عزيزي القاريء, هل لم تكذب أبدا؟ حاول أن تتذكر...!!... هل تذكرت...؟ أخبرني إذن.. هل كذبت مرة..؟ أكثر من مرة!!..؟ هل شعرت بحلاوة هذا الكذب؟ أو شعرت بتأنيب ضمير..؟ بصيغة أخري: هل أحسست بسعة عندما كذبت علي غيرك. وصدقك..؟ وهل أنت معتاد علي هذا الداء؟ وهل تبرر نفسك هذه العادة تقول في نفسك بسيطة: أو تقول لها كذبة بيضاء أو تقول: إنها مزاح...؟!... إذا كان هذا.. قد حدث..؟ فأنت مريض, وبقراءتك لهذا المقال: قد بقي فيك خير كثير..!! حيث: إنك تريد العلاج... ولكن ما هذا المرض..؟ إنه عزيزي القاريء.. مرض قلبي. فهل تريد أن تعرف وتتعرف علي هذا المرض..؟ لا تخجل... قل: نعم.. مرضاة لله تعالي..!!... وهل إن عرفت وتأكدت لاقدر الله انك مريض: عندك الاستعداد للعلاج من هذا المرض.؟ لا تخجل.. قل: نعم مرضاة لله تعالي إذن أدعوك الآن لقراءة هذا المقال فنحن من خلاله وبعون الله تعالي وإفادة من القرآن الكريم, وسنة النبي صلي الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح, وكتابات العلماء العاملين. نبين الداء...!! ونصف الدواء..!! ومن الله يكون الشفاء..!!... والله تعالي يهدينا ويعافينا جميعا من هذا الداء. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه. وتعالي معي: لنبين هذا الداء, ونوضح خطوات علاجه. أولا: أعراض الكذب1 أن يكذب المرء في أقواله وأفعاله, حتي يصير الكذب له عادة. ومن أمثلة الكذب في الأقوال والأفعال: ما فعله إخوة يوسف( عليه السلام) إذ( جاءوا أباهم عشاء يبكون), بكاء كاذبا, ثم( قالوا: يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب){ يوسف17} وكاذبون أيضا في الأفعال إذ( جاءوا علي قميصه بدم كذب){ يوسف18}. وبهذا: جمعوا بين الكذب في القول, وبين الكذب في الفعل. يقول تعالي:( وجاءوا أباهم عشاء يبكون(16) قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين(17) وجاءوا علي قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون){ يوسف:16 18}. هذا.. وربما يكون الكذب في الأفعال أشد خطرا وأقوي أثرا من الكذب في الأقوال.2 أن يستشعر الكاذب حلاوة كذبه, ولذة فعله, وأن يجد سعادة في نتائج ذلك3 أن يصعب عليه الإقلاع عن كذبه, والشفاء من دائه, بل انه قد لا يحاول ذلك. ولذلك: قيل: من استحلي الكذب: عز عليه فطام نفسه عنه. كما قيل لرجل: أترك الكذب.. فقال: والله لو تغرغرت به, وتطعمت حلاوته, لما صبرت عنه...!! وقال يحيي بن خالد, قد رأينا شارب خمر أقلع, ولصا نزع, ولم نر كذابا رجع. وقيل: كل ذنب يرجي تركه, إما توبة أو إنابة, ما خلا الكذب, فإن صاحبه يزداد به ولوعا علي الكبر. ولذا قالوا: والكذب جماع كل شر, وأصل كل ذم, لسوء عواقبه, وخبث نتائجه, ولأنه ينتج النميمة التي تنتج البغضاء وتؤول إلي العداوة, وليس مع العداوة أمن ولا راحة. 4 شكه في نفسه وفيما يقول.. حيث إنك إذا شككته فيه تشكك, حتي يكاد يرجع فيه, ولولاك ما تخالجه الشك فيه, وانك إذا رددت عليه قوله حصر وارتبك, ولم يكن عنده نصرة المحتجين, ولا برهان الصادقين. ولذلك قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: الكذب كالسراب.5 ما يظهر عليه من ريبة الكذابين, ويتم عليه من ذلة المتوهمين, لأن هذه أمور لا يمكن للإنسان دفعها عن نفسه لما في الطبع من اثارتها. ولذلك قال الحكماء: العينان أنم من اللسان. وقال بعض البلغاء الوجوه والمرايا تريك أسرار البرايا. وقال بعض الشعراء: تريك أعينهم ما في صدورهم إن العيون يؤدي سرها النظر.