يعتقد البعض أن جبل الحلال اسم على مسمى، وأن أحجاره الكريمة المدفونة بين سهوله ووديانه من قطع الجنة، وأشجار التين والزيتون التى جاء ذكرها فى القرآن الكريم يستظل بظلها كل عابر سبيل، وأن زراعات العنب والنخيل تزين قمة الجبل، وترفرف على جنباته ويأكل من ثمرها إذا أينع لمن تاقت نفسه إلى جنة الدنيا قبل بلوغ الآخرة. لكن الحقيقة التى لم يكن يعرفها كثير من الناس- وأنا واحد منهم- هى أن جبل الحلال كما قالت موسوعة سيناء التى أعدها مجلس الوزراء بتكليف من الرئيس السادات وأشرف عليها شيخ الوزراء مهندس حسب الله الكفراوى ما هو إلا منطقة جبلية وعرة لها طبيعة خاصة يتخللها سهول ووديان، ومغارات ودروب. والجبل به عناصر خارجة عن القانون.. عناصر متورطة فى أحداث رفح التى راح ضحيتها 16 شهيدا من أفراد القوات المسلحة المصرية، والتابعين لحرس الحدود وعناصر هاربة من تنفيذ أحكام فرض سيطرة، وقتل، وإرهاب، ومخدرات، وتهريب آثار، وتهريب بشر، عناصر متهمة فى قضايا السلاح والتعدى على أملاك الدولة، والاستيلاء على أموال البريد، وقسم ثانى العريش، وتفجير خطوط الغاز، وتفجيرات دهب، ونويبع وطابا، يحوى جماعات تكفيرية استغلت الانفلات الأمنى وأنفاق غزة لتعبث بالأمن القومى. الجبل كائن بوسط سيناء تلك المنطقة التى يقع فيها مركز مدينة الحسنة ووادى فيران، ومنطقة العوجة وأبو عجيلة، وقرية القريعة والمقضية، وأولاد على والغرقدة والعزيزة، وبئر لحفن، وجبل الريسان الذى يقع على يساره كمين الريسة الذى تم الاعتداء عليه 32 مرة فى صورة لم يسبق لها مثيل، مما يؤكد قلق العناصر المتطرفة والخارجة عن القانون من هذا الكمين أو أى تواجد أمنى فى سيناء. يسيطر على مداخل ومخارج الجبل قبائل لها تاريخ طويل فى الكفاح والجهاد ضد إسرائيل وعلى رأسها قبائل التياهة، والترابين والسواركة والبريكات.. يحاول شيوخ هذه القبائل الوقوف ضد هذه العناصر المسلحة.. ولكن السلاح الذى تم تهريبه من مخازن القذافى بعد سقوط ليبيا حد من سيطرة هؤلاء المشايخ لدرجة أن أحد الخارجين على القانون تجرأ مؤخرا وقتل شيخ قبيلة السواركة ونجله فى سابقة لم تحدث من قبل. وإذا تم ذكر الإرهاب فلابد من الإشارة إلى وجود جماعات جهادية مسلحة من داخل سيناء وعناصر متطرفة من خارجها دخلت أرض الفيروز عبر الأنفاق مع غزة، وعلى رأس تلك التنظيمات «التوحيد والجهاد» الذى أسسه طبيب الأسنان السيناوى خالد مساعد مطلع التسعينيات نتيجة إيمانه بأفكار الجهادى سيد قطب، وما جاء فى كتاب «العمدة فى إعداد العدة» لصاحبه د.سيد إمام المعروف بالدكتور فضل. يصف قائد هذا التنظيم قيادات الجيش المصرى بالكفر، بدعوى تحالفهم مع جيش الأعداء، ويصف الحكام المسلمين بالكفر أيضا لأنهم لا يطبقون شرع الله. وفى بحث بسيط على اليوتيوب أو «تويتر» يظهر فيلم تسجيلى وبه مجموعة من الجهاديين ينتمون لمجلس شورى المجاهدين، وكأنهم فى جبال توارا بورا بأفغانستان، وهم يتوعدون كل من يقف فى طريقهم، وقد كشفوا فى بيان لهم أنهم قاموا بالاعتداء على دورية إسرائيلية بعد اجتيازهم الحدود المصرية عند معبر كوم أبو سالم، هذا بالإضافة