إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    «هساعد ولو بحاجه بسيطة».. آخر حوار للطفلة جنى مع والدها قبل غرقها في النيل    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة الذاتية الإسلامية ومشكلة الحرية :
نشر في الشعب يوم 28 - 09 - 2007


yehia_hashem@ hotmail .com
[email protected]

إن الحرية الإنسانية تظل مشكلة مستعصية على الحل طالما تغربت عن الذاتية الإسلامية لتجد نفسها مضيعة بين المستحيلات التي سجل العربي أربعة منها على الأقل : الغول والعنقاء والخل الوفي ومن ثم تأتي الديموقراطية
ومقياس الحقيقة هو فى قلعة الذاتية الإسلامية القائمة على إفراد الله بالعبودية .. .
الحل الإسلامي لهذه المشكلة - من منطلق الذاتية الإسلامية - إنما يبدأ من معالجته لقضية سابقة : هي قضية العبودية

إن العبودية طبيعة أولى في نفس الإنسان : بدليل أنه مخلوق لا يملك لنفسه شيئا في ألصق الأشياء به وأكثرها حميمية إليه .
لذا فانه إذا لم يبدأ باختيار معبوده - الذي هو الله في الوضع الصحيح - بوعي صادق ، فانه يقع في العبودية لغير الله بوعي أو بغير وعي .
فمن عبوديتنا الكاملة لله انعم علينا بالحرية الكاملة عن كل ماسواه
: وهذه الحرية إذ تأتي في إطار العبودية لله فإنها لن تكون شيئا إلا الحرية المسئولة بتبعاتها وحساباتها أمام الله تعالى ،
وهنا تأتي الحرية السياسية من أوسع أبوابها في الشورى :
وإذا كان البعض يتساءل اليوم حول فريضة الشورى في الإسلام مشككا فيها لحساب أنظمة أخرى لا تعبر عن الذاتية الإسلامية ... :
أهي شورى ملزمة ؟ أم معلمة ؟ يعني : أهي ملزمة للمستشير ؟ أم هي رأي يساق إليه لإعلامه به ، فيعمل به أولا يعمل ؟‍‍
فإننا نقول لهم كما بينا في المقال السابق ببساطة شديدة : ليست الشورى ملزمة في جميع الأحوال ، ولا هي معلمة في جميع الأحوال ، حتى في أعرق الأنظمة أخذا بمبادئ ما يسمى بالديموقراطية ،
ومن هنا فالحسم في هذه القضية : متى تكون ملزمة ؟ ومتى تكون معلمة ؟ يرجع بدوره إلى الأمة – والأمة الإسلامية كذلك – التي عليها أن ترجع في ذلك إلى مبدأ الشورى نفسه ، لتختار في قانونها الأساسي – الدستور مثلا – على أساس هذا المبدأ نفسه في أي المسائل ، وفي أي المستويات ، وفي أي التطبيقات تكون الشورى ملزمة ، وفي أيها تكون معلمة . ويبقى الفرق الذاتي قائما في :
التقيد بالشريعة في الحالة الإسلامية
متقيدا بالعلمانية فيما يسمى الديموقراطية

وإذا كان هذا يعني أن الشورى في الإسلام ليست مطلقة فكذلك الأمر في الديموقراطية ، فإن حرية الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا إنما تكون فقط – وفقا لأحكام المحكمة العليا –للحرية التي تحترم القيم الأساسية للمجتمع .والديموقراطية في الهند لا تسمح بالإساءة للبقرة .
والديموقراطية الحديثة هي تلك التي تعلن على الأشهاد في حياتنا المعاصرة أنها لا تسمح في مجال نفوذها بشيء من الديموقراطية للتيار الإسلامي أو التيار غير العلماني بوجه عام ، فإذا قيل : إنه في الإسلام لا شورى للعلمانية ، فمن الصحيح وبنفس القدر أنه في العلمانية لا ديموقراطية للإسلام ، وهي حقيقة تظل قائمة برغم كافة التبريرات ..

