ثورة يوليو1952, وفي هذه الحالة نقضي علي أحلام الجماعات الجهادية التي لا تزال تحلم بالإمارة الاسلامية في سيناء. 8 أن تواصل الجهات والأجهزة الأمنية بشمال سيناء عملياتها العسكرية للقضاء علي البؤر الاجرامية في الجبال, ومحاصرة الارهابيين برا وجوا حتي لا تقع عمليات خطف وقتل أخري, وأن يتجه الجيش إلي تمشيط وتطهير أرض سيناء من هذا العبث الدموي وهي التي قدمنا لها عشرات الألوف من زهرة شباب ورجال مصر سطروا بدمائهم أروع صور التضحية. ص