إلى تنظيمات جهادية أخرى على رأسها تنظيم أنصار بيت المقدس، وجيش جلجلة، وجند الله، وجيش الإسلام، مع التأكيد أن كل هذه العناصر الموجودة فى سيناء ما هى إلا تنظيمات فرعية ومكمن الخطورة أنها على صلة وثيقة بالتنظيمات الأم الموجودة فى غزة والتى ظهرت بصورة كبيرة بعد سيطرة حماس على القطاع، ثم انقلبت عليها فيما بعد عندما رفضت حماس إعلان غزة إمارة إسلامية.. وكانت النتيجة مواجهات دامية بين تلك التنظيمات وحكومة إسماعيل هنية المقالة. اضطرت حركة حماس وقتها ضرب مسجد «أبو قتادة» فى خان يونس بالصواريخ، لأن إمام المسجد أعلن التمرد على السلطة الحاكمة فى البلاد. ولقوة القبضة الأمنية فى غزة، اضطرت تلك التنظيمات الهروب إلى مصر عبر الأنفاق من جحيم حماس لتمارس عملها الجهادى ضد الجيش المصرى، حيث قال أحد الناجين من مذبحة رفح إنه سمع أحد التكفريين يقول للجنود المصريين: يا خونة ويا عملاء. ومشكلة هؤلاء- الجهاديين- كما قال أكثر من مصدر ل «أكتوبر» إنهم يكفرون الحاكم ويكفرون من لا يكفر الحكام، ويكفرون جنود الحاكم وحاشية الحاكم مستشهدين بقول الله تعالى «إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين». وقد أكدت العملية «نسر» التى قامت بها القوات المسلحة بعد استشهاد 16 جنديا فى مأساة رفح الأخيرة، صحة الفيديو، حيث تم رصد 3 معسكرات فى شمال قرية الحفن، وشمال مدينة العريش، وجنوب قرية الجورة، وقد تم إنشاء خيام كبيرة، وبيوت عشوائية للتدريب على قذائف الهاون والأر بى جى والأسلحة المضادة للطائرات والجرينوف ومنصات إطلاق الصواريخ. وإذا كان قد تردد على مواقع الفيس بوك أن العملية «نسر» ستنتهى بغياب المشير طنطاوى القائد العام ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، فقد جاء الفريق أول عبدالمنعم السيسى وزير الدفاع الجديد ليؤكد أنه عازم على ما قاله المشير طنطاوى «إنا لمنتقمون» فتم القبض مؤخرا على مسلحين بعد رصد وتحديد ومحاصرة العناصر المستهدفة بدقة، وضبط صواريخ مضادة للطائرات وقذائف أربى جى، وبنادق آلية، وطلقات خارقة حارقة فى عشة على طريق الجورة- الماسورة بالقرب من الشيخ زويد، والعثور على قذائف هاون ومنصات إطلاق صواريخ وألغام مضادة للدبابات ومسدسات بريتا صغيرة، ورشاشات متعددة المواسير والفتحات وبودرة النترات والجير الحى المستخدمة فى صناعة العبوات الناسفة، وبعض الكتب والبيانات الجهادية، والتكفيرية، التى تحث أبناء سيناء وبالتحديد أبناء رفح والشيخ زويد والعريش على الكفاح المسلح ضد عناصر الجيش والشرطة. وعن عضوية هؤلاء المسلحين يقول الخبير الاستراتيجى الكبير اللواء حسام سويلم إنهم من ضمن العناصر الجهادية العائدة من أفغانستان والعراق، وقد دخلت سيناء عبر الأنفاق التى تشرف عليها وتديرها حركة حماس وتفرض رسوم دخول وخروج على كل من يعبر منها.. بل إنها تغض الطرف عن تلك العناصر التى تسبب لها القلاقل فى غزة. أما مافيا تهريب السلاح فى سيناء، فقد أكد كثير من الخبراء الاستراتجيين والأمن القومى الذين استعانت بهم «أكتوبر» عند كتابة هذا التحقيق أنهم عبارة عن عصابات دولية وشركات