لا شك أننا تأخرنا كثيرا في توثيق علاقاتنا بأشقائنا الأفارقة, وتناسينا درونا الرائد في دعم حركات التحرر الأفريقية في فترة المد الثوري التي أعقبت ثورة يوليو.1952 مصر التي تبنت ورعت ودعمت حركات التحرر من الاستعمار في القارة السمراء, تراجعت كثيرا بسبب تطلعها في عهود سابقة إلي العواصم الأوروبية وأمريكا, وإهمالها البعد الأفريقي في علاقاتها الخارجية بعد أن كانت قبلة كل الزعماء الأفارقة ومحط أنظارهم. يومها كانت مصر المحطة الرئيسية للثوار وملاذهم الآمن, والحصن الحصين لكل حركة تسعي للتخلص من الاستعمار. الآن فقط.. وبعد عقود من الإهمال تثبت الأحداث أننا كنا مخطئين في توجهاتنا التي أسقطت القارة من حساباتنا, وبات علينا أن نعيد النظر في سياستنا وأن نفتح أبوابنا باتجاه الجنوب, شعبا وحكومة ورجال أعمال. ولعل زيارة الرئيس مرسي الأخيرة لإثيوبيا وإلتقاءه برؤساء كل من تنزانيا والكونغو وإثيوبيا ونيجيريا والسودان وجنوب السودان علي هامش الاحتفال باليوبيل الذهبي للاتحاد الأفريقي خطوة مهمة وجادة علي الطريق الذي كان علينا إلتزامه من سنوات طويلة مضت. ليس مطلوبا من الدولة وحدها ممثلة في الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والمسئولين أن تعيد تمتين علاقاتنا بالدول الأفريقية, بل علينا جميعا أن نشارك في هذه المهمة كل في مجاله. فمؤسسة الأزهر الشريف عليها عبء ثقيل بمد جسور التعاون الديني والثقافي مع الشعوب الأفريقية, بصورة أكثر مما هي عليه الآن من خلال استضافة المزيد من الطلبة الأفارقة لتلقينهم الإسلام الوسطي, ولترسيخ الدور الرائد لمصر في أنحاء القارة. رجال الأعمال.. عليهم مهمة دعم التبادل التجاري معها والاستثمار فيها.. فمازالت أسواقها حتي الآن بكرا تستوعب منتجاتنا الصناعية وهي في أمس الحاجة لخبراتنا في المجالات المختلفة. علينا أن نبحث عن احتياجاتنا من اللحوم لدي الدول الأفريقية كنز اللحوم الفاخرة والنظيفة بدلا من استيراد اللحوم المجمدة من دول تفصلها عنا آلاف الأميال. نحتاج إلي أن نصحح صورتنا لدي الشعوب الأفريقية التي استقر في وجدانها أننا نتعالي عليها بسبب إهمال علاقتنا بها علي مدي عقود. حماية مواردنا المائية التي يثور حولها الجدل من وقت لآخر لا تأتي إلا من خلال إقناع دول حوض النيل بوحدة مصالحنا بمداومة التواصل معها وخلق مصالح حقيقية مشتركة بيننا تكفل عدم الاختلاف حول أي قضية.. أفريقيا كنزكبير لا يجوز لمسئول مصري إهماله بعد الآن. [email protected]