يعد الأمن من أهم القضايا التي باتت تؤرق المواطنين منذ قيام ثورة25 يناير وما أعقبها من انفلات غاب معه جميع مظاهر الأمان والاستقرار التي كانت تميز مصر.. بالإضافة إلي تأثير غياب الأمن علي تدفق الاستثمارات وحركة السياحة واللذان يمثلان دعائم للاقتصاد. وما بين صعود وهبوط في الحالة الأمنية, وأسباب كثيرة أسهمت بالإضافة إلي الثورة فيما وصل إليه الحال منها ما يختص بالتطورات السياسي أو بالانفلات الأخلاقي لبعض المواطنين أو المشكلات داخل جهاز الشرطة وغيرها يحاول الأهرام المسائي من خلال هذا الملف رصد فعالية الأمن ومدي إحساس المواطن به في المنزل والشارع والعمل.. وهل يتجه إلي الأفضل أو الأسوأ ولماذا وذلك في محاولة للوصول إلي حل لهذه المشكلة المهمة. علي الرغم من تغيير أكثر من مدير للأمن في محافظة أسوان بعد ثورة25 يناير, إلا أن سياسة التعامل الأمني لم تتغير, وهو مايؤكد أن العيب ليس في رجل الشرطة فقط وإنما في سياسة وزارة الداخلية. وفي أسوان تغير كل شيء, في ظل انفلات أمني وبيات اختياري للشرطة التي لاتتعامل مع أي موقف إلا بتخاذل شديد, فالمخدرات تباع علنا علي الأرصفة وفي عز النهار وعلي كل لون أوصنف سواء بانجو أو حشيشا, والترامادول, هذا بخلاف تواصل مسلسل قطع الطرق واحتجاز السائحين ساعات طويلة, ومن قبل ذلك ماحدث من واقعة احتجاز عشرة أشخاص لوزير التربية والتعليم ومحافظ أسوان بإحدي القاعات لمدة4 ساعات, علي خلفية مطالب فئوية. وحوادث القتل الفردية وعصابات سرقة الكابلات الكهربائة المتواصلة, كما عرفت الأسر في المراكز والقري والمدن انتشار الأسلحة الآلية والجرانوف, و عمت الفوضي الشوارع مروريا, وأصبحت سماء المحافظة مسرحا لدوي طلقات الرصاص, الغريب أن الشرطة لاتتحرك إلا في حالة واحدة إذا ماكان الأمر يتعلق بها أو بأحد من أفرادها, فخلال ساعات تم القبض علي مرتكبي حادثة قتل معاون مباحث مركز دراو الشهر الماضي بعدما أطلقت عليه عصابة لسرقة الكابلات الرصاص أثناء مطاردته لهم. وفي الوقت الذي حاولنا فيه الحصول علي رد من مديرية أمن أسوان, فوجئنا بالرفض حيث اكتفي المصدر الأمني بالتعليق بأن جهود المديريةتنشر يوميا علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. ويقول عبد الناصر صابر نقيب المرشدين السياحيين بأسوان: إن النقابة فقدت الأمل تماما في عودة الأمن, فهو في رأيه في اجازة مفتوحة, ولن يعود ومن هنا نناشد قبائل أسوان وأهلها التدخل لحماية صناعة السياحة التي يعتمد عليه80% من أبناء المحافظة. ويقول إن السياحة تمر بمنعطف خطير قد يجر أسوان لتصنيفها ضمن المدن السياحية سيئة السمعة, فالسائح يتعرض لأبشع التهديدات هو ومن يحاول الدفاع عنه, وربما يفقد في ذلك حياته, خاصة وأن السلاح الأبيض قد أصبح هو لغة التفاهم في كل شيء. وأكد أن المخدرات تباع علنا أمام المراسيالسياحية في حراسة الأمن الذي لايتدخل علي الإطلاق. ويروي صابر ماحدث أثناء احتجاز630 سائحا في مدينة أبو سمبل, قائلا: تكلمنا مع الأمن فكان ردهم ويقصد من قطعوا الطريق دول ناس غلابة خلوهم ياكلوا عيش, وعندما تكلمنا عن السرقات التي تحدث يكون الرد خلوهم ياكلوا عيش. وأكد نقيب المرشدين أن الأمن لايبالي بما يحدث إلا إذا كان الحدث يختص به, ومن ثم فلامجال أمامنا إلا من خلال القبائل التي يجب عليها الآن أن تعيد الاتزان الأمني لمحافظة كان اسمها أسوان السياحية. ويقول المهندس أدهم دهب أعمال حرةهناك فوضي مرورية في الشوارع, فالضباط والأفراد يكتفون بالفرجة والتحدث في التليفون المحمول فقط, بينما السيارات المخالفة والتي بلا لوحات والموتوسيكلات الطائشة ترتع أمامهم دون تدخل. ويضيف دهب: غياب الأمن المتعمد في أسوان أدي إلي انتشار السلاح بكل أنواعه, كما تعددت الخلافات بين القبائل والأسر علي أقل الأسباب, ووصل الصراع المسلح في بعض الأحيان إلي أقصي مدي, وأصبحنا نري ونسمع عن حوادث القتل بين الأشقاء, وهو أمر لم نكن نعتاد عليه. ويشير المهندس أدهم مواطن إلي أن الشعب المصري عامة وأهالي أسوان قد فقدوا الأمل تماما في عودة الأمن, إلا إذا حدثت معجزة بإعادة هيكلة وزارة الداخلية ودعمها بالصلاحيات القانونية التي تعيد إليهم الثقة المفقودة. تحدث الدكتور سعيد عويضة الأستاذ بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية قائلا إن جهاز الشرطة فقد الثقة في نفسه ولكن حتما سيعود لعمله, حيث يحتاج ذلك لدعم المواطن نفسه من خلال التحلي بالسلوك القويم, موضحا أن الشعب المصري عامة لم يتغير, فوفقا لجميع مدارس علم النفس يكون لكل إنسان بصمة إما فطرية وراثية أو النفسية مكتسبة من البيئة المحيطة به, ومن هنا فإن تركيبة الشعب المصري مكتسبة من كم الضغوط التي وضع فيها خلال حقبات متتالية من الاحتلال التي جعلته يعظم المحتل ويظهر خلاف مايبطن, فمثلا تجد أي مصري منضبطا طالما كان تحت ضغط مثل نظام الكفيل في الدول العربية الذي يجعل المصري متفوقا, ولذا استطيع أن أقول إن سيكولوجية الإنسان المصري في حاجة للإصلاح. وعن الأمن وممارسات الأسوانيين قال الدكتور سعيد: من أمن العقوبة أساء الأدب, فالقانون الغائب من عقود كبيرة وليس خلال عامي الثورةفقط من أهم العوامل التي أدت للمشاكل الحالية, أضف إلي ذلك منظومة التعليم الفاسدة والتي تحتاج إلي كثير من الإصلاح لإعداد أجيال قادرة علي تحمل المسئولية. علي الجانب الآخر, لم يعلق مسئول أمني واحد لتبرير مايحدث من فوضي وانفلات في الشوارع, واكتفت المديرية بما تنشره عليالفيس بوك, والتي تشير إلي جهود المديرية في ضبط عدد من تجار المخدرات بمدينتي إدفووأسوان خلال حملة مكبرة أخيرا, بنحو9500 قرص مخدر و16 لفافة بانجو و340 زجاجة بيرة و سلاح آلي وفرد خرطوش, بالإضافة إلي تنفيذ142 حكما قضائيا متنوعا. رابط دائم :