متخصصة فى تجارة السلاح تتعاون بشكل مباشر مع أجهزة مخابرات إقليمية وخارجية ومنظمات وحركات ودول مجاورة بالدعم والمشاركة والتخطيط لتهريب السلاح إلى سيناء تحسبا لأى صدام مع الجيش أو قوة أخرى تقف فى وجه تلك التنظيمات الجهادية. وعن عمليات التهريب فإنها كانت تتم منذ فترة من ميناء العقبة الأردنى ومنه إلى ميناء طابا ونويبع، ومنهما إلى رأس النقب، والحسنة، والقسيمة، وجبل الحلال بوسط سيناء، إلا أن الوضع لم يستمر طويلا بعد أن قرر الطيران الإسرائيلى قصف اللنشات المحملة بالصواريخ فى عرض البحر، قبل وصولها إلى الحدود المصرية. كما تمثل الحدود الجنوبية مع السودان وسيلة أخرى لتهريب السلاح، حيث استغلت بعض القبائل الحدودية بين مصر والسودان حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها مصر بعد الثورة، وانشغال الجيش السودانى فى حربه مع الجنوب وحركات التمرد فى دارفور وسقوط نظام القذافى وسرقت تلك العناصر الإجرامية، مخازن السلاح الليبى بعد سقوط القذافى وتهريب السلاح عبر المدقات الجبلية إلى السويس ومنها إلى سيناء. أما المشكلة الأكبر فتلك الأسلحة المهربة من الحدود الغربية والتى يتم نقلها إلى مرسى مطروح والضبعة، ثم العامرية بالإسكندرية وبعدها إلى السويس ثم إلى سيناء عبر كوبرى السلام أو نفق الشهيد أحمد بدوى ثم تشق طريقها إلى غزة عبر الأنفاق. وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإن العناصر الجهادية التى تم رصدها فى سيناء، ويجرى الآن تتبعها وإلقاء القبض عليها تقترب من ال 2000 عنصر، وأن تلك العناصر على صلة وثيقة كما قال اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية بجهات خارجية، وتقوم هذه الجهات بالتمويل والتخطيط والتدريب والتنفيذ لزعزعة الاستقرار فى مصر. ومع سرية تلك العمليات وحرفية المنظمات التى تقوم بشراء تلك الأسلحة الثقيلة، فقد نجحت أجهزة الدولة المعنية فى ضبط 11 مدفعا مضادة للطائرات ومدفعين جرينوف مدى الواحد 7 كيلو مترات و19 سلاحا آليا، وطلقات حارقة خارقة، وأجهزة إطلاق صواريخ و17 قذيفة أربى جى ومدافع هاون تابعة لعناصر من التكفير والهجرة تتاجر فى الأسلحة الثقيلة بالتعاون مع عناصر من غزة. أما الصفقة الأكبر والتى تم ضبطها على الطريق الساحلى، قبل وصولها إلى سيناء فقد كانت عبارة عن صواريخ عابرة للمدن/مدى الواحد فيها 40 كيلو مترا، وأجهزة إنذار ومنصات إطلاق صواريخ و13 ألف طلقة حارقة خارقة و7 عدسات لتحديد الأهداف، وقد أكدت كثير من المصادر أن الصواريخ والأسلحة الثقيلة المضبوطة هى «شغل» أجهزة مخابرات وليس أفرادا والغرض منها زيادة التوتر الأمنى فى سيناء وجر مصر إلى حرب مع إسرائيل وتخفيف الضغوط على إيران. وإذا كانت تجارة السلاح من المحرمات والممنوعات لكونها تخل بالأمن العام، وتهدد الأمن القومى، مما حدا بوزير الدفاع الجديد الفريق السيسى بأن يقول إنه سيقطع يد كل من يرفع السلاح فى وجه أبناء الوطن، فإن هناك تجارة أشد تحريما وتجريما هى زراعة المخدرات فى سيناء، حيث تعد تلك المنطقة من أرض مصر مركزا لزراعة المخدرات وعلى رأسها الحشيش والهيروين