وإذا كان دراويش الديموقراطية : يتساءلون : أثناء دفاعنا عن إسلامنا : أي إسلام تريدون فإن علينا بسبب جهلهم بأبجديات الإسلام أن نترك هذا الحوار لنسائلهم وهم الخبراء بما يسمونه الديموقراطية -- : أي ديموقراطية تقصدون ؟؟
ففي قلب الديموقراطية الأثينية التي تعتبر نموذج الديموقراطية في التاريخ ( كان يصح نفي أي فرد بموافقة الشعب ، وكانت الحياة الخاصة للأفراد تحت سلطة الدولة ، فقد كان لها صلاحية أن تحرم على إنسان - مثلا - أن يتزوج ، ويبقى عزبا ، وكان على الفرد أن يعتنق دين الدولة ، وكانت ثروته تحت تصرفها ، ولها إذا احتاجت للمال أن تأمر النساء بتسليم المجوهرات ، وأن تأمر الدائنين أن يتنازلوا عن ديونهم لها )[1] ، واليوم يكون للديموقراطية نفس الشيء مع اختلاف الاختيارات ، فلها أن تبيح الإجهاض ، وأن تبيح الشذوذ ، وأن تبيح الخمر ، وأن تبيح التلاعب بالأديان وأن تبيح ال جوانتاناموات وأن تمنع بناء المساجد ، والجهر بالأذان وتمنع التعليم الديني وتحرم المرجعية الدينية .

