المئات يتظاهرون ضد حظر السباحة في نهر شبريه في برلين    كيف تعرض نتنياهو لموضوع إسرائيل الكبرى في حواره مع قناة i24 العبرية؟    جولات ميدانية لمتابعة الأنشطة والأمن والسلامة بمراكز شباب الجيزة    «خبرتهم محدودة».. نجم غزل المحلة السابق يهاجم الإدارة    «ابنك لاعب في الأهلي».. سيد عبدالحفيظ ينتقد تصرف والد زيزو    تصفية 5 عناصر إجرامية بالقليوبية في تبادل إطلاق نار (تفاصيل)    بسبب إنشاءات المترو.. كسر خط صرف صحي في الإسكندرية    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    دار الإفتاء: نعمل على إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي للفتوى والبحث الشرعي    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    الكهرباء: الحمل الأقصى للشبكة الموحدة يسجل 39.5 ألف ميجا وات    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالصف الأول الثانوي العام والفني للعام الدراسي 2025 / 2026    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على حي الشيخ رضوان بغزة    قرى مالي تتحول إلى أطلال.. الإرهاب يمحو الذاكرة    وزير الخارجية الأمريكي: السلام في غزة مستحيل بوجود حماس    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    إنريكي: لا نفكر فى الكرة الذهبية.. واستبعاد دوناروما الأنسب للجميع    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    «المصدر» تنشر نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ على مستوى الجمهورية    مصدر بهيئة قناة السويس ببورسعيد ينفي ما تم تداوله حول إغلاق كوبري النصر العائم    نجم الزمالك السابق: مباراة مودرن جرس إنذار للأهلي.. وبصمات فيريرا واضحة مع الأبيض    أمين عمر حكما لمباراة بيراميدز والإسماعيلى والغندور للطلائع والمصرى    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة سموحة في الدوري    الآن بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    سعر الذهب اليوم الأربعاء 13 أغسطس محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    أصعب 24 ساعة .. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : ذروة الموجة شديدة الحرارة    لقيت السواق بتاعي في غرفة نومي.. التحقيقات تكشف تفاصيل فيديو الاعتداء الجنسي على هاتف سارة خليفة    حتى لا يتكرر حادث الشاطبى.. محافظ الإسكندرية: نعمل على تهيئة كافة الظروف لتحقيق الأمان للمصطافين.. مدحت قريطم: عبور المشاة العشوائي وراء حوادث الطرق ويجب تكثيف التوعية    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    "الإسكان": منصة إلكترونية/لطلبات مواطني الإيجار القديم    بداية أسبوع من التخبط المادي.. برج الجدي اليوم 13 أغسطس    4 أبراج «بيحسّوا بالحاجة قبل ما تحصل».. موهوبون في التنبؤ ويقرأون ما بين السطور    نقاش محتدم لكن يمكنك إنقاذ الموقف.. حظ برج القوس اليوم 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    نجاح الفريق الطبي بالمنوفية في إنقاذ سيدة حامل في 4 أجنة    أكاديمية الفنون تحتفي بعيد وفاء النيل بمعرض فوتوغرافي    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر 2 سبتمبر المقبل    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    نقابة العلوم الصحية: تكليف خريجي المعاهد خطوة لتعزيز المساواة    عيد مرسال: مصر تقف بثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام ابن القيم.. المعلم الذي غذى العقول والطبيب الذي داوى القلوب
نشر في بص وطل يوم 02 - 01 - 2011

كثير من الناس يظن ابن القيم مجرد امتداد لشيخه ابن تيمية؛ وذلك لحب ابن القيم الشديد له وتمسكه بآرائه.. وكثير منهم يصنّفونه من علماء الرقائق الذين كتبوا عن الوعظ والزهد فقط.
لكن من يعرف ابن القيم حق المعرفة يدرك أنه كان منظومة ثانية متكاملة من العلم بعد ابن تيمية، أخرجت علومه عصارة ما درسه وحفظه ووصل له.