والبانجو والقنب ويقوم الخارجون على القانون فيها بزراعة تلك الممنوعات فى السفوح والوديان، وأحضان الجبال ويحفرون الآبار الجوفية لتوفير المياه، ويعتمدون على زراعة تلك الممنوعات فى المدقات والطرقات الجبلية الوعرة وزراعة البانجو والخشخاش والحشيش فى الصوب الزراعية وريها بخراطيم مدفونة فى الرمال حتى يكون مصدر الماء بعيدا عن مكان الزراعة بغرض التخفى عن ضباط مكافحة المخدرات. حراسة دائمة وحتى ينجح الخارجون على القانون فى أداء المهمة وضمان توزيع الإنتاج على التجار والعصابات الدولية، يتعمدون كما حدث مؤخرا زراعة المخدرات بعيدا عن الطرق الرئيسية والفرعية والأرض السهلة، والمنبسطة ويقومون بتعيين حراسة دائمة على تلك المزروعات ووضع كمائن مسلحة على قمم الجبال وبين الممرات والوديان للتعامل مع أى ظروف طارئة، مما دفع قوات حرس الحدود إلى استخدام طائرات عمودية والقيام بعمليات إبرار جوى لضبط العناصر المارقة، وحرق تلك المزروعات ونقل أعضاء النيابة العامة بالطيران للمعاينة والتحقيق. وكما قالت بيانات وإحصاءات مكتب مكافحة المخدرات فإن غالبية مزارع البانجو والتى يتم القضاء عليها أولا بأول موجودة فى شمال سيناء، بينما تتضاعف زراعة الخشخاش فى الجنوب والوسط، وبالتحديد فى مناطق نخل والحسنة وبئر العبد ورمانة والقضيمة والسبيكة وأودية تيران، وفيران والمعير والصهو والموالح وغيرها من المواقع المرصودة برا وجوا من قبل ضباط مكافحة المخدرات. ومن خلال التحريات والبيانات التى تصدرها الجهات المعنية، فقد تبين أن القليل من أبناء سيناء، هم الذين يقومون بزراعة تلك الممنوعات، وانهم مجرد أداة أو واجهة لحيتان تجارة المخدرات فى مصر ولبنان وأفغانستان وباكستان الذين يستحقون وقفة أمنية كبيرة، وبالتالى فهم أقل المستفيدين من زراعة تلك المحرمات. ومن هنا فإن سيناء رغم أنها مركز لزراعة المخدرات فإنها ليست مركزا للتجارة، أو أنها مركز توزيع لعمليات بيع وشراء، ولكنها مكان للزراعة والإنتاج. ومع أن الأجهزة المعنية لم تضرب أوكار الإرهاب، ومراكز السلاح إلا مع العملية نسر، فإن قوات الشرطة المدنية، وقوات حرس الحدود تفوقت على نفسها فى تعقب زراعات القنب والحشيش والخشخاش وسط وجنوبسيناء، وأعدمت كثيراً من مزارع البانجو فى حملات برية وجوية مكثفة، وإن كان نشاط تلك الأجهزة توقف قليلا بعد ثورة 25 يناير، وظهور التيارات الجهادية والتكفيرية فى وسط وشمال سيناء، وحصولهم على أسلحة متطورة وصواريخ عابرة للمدن ومنصات إطلاق صواريخ مضادة للطائرات بعد سقوط نظام القذافى، كما جاء آنفاً. حشيش وبانجو وفى عرض سريع لأشهر النباتات المخدرة فى سيناء، فقد أكدت التقارير المتخصصة والمعتمدة أن نبات البانجو يزرع فى الأراضى السهلية والرملية والطينية، فيما يزرع الخشخاش بين الوديان والصخور، أما نبات الحشيش فإنه لا يجد صعوبة فى أن ينمو فى أى أرض شريطة توافر الماء سواء المحمول على ظهور الجمال، أو ما يتم توفيره عن طريق الآبار الجوفية والعملاقة، والتى تزيد تكلفة الواحد منها على المليون جنيه. وإذا كان نبات الخشخاش يزرع فى نوفمبر مع بداية