للمرة الألف نكرر, هذا الوطن يستعصي علي اعدائه, وعلي المغامرين والمتربصين مهما ارتدوا من أقنعة ومهما حاولوا النفاذ والاختراق بأساليب جديدة.. وعندما يوجه مبارك حديثه إلي الشعب فلا مجال أو مكان للوسطاء, لأن المواطن البسيط يدرك حقيقة واحدة وهي أن سفينة الوطن تكون في أمان طالما يقودها القائد والمقاتل حسني مبارك. هذا المواطن البسيط هو الذي دفع قبل غيره الثمن الباهظ للحروب المتتالية التي خاضتها مصر دفاعا عن قضايا الأمة واستردادا للارض والعرض والشرف, لا يخلو بيت مصري من شهيد دفع حياته راضيا مرضيا فداء وتضحية, أو من مصاب بأسلحة محرمة دوليا اعتادت اسرائيل علي استخدامها, وقد تصل اصابته الي حد الاعاقة حتي يومنا هذا.. فضلا عن ذلك, فإن ذات المواطن رأي في سنوات الحروب من المعاناة ما يشيب له الولدان, والعودة السريعة للعناوين الرئيسية للصحف والمجلات في تلك الحقبة التي يتناساها البعض تطالعنا بالمساحات الكبيرة والصفحات الكاملة لانباء ظهور دجاجة في احد المجمعات الاستهلاكية والصراع من اجل الفوز بها مما أدي في الكثير من الاحيان الي سقوط عدد من القتلي والجرحي.. ويتذكر هذا المواطن البسيط قبل غيره كيف كان البحث قاسيا عن عود كبريت لا ينفجر في وجه صاحبه, وكوب شاي بل ورغيف خبز خال من الشوائب التي تصل إلي حد المسامير وغيرها من المواد الصلبة الضارة قطعا بالصحة والمهددة للحياة نفسها.. سوف تطالعنا موضوعات مصورة بالغة الاثارة حول الكائنات الحية في زجاجات المياه الغازية التي كانت معدودة التنوع ورديئة الصنع الي اقصي الدرجات.. ولن نتحدث عن امور واوضاع اكثر رفاهية في ذلك الزمان, الكهرباء التي التصق اسمها بفأر السبتية الذي لا تعلم عنه شيئا اجيال اليوم, وتليفون العمدة الوحيد بالقرية والطرق الوحيدة الموجوده من أيام الانجليز ووسائل المواصلات المستحيلة والمكتظة التي دفعت عددا من المبدعين إلي إنتاج افلام تتحدث عما يجري داخلها. وفي الصفحات الاولي تتصدر وعلي فترات متباعدة اخبار المشروعات الجديدة, وكانت بضعة ملايين من الجنيهات كفيلة باستحقاق العنوان الرئيسي وللحديث عن المزايا والاهداف المنشودة من هذا المشروع الضخم. هذا هو الثمن الذي دفعته مصر من توقف عجلة التنمية ومعاناة يومية تحولت إلي مصدر إلهام للتندر علي الشعب المصري من المجتمعات الأخري التي حصدت فوائد الحروب من ثروات هائلة تهبط عليها من السماء.. والمواطن البسيط في تلك الحقبة هو الأب الذي اقتطع من قوت يومه ليعلم ابناءه, وارتضي بقسوة العيش من أجل حياة أفضل لمن يحملون اسمه, وتحمل بصبر ودون شكوي توجيه كل الطاقات للمجهود الحربي انتظارا ليوم الانتصار الذي تحقق في حرب اكتوبر المجيدة عام..1973 والمواطن الذي نتحدث عنه لديه من الوعي واليقظة لإدراك الفارق الكبير, والكبير جدا, لما كنا فيه وما نحن عليه الآن.. وهو يتابع ما يقال وينشر من حوله ولكنه ينتصر في النهاية لواقع يعيشه وتجربة عمرها هي سنوات عمره.. هل يمكن لهذا المواطن ان يغمض عينيه عن ذلك المشهد الذي يضع بلاده ضمن الدول الاكثر جذبا للاستثمارات بسبب حالة الامن والاستقرار مما يجعلنا الملاذ الآمن في عصر يسود فيه العنف ويعصف بأقوي الدول واكثرها تقدما. أليست امريكا الدولة العظمي الباقية بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي تتعرض لهزات اقتصادية واجتماعية بل وسياسية عنيفة نتيجة مغامرات بوش وهي ليست مثل الحروب المعروفة وانما واجهت فصائل وجماعات مسلحة فإذا بمؤسساتها المالية العملاقة توشك علي الانهيار ويسارع اوباما الي سحب قواته من العراق ويتمني اللحظة التي يستطيع فيها الخروج من افغانستان. التداعيات الكارثية التي تعاني منها الولاياتالمتحدة تؤكد ان مصر وهي التي خاضت عدة حروب متتالية قد عرفت طريقا استثنائيا للاصلاح يمثل وبحق نموذجا نفتخر به.. وصدقا نقول ان المواطن يستوعب ويتفهم ويعي ذلك ولا تنجح معه السيناريوهات التي تحاول تضليله وخداعه.. واحاديث الإفك التي تطاردنا صباح مساء وتنال من انجازات الوطن وتضع السواد في اعيننا سيكون مصيرها الفشل لأن المواطن هو في الأساس صاحب تلك الانجازات ولن يسمح لاي فئة بأن تعمل علي تهميش دوره وان تضع يدها علي تاريخه وحاضره ومستقبله. لم يقل أحد اننا حققنا الغايات والاهداف المنشودة, ولكننا نسير بكل الثقة وبكامل الارادة الوطنية لاستكمال مسيرة الاصلاح التي اكتسبت بخطاب الرئيس المزيد من الشرعية بعد تأكيده أنه لا رجعة عن هذا الاصلاح الشامل علي كل مساراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وليس هناك اكثر فهما لما قاله مبارك في ذكري الانتصار وتحرير سيناء من المواطن البسيط الذي تزداد قناعته يوما بعد يوم بأن بلاده مستهدفة وان المخططات لن تنتهي وان الاخطار الخارجية تستوجب أعلي درجات اليقظة والانتباه, اما في الداخل فإن التحدي الأكبر هو محاولات البعض سلب المواطن حقوقه ومصادرة إرادته من خلال رؤية محدودة لفئة أو جماعة لا نعرف علي وجه الدقة تاريخها الوطني وما قدمته من تضحيات, ناهيك عن القوي غير الشرعية التي تغذي الفتنة استعدادا للقنص والانقضاض. وتعود الطمأنينة الي قلوب البسطاء مع كلمات مبارك, فهو يعمل من اجل الوطن والشعب وليس لفئة أو نخبة. ويسجل التاريخ عن مبارك انه اذا قال فعل, وانه واحد من الذين يصنعون هذا التاريخ ولن يسمح لاي قوه مهما تكن ان تصادر حق الشعب في مستقبل افضل يليق بمصر التي تملك عبقرية الزمان والمكان وهي العبقرية الكامنه في الانسان قبل اي شيء آخر. [email protected]