ومن تابع المقال السابق عن شيخ الإسلام ابن تيمية.. المفترى عليه والذي عرض كيف كان ابن تيمية منظومة من العلم ونموذجاً للفقيه الشمولي الذي كان له في كل مجال باع؛ سيُدرك أن ابن القيم كان امتداداً لهذه المدرسة؛ فأخذ كل ما كان عند ابن تيمية وزاد عليه.
وله على المسلمين الفضل العظيم في نصرة هذا الدين، وفي نشر السنة، وهو الذي ناظر المفسدين والمبتدعين وأصحاب الأهواء، وألّف في فلسفة الإسلام والعقيدة؛ حتى غدت مؤلفاته منابع خير يتلقّى منها الناس بَعده.
حياته
هو العلامة شمس الدين بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، المشهور بابن قيم الجوزية، ولاسمه هذا قصة طريفة؛ هي أن والده كان قيّماً (ناظراً) على مدرسة الجوزية الدينية، وكان من العلماء المعلّمين البارزين..
فعندما التحق ابن القيم بمدرسة والده أطلق الطلبة عليه "ابن قيم الجوزية" أي: ابن ناظر المدرسة، أو "ابن القيم" أي مختصراً (ابن الناظر).. وبسبب هذا اللقب قد يقع البعض في الخلط بينه وبين الإمام الكبير أبي الفرج ابن الجوزي.
وُلد في السابع من شهر صفر سنة 691ه، والغالب أن ولادته كانت بدمشق.
نشأ في جوٍ علمي، وكان حادّ الذكاء؛ فقد أتمّ حفظ القرآن وهو دون السابعة، وأول شيوخه كان والده الذي تربى على يديه وفي مدرسته.. وتلقى الفقه وبرع فيه وأفتى في سن صغيرة، وتفنّن في علوم الإسلام مثل: التوحيد، والتفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والفرائض، واللغة، والنحو، وكان عارفاً في التفسير لا يجارى، وسمع الحديث، واشتغل به وعني بالحديث ومتونه ورجاله.. وكان عالماً بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقها. قال عنه الإمام الحافظ ابن حجر: "كان جريء الجنان، واسع العلم، عارفاً بالخلاف ومذاهب السلف".
سافر عدة مرات إلى مكة منقطعاً للعلم والعبادة، وله عدة رحلات إلى مصر أقام فيها، وعلّم، وناظر أصحاب العقائد والملل.
ثم تتلمذ على يد الإمام ابن تيمية، وأدرك ابن تيمية بعينه الفاحصة الثاقبة نباهة ابن القيم وتميّزه، فاصطفاه من سائر تلاميذه، وضمه إليه؛ حتى صار ابن القيم أخصّ الناس بابن تيمية؛ فحمل عنه ابن القيم علومه كلها وآراءه وأفكاره وفتاواه ضد التصوف والبدع والعقائد المخالفة لعقيدة السلف؛ حتى سُجن معه في معتقل دمشق بسبب فتاوى الطلاق، وظل ملازماً له في سجنه، ولم يخرج إلا بعد وفاة شيخه ابن تيمية.. ثم لقي بعد ذلك المعاناة نتيجة إيمانه بآراء شيخه؛ حتى أنه كان لا يخرج عن شيء من أقواله.. وهو الذي نشر علمه بما صنّفه من التصانيف.
تولى ابن القيم أعمالاً عديدةً، منها: الإمامة في المدرسة الجوزية، والفتوى، وقد تعرّض للسجن بسبب إصراراه على فتوى جواز طلاق الثلاث بلفظ واحد (أن تقع الطلقات الثلاثة كلها إذا قالها الزوج في لفظ واحد: طالق طالق طالق) وهي الفتوى المعمول بها الآن في بعض البلدان عدا مصر؛ على رأي بعض المذاهب.
رقّ قلبه فنفذت بصيرته
عُرف رضي الله عنه بالزهد والورع وإطالة الصلاة والخشوع، وكان كثير البكاء والدعاء والمعاتبة لنفسه، شديد الخوف من التقصير والتفريط.. وهذه الأمور والخصال أكسبته قدرة كبيرة على الغوص في معاني الآيات والأحاديث ودقائق النفس البشرية، حتى أصبح كأنه من أشهر الأطباء النفسيين، ومن كبار خبراء علل القلوب وأمراضها وكيفية علاجها، حتى فاق كل معاصريه حتى أستاذه ابن تيمية، والإمام أبو حامد الغزالي.