فصل الشتاء فإن نبات القنب الذى ينتشر فى شمال سيناء يزرع طوال العام، على عكس الأفيون الذى يزرع فى جنوبسيناء، ولدورة زراعية واحدة لا تتجاوز 3 أشهر هى فترة فصل الشتاء. ولأن الغاية تبرر الوسيلة فى مفهوم التيارات الجهادية المتشددة فإنهم يزرعون مساحات شاسعة من تلك النباتات المجرمة والمحرمة على أساس أن الضرورات تبيح المحظورات، وقد تم ضبط أكثر من 50 مليون شجرة قنب وحشيش وخشخاش على فترات متقطعة، وحملات متعددة فى شمال وجنوب ووسط سيناء تبين عند التحقيق أنها مملوكة لعناصر جهادية أو خارجة على القانون، وأن حصيلة تلك الممنوعات تستخدم فى شراء السلاح لقتل من يقف فى طريقهم، وهذا لم يمنع بالطبع تسريب كميات كبيرة من مخدر البانجو والحشيش والقنب إلى السوق المحلية، وتداول الهيروين بين الشباب فى الأونة الأخيرة. وتعليقاً على التيارات التكفيرية والجهادية وقضايا السلاح والمخدرات فى سيناء يقول د. عبد الرحيم على الخبير فى شئون الحركات الإسلامية: إن التنظيمات الموجودة فى سيناء على صلة وثيقة بتلك التنظيمات الموجودة فى غزة وسر التعاون هو التوافق الفكرى بين التنظيم الأساسى فى غزة، والتنظيم الفرعى فى سيناء، حيث يريد الأول إقامة إمارة إسلامية فى غزة، ويريد الثانى إقامة إمارة إسلامية فى سيناء تمهيداً لإقامة دولة غزة الكبرى لتكون فى مواجهة إسرائيل الكبرى، ولتحقيق هذا الهدف فقد تمت عمليات تبادل وتسهيل لشحنات السلاح والذخيرة والصواريخ المضادة للطائرات والعابرة للمدن من ليبيا لتخزينها فى سيناء انتظارا لهذا اليوم. وفى نقطة خطيرة أشار د. عبد الرحيم إلى أن السلاح الذى تحصل عليه تلك المنظمات يأتى عن طريق البحر، ويتم تهريبه إلى سيناء عبر الأنفاق، مقابل أن تحصل التنظيمات الجهادية فى سيناء على نسبة ال 25% من هذا السلاح مع تلقى تدريبات عملية على استخدامه فى سيناءوغزة. وكشف د. عبد الرحيم أن العلاقة بين ممتاز ومعتز دغمش قائد جيش الإسلام فى غزة وخالد مصطفى وأحمد صديق قائدى التوحيد والجهاد فى مصر ترسخت بعد أحداث طابا عام 2003 عندما كان يقود جيش الإسلام آنذاك خميس الملاحى الذى تم قتله على يد القوات المصرية بعد أحداث طابا. وعن فكر هؤلاء يقول د. عبد الرحيم بأنهم يرفضون الديمقراطية ويعتبرونها رجساً من عمل الشيطان، ويؤمنون بالجهاد المسلح ضد من يقف فى طريقهم، ويعتبرون الانتخابات كفراً وشركاً بالله. وفى ذات السياق يقول الشيخ نبيل نعيم قائد تنظيم الجهاد إن مشكلة المتشددين أنهم يكفرون الحاكم، ويكفرون من لا يكفر الحاكم، ويعتنقون فكر الشيخ محمد قطب، والشيخ سيد قطب فى «معالم على الطريق» و«واقعنا المعاصر» و«جاهلية القرن العشرين»، بالإضافة إلى كتاب «التوحيد» للشيخ محمد بن عبدالوهاب، مشيراً إلى أن التنظيمات الجهادية تنشأ فى المناطق الفقيرة، كما حدث فى الفيوم ومرسى مطروح والوادى الجديد وبعض محافظات الصعيد والصحراء الغربية، إلا أنه بعد 25 يناير استقرت هذه العناصر فى سيناء للتواصل مع الميليشيات المسلحة فى غزة. وعن تلك الجماعات الجهادية يقول المفكر الكبير د. ناجح إبراهيم، والذى كتب أكثر من 30 كتابا