هذا هو جيش مصر الذي كتب عنه الشاعر فاروق جويدة: رسمنا علي القلب وجه الوطن.... نخيلا ونيلا وشعبا أصيلا, وصناك يا مصر طول الزمن... ليبقي شبابك جيلا فجيلا, عروبتنا تفتديك القلوب.. ويحميك بالدم جيش الكنانة, يد الله يا مصر ترعي سماك.. وفي ساحة الحق يعلو نداك, ومادام جيشك يحمي حماك.. ستمضي إلي النصر دوما خطاك. هذا هو جيش مصر الذي انحاز منذ25 يناير لإرادة الشعب, وساند التغيير السلمي في انتقال السلطة, وأشرف علي الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في19 مارس2011, وقام بمهام الشرطة في ظروف عصيبة خلال الفترة الانتقالية في بدايتها, وحمي المنشآت والمنازل ومقدرات هذا الوطن. هذا هو جيش مصر الذي طمأن شعبه في عام2011 حينما خرجت أصوات تنادي بأن الانتخابات البرلمانية ستحول الشارع المصري إلي دماء, وقال قائده العام آنذاك إن الشعب المصري هو الذي سيحافظ ويحمي الانتخابات وحينما ذهبت لأدلي بصوتي في لجنتي أحسست أن لي ظهرا يحميني وهم جنود القوات المسلحة الحارسون للجان الانتخابات. هذا هو جيش مصر الذي صبر وتحمل الهتافات والبذاءات والشعارات المنطوقة والمكتوبة, والتي تسيء إلي قياداته ورموزه أثناء إدارة المجلس العسكري للبلاد من أشخاص ومجموعات تطلق علي نفسها ناشطين سياسيين, والبعض الآخر ذو مرجعية دينية تطالب بتسليم السلطة في محاولة من كلا الطرفين لاقتحام وزارة الدفاع رمز وشرف المؤسسة العسكرية في مظاهرات غير سلمية. هذا هو جيش مصر الذي لعب مجلسه الأعلي للقوات المسلحة دورا مهما للوفاق بين القوي والأحزاب السياسية المتصارعة, وبذل جهدا من أجل إخراج وثيقة اللجنة التأسيسية للدستور, والتي أطلق عليها وثيقة السلمي وفي تصوري كانت تعبر عن جميع طوائف الشعب المصري وخرجت بعض الأحزاب ذات المرجعية الدينية بمليونية تندد بالوثيقة وتهتف بسقوط حكم العسكر في مصطلح غريب علي شعب مصر. هذا هو جيش مصر الذي حمي شعب مصر من الفوضي والانفلات الأمني, وفي هذا السياق لابد أن يتذكر البعض أن الجيش دفع بنحو150 ألف جندي في الشارع لكي تبقي مصر هي مصر في رسالة لطمأنة شعب مصر غير المسيس. هذا هو جيش مصر الذي لم يغير موقفه المؤيد للشعب رغم الاتهامات الباطلة, ولم يطلق رصاصة واحدة علي مواطن مصري, كما حدث في دول عربية, بل حمي المتظاهرين, وإن قضايا المتهمين التي تحولت إلي تحقيقات قضائية كانت جميعها قضايا جنائية إجرامية وليست قضايا فكر أو رأي وفي هذا السياق تم اعتقال3113 من الخارجين عن القانون آنذاك وقدموا للمحاكم العسكرية. هذا هو جيش مصر الذي نشر قواته في يناير2013 في مدينة السويس بعد مقتل بعض المصريين بالرصاص خلال الاحتجاجات التي انتشرت في أنحاء مصر في25 يناير2013, ناهيك عن نزول الجيش الثالث الميداني إزاء أحداث العنف في محافظتي بورسعيد والاسماعيلية. هذا هو جيش مصر الذي يحل الأزمات حينما حدثت إضرابات سائقي النقل العام ودفع بأتوبيساته لنقل المواطنين إلي أماكن عملهم, واليوم يوفر الوجبات الغذائية لطلاب جامعة الأزهر حرصا علي سلامة أبنائه من الشباب. واستكمالا لما عرضناه, أكد القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربي في اللقاء الذي ضم مؤخرا رموز وضباط وجنود جيش مصر بمشاركة بعض الإعلاميين والفنانين والشخصيات العامة والشعراء والمفكرين والمثقفين من المدنيين أن أمن مصر وسلامتها يكمن في قواتها المسلحة القوية محذرا أن الجيش نار لا تلعبوا به, ولا تلعبوا معه, ولكن ليس نارا علي أهله في رسالة إلي من يسيء إلي المؤسسة العسكرية. ومن الرسائل التي وجهت في هذا اللقاء: 1- أن منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلي توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين وأن ولاء الجيش لمصر. 2- أن عقيدة القوات المسلحة ومنهجها هي الانحياز دائما إلي شعب مصر العظيم عبر تاريخها الطويل تعمل وفقا لحماية مقدرات هذا الوطن وتطلعات الشعب المصري. 3- عدم إقحام القوات المسلحة في حل الصراعات السياسية من منطلق عدم رغبة الجيش في التدخل بالحياة السياسية والتأكيد علي أن نزول الجيش مرة أخري إلي الشارع قد يحول مصر إلي منطقة صراعات دموية أسوة بما حدث في الجزائر والصومال. 4- لمن ينادون باللجوء العسكري لحل أزمة دول منابع النهر أن يعوا جيدا أن الحل الدبلوماسي وتقديم العون والمساعدة لدول حوض النيل هو أفضل الحلول. 5- لمن يسألون عن قتلة جنودنا في رمضان الماضي فلن تتهاون القوات المسلحة في حق شهداء رفح ضحايا الغدر والارهاب من جنود مصر الحارسين حدودها. إن هذه الرسائل جاءت تأكيدا علي الوحدة الوطنية المصرية وأن ولاء هذا الجيش هو لمصر, وأن ما يجري حولنا من مؤامرات وحسابات قوي خارجية وداخلية تعبث بمصير الأمة, يحتم علينا أن نضع جيش مصر في مكانه ومكانته التاريخية, كأحد منجزاتنا الكبري وثوابتنا الراسخة, ويبقي فقط أن تكون عيون جيشنا العظيم ساهرة وثاقبة للتصدي للشخصيات غير المصرية التي تعبث بأرض مصر وتعتدي علي أبنائها. واقترح: أن تنشر إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة كتيبا صغيرا يشتمل علي إنجازات القوات المسلحة المصرية خلال العامين السابقين, يوزع مجانا علي طلاب الجامعات ويودع في مكتبات مراكز الشباب, ليعرفوا أن جيش مصر قوي ورائد في المنطقة وتاريخه مشرف, وكيانه متماسك ولكي يفتخروا بقواتنا المسلحة التي أحرقت العدوان الثلاثي, وحطمت خط بارليف, وانتصرت علي العدو, وقبل ذلك أمل أن تصل هذه الانجازات إلي البعض ممن عاشوا في مصر, وتربوا علي أرضها, وشربوا من نيلها ليعرفوا من هو الجيش المصري.