قليلون اولئك الذين عاشوا حياتهم في ظلال القرآن الكريم يتتبعون أسراره ويحاولون تدبر معانيه ويجاهدون في الوصول الي تفسير آياته ومعانيه ولكن تبقي حلاوته وطلاوته علوا في المقام والقامة لايعلو عليه انسان هو مفكر ورجل دين وشيخ وولي صالح من أهل السنة والجماعة وعلامة بين علماء التفسير, نشأ في بيئة علم ودين وصلاح, واستهل تعلمه علي يدي علماء منطقته وتأثر ب الإمام الغزالي وبنيت له في منطقته زاوية كبيرة لنشر العلم والدين, هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف بن طلحة بن ثعلبة المشهور بعبد الرحمن الثعالبي ولد سنة786 ه/1384 بمنطقة تسمي القبائل بالجزائر موطن آبائه وأجداده. انتقل الي المغرب الأقصي بصحبة والده محمد بن مخلوف فتعلم أصول الدين والفقه فأخذ عن العجيسي التلمساني المعروف بالحفيد, ثم اخذ العلم عن كبار العلماء من مصر وتونس وتركيا والحجاز. التي ادي بها فريضة الحج ومنهم علي أبو الحس علي بن عثمان المانجلاتي وأبوالربيع سلمان بن الحسن, وأبو العباس أحمد النقاوسي, وأبو القاسم المشدالي, وأبو زيد الوغليسي,وأبا عبد الله البساطي, وولي الدين العراقي, وغيرهم وصار الشيخ الثعالبي يلقي دروسه بأكبر مساجد الجزائر بعد ذلك حتي تخرج علي يديه كثير من العلماء, منهم محمد بن يوسف السنوسي وأحمد زروق ومحمد المغيلي التلمساني وأحمد بن عبد الله الزواوي ومحمد بن مرزوق الكفيف, وتولي القضاء زمنا قصيرا, ثم تركه لينقطع إلي الزهد والعبادة. عرف بعالم زمانه في علوم التفسير, والعقيدة, والفقه, والتصوف, وغيرها من العلوم الدينية الأخري وهو أحد أعلام القرن التاسع الهجري وكانت معظم مصنفاته في علوم الشريعة. اهتم بالتأليف وتعدت مؤلفاته التسعين مؤلفا واهمها الجواهر الحسان في تفسير القرآن في أربعة أجزاء,وروضة الأنوار ونزهة الأخيار في الفقه, وجامع الهمم في أخبار الأمم, وجامع الأمهات في أحكام العبادات, والأربعين حديثا في الوعظ,وجامع الأمهات للمسائل المهمات في الفقه, ورياض الصالحين وتحفة المتقين في التصوف, وله مخطوطات في التوحيد واللغة والفقه, والدر الفائق, والأنوار المضيئة بين الحقيقة والشريعة وعني بالتربية الروحية وحقيقة الذكر. ولم يقتصر علم الشيخ عبد الرحمن الثعالبي علي التفسير والفقه ولكنه كان يقرض الشعر ويكتب النثر. ومن شعره في الوعظ والزهد قوله وإن امرؤ أدني بسبعين حجة جدير بأن يسعي معدا جهازه وأن لاتهز القلب منه حوادث ولكن يري للباقيات اهتزازه, وأن يسمع المصغي اليه بصدره أزيزا كصوت القدر يبدي ابتزازه فماذا بعد هذا العمر ينتظر الذي يعمره في الدهر إلا اغتراره؟ وليس بدار الذل يرضي أخو حجي ولكن يري أن بالعزيز اعتزازه.قال عنه الشيخ أبو زرعة العراقي: الشيخ الصالح الأفضل الكامل المحرر المحصل الرحال أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي ووصفه العلامة عيسي بن سلامة البسكري: الشيخ الصالح الزاهد العالم العارف أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي. وقال عنه تلميذه الشيخ أحمد بن زروق: كانت الديانة أغلب عليه من علمه. لقد تأثر الثعالبي في منهجه التفسيري بمصادر مشرقية, كما تأثر بمصادر مغربية وأندلسية فجاء تفسيره مزيجا بين الفكر المشرقي والفكر المغربي, حيث ضمنه المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية, وزاده فوائد من غيره من كتب الأئمة, حسبما رآه أو رواه عن الأثبات, وذلك قريب من مائة تأليف, وما منها تأليف إلا وهو منسوب لامام مشهور بالدين, ومعدود في المحققين. وقد توفي يوم الجمعة23 رمضان875 ه منتصف شهر مارس1471 م ودفن في زاويته بالجزائر العاصمة حيث ضريحه بها حتي يومنا هذا ورثاه كثير من العلماء من معاصريه, كان من بينهم تلميذه أحمد بن عبد الله الزواوي, ومن ذلك قوله: لقد جزعت نفسي بفقد أحبتي وحق لها من مثل ذلك تجزع ألم بنا مالا نطيق دفاعه وليس لأمر قدر الله مرجع