عن فكر تلك الجماعات إنها تنظيمات متفرقة، ولا يوجد لها كيان واحد أو قيادة واحدة، وتختلف تلك التنظيمات عن الجماعات الإسلامية، التى تعد أول حركة إسلامية تؤمن بالمرجعيات الفقهية والفكرية، تأكيدا للمبدأ القرآنى بمحاسبة النفس اللوامة، والذى يسميه الغرب بالنقد الذاتى. وعن سر هجوم تلك التنظيمات على أفراد الجيش المصرى فى رفح يقول د. ناجح إبراهيم أرجح أن يكون سبب هذا الهجوم- رغم عدم الإعلان عن الجهة المنفذة حتى الآن- هو الثأر والانتقام من قوات الجيش المصرى التى فضت اعتصام العباسية بالقوة أثناء محاولة اقتحام وزارة الدفاع، وقتل 6 من عناصر التوحيدوالجهاد. مضيفا أن الفكر التكفيرى والجهادى لا يظهر إلاّ فى المناطق التى تعانى الفقر والتهميش كما حدث فى شمال وجنوبسيناء، مطالبا الأجهزة المعنية بالتواصل مع تلك التيارات وعقد جلسات حوار معهم إذ ليس من المعقول أن يحاور الحق تبارك وتعالى إبليس عليه لعنة الله، ولا يتم التحاور مع هؤلاء، مع التأكيد بأن الحل الأمنى منفردا لن ينجح فى حل المشكلة. وعن سبب ما يحدث الآن فى سيناء يقول المهندس الكبير حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق إن المتسبب الرئيسى فيما يحدث الآن فى سيناء هو حسنى مبارك وجميع أركان النظام السابق وعلى رأسهم رؤساء الوزراء الذين استثمروا أموال مصر فى مشاريع فاشلة مثل توشكى وشرق التفريعة وفوسفات أبو طرطور، وتركوا سيناء تنعق فيها الغربان. ولخوف الرئيس السادات على سيناء- رحمه الله- فقد وافق على الاقتراح الذى قدمته وزارة الإسكان عندما كنت مسئولا عنها وهو إعداد موسوعة لبحث مشاكل وتنمية سيناء وتحديد ثرواتها الطبيعية، والمساحات الصالحة للزراعة، وبالفعل قمنا فى وزارة الإسكان والتعمير بإعداد دراسات مستفيضة عن إمكانية الاستفادة من مياه النيل والمياه الجوفية، ومياه المطر فى الزراعة، وأعددنا دراسات مستفيضة عن الثروات التعدينية، والسياحة، وتنمية قناة السويس، والثروة السمكية. وبدأنا وقتها- والكلام على لسان مهندس حسب الله الكفراوى- فى إنشاء ميناء العريش، وميناء الطور، ووضع التخطيط الشامل وتحديد مساحات القرى السياحية، ومراكز العلاج الطبيعى والاستشفاء بالمياه الكبريتية الساخنة وأنشأنا نفق الشهيد أحمد حمدى، وطريقين كبيرين من القنطرة للعريش وأبو رديس والطور. وحذر مهندس حسب الله الكفراوى من ذات السياسة التى سار على نهجها النظام السابق، وهو الاستثمار بعيدا عن سيناء لخدمة إسرائيل التى يهمها فى المقام الأول أن يتم صرف أكثر من 12 مليار جنيه فى توشكى بلا عائد، ويهمها أيضا أن يتم صرف 12 مليارا أخرى فى ترعة السلام بلا عائد.. ولله الأمر من قبل ومن بعد. ومن جانبه يطالب عبدالله حسن عضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية وعضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشورى بسرعة القضاء على البؤر الإجرامية فى سيناء خاصة وأن البعض قد لقب منطقة جبل الحلال التى تتمركز فيها العناصر الإرهابية والإجرامية ب «تورابورا» وهى المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان ولا نريد