وكما يقول بيرنارد كريك أستاذ العلوم السياسية بجامعة لندن : ( ينزع كثيرون من الساسة ورجال الإعلام والباحثين من أبناء الثقافات الغربية إلى الدفاع عن تعابير " كالحرية " و" الديموقراطية " و" الحكم الحر " وللدعوة إليها ، ولكنهم سرعان ما تلحق بهم الحيرة والارتباك حتى لو وجدت أصواتهم تجاوبا في أي مكان ...عندما يسمعون الردود على أقوالهم صادرة عن تأكيدات تحمل طابع الإخلاص والاعتزاز بأن هذه الأمور " موجودة " ومحترمة في طرز متباينة من الحكم .... وحتى لو افترضنا وجود معان محددة لهذه الكلمات فهي بحيث يصعب التسليم بها بمنتهى البساطة ) ص 14 من كتابه ( السياسة بين أصدقائها وأعدائها " ترجمة خيري حماد نشر القاهرة عام 1963
وتأكيدا لهذه الحيرة والارتباك في مفهوم الديموقراطية نستشهد بما جاء بالميثاق الوطني الذي وضعه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر : ( إن الديموقراطية هي توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها في يده وتكريسها لتحقيق أهدافه ، وكما أن الاشتراكية هي الترجمة الصحيحة لكون الثورة عملا تقدميا فإن الاشتراكية هي إقامة مجتمع الكفاية والعدل ، مجتمع العمل وتكافؤ الفرص ، مجتمع الإنتاج ومجتمع الخدمات . والديموقراطية والاشتراكية تصبحان من هذا التصور امتدادا للعمل الثوري ، لأن الديموقراطية هي الحرية السياسية ، ولأن الاشتراكية هي الحرية الاجتماعية ، ولا يمكن الفصل بين الاثنتين ، لأنهما جناحا الحرية الحقيقية ، وبدونهما أو بدون أية منهما لا تستطيع الحرية أن تحلق إلى آفاق الغد المرتقب )
ثم يؤكد الميثاق ( أن الديموقراطية السياسية لا يمكن أن تنفصل عن الديموقراطية الاجتماعية وان المواطن لا تكون له حرية التصويت في الانتخابات إلا إذا توافرت له ضمانات ثلاثة : أولها : الفرصة المتكافئة في نصيب عادل من الثروة الوطنية . ثانيها : التحرر من الاستغلال في جميع صوره ، وثالثتها التخلص من الخوف من المستقبل )
ويقول الأستاذ خيري حماد الكاتب السياسي والمترجم المرموق في تعليقه على هذا النص : ( ولسنا في حاجة إلى إقامة الدليل على شيء واضح كل الوضوح ، بل على حقيقة واقعة مطلقة ، وهي أن الفرد في المجتمعات الاشتراكية أكثر تحررا منه في المجتمعات الرأسمالية ، إذ أنه متحرر من البطالة ومن الجوع والخوف من الغد ، وهي شروط لازمة لحرية إرادته التي لابد أن تخضع للأوضاع الاقتصادية التي تفرض عليه هذا الخوف ، وهو في هذه المجتمعات ضامن لتكافؤ الفرص في التعليم والعمل وفي ممارسة حقه في المساهمة في بناء المجتمع ) ويقول خيري حماد : ( ويتبين من هذا أن الاشتراكية والديموقراطية عنصران أساسيان في قيام المجتمع المثالي الصحيح ، وتطبيق الاشتراكية دون ممارسة الديموقراطية ممارسة أصيلة يعرض الاشتراكية نفسها لأخطار : منها عزل القيادة عن الجماهير ، وإضعاف القوة الشعبية الثورية ، وافتقار النظام الثوري إلى القيادات الطبيعية الجديدة ) ص 4 - 5
لكن الأستاذ بيرنارد كريك يقول ( ولا ريب أن الديموقراطية أكثر كلمة في معجم الشئون العامة تهويشا واختلاطا ، ....
وما أكثر ما يسمع المرء بعض الناس يقولون " إن الشيوعيين يدعون الديموقراطية أيضا .... وهم ديموقراطيون بالفعل بمعنى أنهم يرون أن توافق الأغلبية على طريقة حكمها بأسلوب شعبي .. )
ويقول الأستاذ كريك : ( وهناك آخرون يقولون : إن الديموقراطية " تعني حقا " الحرية أو حتى الليبرالية ، أو الفردية ، وتعني الدفاع عن الفرد الديموقراطي " ضد الأغلبية الديموقراطية ، ولقد تحدث مستر بيفن ذات يوم إلى مؤتمر لاتحاد النقابات البريطانية ضد هذا المفهوم فقال : " إن مما يتنافى مع الديموقراطية أن تواصل الأقلية مناقشة القرارات التي اتخذتها الأغلبية " .
وقد استعملها دي توكفيل المؤرخ الفرنسي ( 1805 – 1859 ) كمرادفة للمساواة ، واستعملها أندرو كارنيجي ( 1835- 1919 ) وهو من رجال الأعمال في أمريكا لتعني مجتمعا ديناميكيا يقوم على المشروعات الحرة مع الاحتفاظ بوجود الفروق الكبرى في المنزلة والثراء .
ومن الممكن أن ينظر إليها في إطار تطورها في الغرب كنظام سياسي يفرض القيود الدستورية حتى على الحكومة الديموقراطية
كما نظر إليها على أنها " إرادة الشعب " أو " الإرادة العامة " المنتصرة على القيود المصطنعة التي تفرضها النظم الدستورية
وربما لا تعني الديموقراطية بالنسبة إلى كثيرين أكثر من مجرد عبارة تقول : صوت واحد لرجل واحد وقد يضيف إليها آخرون "عبارة " مع حسن الاختيار "
ولقد ظلت النظرة إليها عند كثيرين إلى عهد قريب على أنها مجرد قضية تتناول حكم وحدات صغيرة
ولقد قال جورج ميسون أحد الزعماء الأمريكيين عند إبرام الدستور الاتحادي لأمريكا عام 1788 ( لقد برهن التاريخ على أنه يشهد حكومة تتولى الحكم في بلاد فسيحة الأرجاء دون أن تحطم هذه الحكومة حريات الشعب ) ولكن التاريخ أثبت كما يقول بيرنارد كريك أن ( الحكومات الشعبية لا تستطيع العيش إلا في بلاد صغيرة ) ص 67- 69
ويبين كريك ما يحدث بين الديموقراطية والحرية من توتر وهو يقرر أن ديموقراطية الأغلبية تصبح غير مرضية عندما ( ينحصر مصدر السيادة كلها في الأمة ولا يكون من حق أي إنسان أو فرد أن يمارس سلطة لا تنبع بوضوح من هذا المصدر ) ص 73 ( وقد يزعم أي دستور اعتماده على" سيادة الشعب " ولكن هذا النص لم يعين أي إنسان سواء كان حاكما أو قاضيا أو سياسيا في تقرير معنى الكلمات المختلف عليها أو تقرير السياسات التي يجب أن تتبع ، وقد يستفتى " الشعب " في استفتاء عام ، كما وقع في فرنسا عندما جرى تبديل الشكل الدستوري ولكن دور الشعب لا يعدو الإجابة بلا أو نعم على وثيقة معقدة لم يستطع بعد هضمها ) ص 73

