تحتل البنوك مركز القلب بالنسبة لجسد الاقتصاد والوطن الذي يدفع بالأموال في شرايين هذا الجسد فتمده بالحياة اللازمة لنشاطه واستمراره. وتقوم البنوك بهذه الوظيفة الحيوية كمؤسسات مالية وسيطة تتولي تجميع الأموال من الأفراد والوحدات الاقتصادية التي لديها فائض في الأموال وتسهيل انسياب هذه الأموال إلي الأفراد والوحدات الاقتصادية التي هي في حاجة إليها وذلك من خلال أنشطة متعددة ومتنوعة. فتقوم البنوك بتمويل نشاط التجارة الخارجية للواردات والصادرات. ففي مجال الواردات تقوم البنوك بتمويل الواردات من الخامات ومستلزمات الانتاج وتقديم القروض والتسهيلات الائتمانية اللازمة لتشغيل الوحدات الاقتصادية مما يجعلها قادرة علي الاستمرار في الانتاج سواء للسوق المحلية أو للتصدير. كما تقوم البنوك بتقديم القروض والتسهيلات الائتمانية للمصدرين لمساعدتهم في إنتاج وتصدير منتجاتهم للأسواق الخارجية. وتساهم البنوك في توليد دخول لأصحاب الودائع المودعة لديها وبالتالي توفر مصدر دخل لحياة هؤلاء المودعين بالاضافة إلي دخول العاملين لديها. وبالنسبة لسوق المال تعتبر البنوك الداعم الرئيسي لهذه السوق من خلال تأسيس والمساهمة في تأسيس الشركات التي تقوم بإنتاج السلع والخدمات في مختلف المجالات وإنشاء شركات ترويج وتغطية الاكتتاب في الأوراق المالية وتأسيس شركات السمسرة في الأوراق المالية وتأسيس شركات رأس المال المخاطر التي تتولي تدعيم الشركات الخاصة التي تتسم بدرجة مخاطر عالية وتعاني من قصور في التمويل. وكذلك المساهمة في تأسيس شركات المقاصة وشركات التصنيف الائتماني وشركات توريق الديون. هذا من جانب الانتاج في النشاط الاقتصادي. أما من جانب الاستهلاك فتقوم البنوك بوظيفة حيوية في تمويل الاستهلاك من خلال تقديم القروض وكروت الائتمان للأفراد وتمكينهم من شراء السلع المختلفة كالوحدات السكنية والسيارات والسلع الاستهلاكية الأخري وبالتالي تنشيط مبيعات الوحدات الاقتصادية والمساهمة في تحقيق الرواج الاقتصادي. ولا يقف دور البنوك عند الأفراد والشركات بل يمتد أيضا للحكومة فتعتبر البنوك المساهم الرئيسي في تمويل الانفاق الحكومي وتغطية جانب كبير من عجز الموازنة العامة للدولة وذلك من خلال قيام البنوك بشراء أذون الخزانة التي تصدرها الحكومة لتمويل نفقاتها الجارية في دفع الأجور والمرتبات وسداد فوائد القروض وشراء السلع المختلفة للجهاز الحكومي كما تقوم البنوك بشراء السندات التي تصدرها الحكومة لتمويل إنفاقها الاستثماري طويل الأجل لتوفير مشروعات البنية الأساسية مثل الطرق والكباري والأنفاق والموانيء والمطارات والتعليم والصحة وغيرها. ومن العرض السابق يتبين لنا الدور الحيوي الذي تلعبه البنوك في حياة الشعوب والمجتمعات. فهي بحق محور الحياة في عصرنا الحالي والقلب النابض في جسد الاقتصاد الوطني لكل دولة ومن ثم القلب النابض في الاقتصاد الدولي. لذلك تهتم الدول بوضع التشريعات وتوفير الظروف المناسبة لعمل البنوك حتي يمكنها القيام بوظيفتها الحيوية في الاقتصاد الوطني. ونظرا لأهمية هذا الدور الحيوي للبنوك في النشاط الاقتصادي يوجد بكل دولة بنك مركزي يهيمن علي نشاط البنوك العاملة في نطاقه كما تم وضع اتفاقيات دولية مثل اتفاقيات بازل لإحكام السيطرة علي النشاط المصرفي وضمان التوجه السليم لهذا النشاط. رابط دائم :