أن تكون منطقة جبل الحلال مثل هذه المناطق الموبوءة مؤكدا أن منطقة جبل الحلال كانت السبب الرئيسى بالفعل فى نشر المخدرات فى السهول والوديان التى يصعب الوصول إليها من جانب الأمن مع التأكيد بأن تلك المنطقة مليئة بمزارع الحشيش والبانجو ويجب بعد القضاء على بؤر الإرهاب استغلال تلك الأراضى فى زراعة الفاكهة والنباتات العطرية كبديل لنباتات الموت التى تستغلها الجماعات الإرهابية فى شراء السلاح وبالتالى يجب التخلص من تلك الأزمة التى تمثل كارثة لمصر عن طريق وضع خطة أمنية واقتصادية ومجتمعية يتم من خلالها إحكام الرقابة إضافة إلى استيعاب بدو سيناء واستقطاب شباب وشيوخ القبائل السيناوية فمشكلة الإرهاب فى سيناء تزعزع استقرارهم أيضا وسرعة البدء بصورة جدية فى تنمية وتعمير سيناء. ويؤكد اللواء عبد الفتاح عمر وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى الأسبق بمجلس الشعب أنه بعد العملية الإرهابية التى تمت بالقرب من رفح تم وضع العديد من الإجراءات الأمنية لتطهير سيناء من بؤر الإجرام والإرهاب التى تركزت فى جبل الحلال وجبل يلق والمغارة فى سيناء، مشيرا إلى أن الخروج من تلك الأزمة والقضاء على تلك البؤر يجب أن يكون عن طريق إحياء وتفعيل المشروع القومى لتنمية سيناء كحاجة إستراتيجية ملحة لما لها من ارتباط وثيق بينها وبين بنيان الأمن القومى، مضيفا أنه من الضرورى تقسيم سيناء إلى ثلاث محافظات وليس اثنتين فقط خاصة أن سيناء تمثل أهمية اقتصادية وأمنية كبرى لذلك فإن تقسيمها لمحافظتين فقط هو ظلم لدور وأهمية منطقة وسط سيناء وموقعها الإستراتيجى مع ضرورة إنشاء وزارة تختص بتنمية وتعمير سيناء يكون شغلها الشاغل هو التخطيط طويل الأجل لتنمية سيناء واستغلال مواردها وتحقيق أعلى استفادة ممكنة لأن النظام السابق تركها عقودا طويلة دون أن ينفذ الخطط التى ظلت حبيسة الأدراج والتى لو كانت قد نفذت من وقت وضعها لكانت سيناء سلة غذاء مصر. توطين 5ملايين يقول د. نادر نور الدين خبير الأراضى والمياه بجامعة القاهرة إن سيناء مقسمة إلى ثلاثة أقسام الشمال والوسط والجنوب وتم تقسيم الجزء الأوسط مابين محافظتى شمال وجنوبسيناء مع الجزء الشمالى وهو المطل على البحر المتوسط وهو سهل منبسط والمعروف بوادى العريش وتم تخصيص ترعة السلام لتمر من هذه المنطقة لزراعة ما يزيد على 400 ألف فدان أما وسط سيناء فهى منطقة جبلية وعرة وفيها جبل الحلال الذى يتخلله وديان وسهول صالحة للزراعة وتصل مساحة الأراضى الصالحة للزراعة إلى ما يزيد على 100 ألف فدان وللأسف الشديد تلك المساحة من الوديان والسهول بمنطقة جبل الحلال يتم زراعتها بكافة أنواع المخدرات. مشيرا إلى أن هناك منطقة أخرى بوسط سيناء مطلة على البحر الأحمر بها مساحة من الأراضى الصالحة للزراعة تصل إلى 100 ألف فدان أخرى وفى الجنوب سهل منبسط و100 ألف فدان أخرى تصلح للزراعة وعلى البحر الأحمر سلسلة من الجبال الوعرة والمتصلة بجبال وسط سيناء وكل تلك الجبال التى تقع فى وسط وجنوبسيناء مليئة بالكهوف والمناطق الوعرة والتى يستطيع البعض العيش فيها وتؤوى كل الهاربين من العدالة.