ومصداقا لذلك كان الاستفتاء على معاهدة ماستريخت في فرنسا ، وهو عمل تتخطى أهميته وآثاره - كما يقول الدكتور غسان العزي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية - أهمية انتخاب رئيس الجمهورية نفسه ، حيث تفرض على الأوربيين ومن بينهم فرنسا التزامات نهائية تتعلق بالمستقبل والمصير والاقتصاد والنقد والسياسة والنظام الصحي وتمس أمورا خطيرة من السيادة الوطنية الخ ، وبالرغم من ذلك كما يقول المراقبون فقد صوت المواطنون الفرنسيون والأوربيون عموما على المعاهدة ، وهم لم يقرؤوا نصها المعقد الذي يستعصي على غير المختصين الملمين . وفي فرنسا بالذات تم الاستفتاء لصالح المعاهدة بنسبة 80.5 % تقريبا في 20 سبتمبر 1992 . وبعد أسابيع قليلة جدا أعلنت معاهد استطلاع الرأي أن الشعب الفرنسي يرفض المعاهدة المذكورة بأغلبية 60 % تقريبا . (!!) . والدانمركيون من جهتهم صوتوا ضد هذه المعاهدة في 2 يونيو 1992 بغالبية 70.5 % لكنهم عادوا وصوتوا لصالحها في 8 مايو 1993 بنسبة 56.8 % )
وكما يقول الدكتور فيصل القاسم في مقاله القيم بالشعب بتاريخ 19112004 فيما يعتبر نقدا لجوهر الديموقراطية الأمريكية ( هناك أكثر من ثمانية وأربعين بالمائة من الأمريكيين أنفسهم قالوا (لا) لبوش، لا بل إن بعضهم قرر هجرة الولايات المتحدة لعدم قدرته علي العيش فيها في ظل الإدارة الجديدة. وقد أظهر مركز الهجرة في أمريكا أن عدد الذين قرروا ترك البلاد قد تضاعف ستة مرات بعد يوم واحد من فوز الرئيس بوش بولاية ثانية ... ...)
...
...( وإذا كانت سيكولوجية الجماهير تستجيب للمثيرات العاطفية أكثر من الأسانيد المنطقية، فقد كان الزعماء الجماهيريون يتقنون اللعب علي هذه المحرضات، حيث يعدون جماهيرهم بالأشياء العظيمة ويشعرونهم بأن لا حائل بينهم وبين هذه الغاية إلا هذه الفئة من المعارضين أو الأعداء )،.... وهذا المثال شديد الوضوح في ديماجوجية بوش الإبن .
( وقد كان نابليون بونابرت، واعياً تماما بهذا المنطق ، ولذلك لم يجد غضاضة في التلوّن والكذب علي الجمهور وإعطائه ما يريد من الأوهام في سبيل أن يعطيه الجمهور ما يريد من الطاعة..... ) ...
( ولم يكن بمقدور أحد في ثلاثينات القرن الماضي أن يعيّر النظام النازي بأنه لم يكن ديموقراطياً . ولم يكن أيضاً بمقدور أحد أن يعيّر الزعيم الفاشي موسوليني بأنه لم يكن ديموقراطياً. لقد كان هو وصديقه هتلر منتخبين بأغلبية ساحقة من قبل الجماهير ...
......هتلر نموذج مثالي لهذه المعادلة بين الزعيم والجمهور، إذ ما زال السؤال الكبير مطروحاً حسب بعض المحللين: كيف استطاع أن يحول الألمان- صفوة المجتمع الأوروبي – إلي وحش كاسر يتحرك وفق إشارته؟ كيف استطاع أن يقنعهم بأكاذيبه وأوهامه عن التفوق الجرماني، وصيّرهم في النهاية وحشا نازيّاً؟. .... وهذا للأسف نجده هذه الأيام في بعض الديموقراطيات الكبيرة.) اه
إنها – أي الديموقراطية كما يقول الأستاذ بيرنارد كريك - (أكثر كلمة في معجم الشئون العامة تهويشا واختلاطا )