وقد أخذ عن شيخه زهده وانشغاله بالعلم ورسالة تعليم الناس؛ فكان قليل الاهتمام لأمر نفسه وحياته.. قال عنه تلميذه الإمام الحافظ ابن كثير: "لا أعرف في زماننا أكثر عبادة منه، له طريقة في الصلاة يمُدّ ركوعها وسجودها".
وقال عنه العلامة ابن رجب: "وكان ذا عبادة وتهجّد وطول صلاة وتألّه ولَهَجٍ بالذكر، وشُغف بالمحبة والإنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله والانكسار له، والانطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعْرَف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه".
مؤلفاته
كان لمؤلفاته عظيم الأثر في الدعوة إلى الأخذ بكتاب الله تعالى الكريم وسنة رسوله، وفهمهما على النحو الذي فهمه السلف الصالح وطرح ما يخالفهما من المبتدعات، وتجديد ما درس من معالم الدين الصحيح، وتنقية الزهد الإسلامي ممّا تسرّب إليه من أفكار بعض مضلّي الصوفية وخرافاتهم.
وقد برع ابن القيم حين طرق باباً لا يطرقه المفكرون أو ذوو النزعة العقلية من علماء الأمة، وهو باب الزهد أو الرقائق؛ فجاءت جلّ مؤلفاته في هذا الجانب؛ لكنه كان فيها نموذجاً جديداً، لقي من القبول والنجاح ما لم يلقه وعاظ وخطباء ومشايخ لهم في هذا المجال باع طويل؛ وذلك لأنه استطاع بالعقل والمنطق أن يغزو قلوب الناس قبل عقولهم؛ فكانت نداءاته إلى تطهير القلب وعلاج أمراضه مشمولة بتحليل علمي لأسبابه، ثم خطوات علمية رصينة للتغلّب الناجح على هذه الأمراض؛ كما هو الوضع الحالي مع مدربي التنمية البشرية في مواجهة أدواء المجتمع؛ مع اختلاف القياس.
وكان له رضي الله عنه حافظة عجيبة وقريحة سيالة؛ حتى إنه كتب مجموعته "زاد المعاد في هدي خير العباد" في السيرة النبوية وهو عائد من رحلة الحج، ولم يكن معه أية مراجع أو مصادر يرجع إليها في تأليفه.
أثرى المكتبة الإسلامية بمجموعة ضخمة من المؤلفات في شتى فروع العلم من التفسير، والأصول، والحديث، والرقائق والزهد، والوعظ، منها على سبيل المثال (وهي أكثر من أن يجمعها مقال):
- في أصول الفقه "إعلام الموقّعين".
- وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم "زاد المعاد في سيرة خير العباد".
- وفي الرقائق: (إغاثة اللهفان - ومدارج السالكين - بدائع الفوائد - الداء والدواء - وشفاء العليل – الزهد والورع).
- وفي الفقه "أحكام أهل الذمة".
- وفي الحديث "المنار المنيف في الصحيح والضعيف".
- وفي العقيدة: (هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى - شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر).
- وفي الطب "الطب النبوي" الذي جمع فيه بين أصول الرقية الشرعية وعلاج الروح، وأدوية أسقام وأوجاع البدن.
- وله كتاب في تفسير القرآن العظيم.
وفاته
توفي -رحمه الله- في 13 رجب سنة 751 من الهجرة النبوية، وكانت جنازته حافلة، شهدها القضاة والأعيان والصالحون من الخاصة والعامة، وتزاحم الناس على حمل نعشه، ودُفن بمقبرة الباب الصغير بالجامع الأموي بدمشق.
رحم الله إمامنا ابن القيم، ونفعنا بعلمه، ورزقنا الهداية على طريقه وطريق سلفنا الصالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.