فمن " يملك الحقيقة " في موضوع الديموقراطية ؟ وبخاصة أن ليس المطروح مصطلحا فلسفيا – مثلا - يسمى " الديموقراطية في ذاتها " ، أو " الديموقراطية المطلقة " ، أو " الديموقراطية فيما قبل الواقع التجريبي " ؟
وكيف يملكها والعقل المعاصر لا يعترف بما يسمى " الشيء في ذاته " أو لا يعترف بمعرفة شيء عنه ؟
ليتهم يقولون لنا أية ديموقراطية إذن ؟
ألم تكن للأحزاب العلمانية المتهالكة – في مصر ما قبل الثورة – ديموقراطيتها العميلة للمستعمر ، وألم يكن للفترة الناصرية ديموقراطيتها – كما جاء بالميثاق – ، وألم يكن شعارها "الحرية كل الحرية للشعب ولا حرية لأعداء الشعب " وفقا لتقارير المخابرات ؟
وألم تكن للفترة الساداتية ديموقراطيتها ذات الأنياب و" الفرَّامات " ؟
وأليس للفترة المباركية ديموقراطيتها الموشاة بمواسم من الانتخابات المزورة بالفطرة ؟ المحكومة بالطوارئ ، المحرمة طموحاتها على من عدا الحزب الحاكم ولمدة ربع قرن والباقي يعلمه الله ؟
أم تراها ديموقراطية الطائفية اللبنانية المقسمة سلفا ما بين الموارنة والسنة والشيعة وها هي المرشحة للحرب الأهلية بين فترة وأخرى تحت شعار الديموقراطية ، وقى الله لبنان منها ؟
أم ديموقراطية الاحتلال الأمريكي في العراق وهي لا تعنى ب" الأمن " ، وظيفة الحكم الأولى ، وهاهي مقسمة سلفا على مراكز القوى قبل الانتخابات وبعد الانتخابات ما بين شيعة وأكراد وتركمان ومسيحيين وعلمانيين مع استبعاد السنة !؟ ؟
أم ديموقراطية " القومية" ، وقد أوقعتنا في فتن مشتعلة بين العروبية والفرعونية والقبطية والفارسية والتورانية والكردية والبربرية والزنجية وما الله أعلم به ؟
أم ديموقراطية إسرائيل وهي دينية عنصرية احتلالية إقصائية ؟
أم ديموقراطية الأخ القائد الفرد وإن وشيت بمجالس شعبية كرنفالية ؟
أم ديموقراطية الكويت " البدونية " ؟
أم ديموقراطية المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير وهي مشروطة باللاوطنية واللاقومية واللاوحدوية واللاإسلامية جميعا ؟

أية ديموقراطية يقصدون : ديموقراطية اليونان وهي أم الديموقراطيات في التاريخ أم ديموقراطية الرومان وكلاهما كانتا محرمة على العبيد ؟
أم ديموقراطية الملكيات الوراثية التي تجيز استمرار الملك فوق العرش إلى الأبد لا لشيء عدا ما يجرى في عروقه من الدم الأزرق ؟
أم ديموقراطية الحلفاء التي أشعلت حربا بربرية مع الألمان والطليان واليابان راح ضحيتها أكثر من أربعين مليونا من القتلى أغلبهم من المدنيين وقد كانت حربا مزعومة من اجل الديموقراطية وفي حقيقتها من أجل نوع معين مما يسمى الديموقراطية
أم ديموقراطية النظام النازي في ألمانيا – بين الثلاثينات والخمسينات - التي مهما قيل في شأنها بعد هزيمتها فإنها ينطبق عليها وقد امتلكت ناصية الرأي العام الألماني حينذاك ما يقوله بيرنارد كريك ( ليس في إمكان أية دعاية أن تصنع رأيا عاما لا يتفق مع بعض حاجات الناس الحقيقية ، فتجارب الحرب أو الفقر التي يمر بها الناس في كل مكان أو الخوف منهما تجعل الناس على استعداد للتضحية بشيء من الحرية .. للأحزاب أو الحكومات التي تستطيع أن تعدهم بالخلاص من هذين العبئين الثقيلين على الجنس البشري ، وإذا افترضنا أن الكثير من التأييد الجماهيري كان طوعا لا كرها كما وقع في الانتخابات الألمانية في مارس عام 1933 فإن السبب في هذا هو حمل الناس على الاعتقاد بأن " الحرية الحقيقية " تكون في التضحية للقضية العامة ) ص 73
أم ديموقراطية الغرب التي أشعلت حربا باردة ضد الاتحاد السوفيتي المأسوف على شبابه وقد كانت له ديموقراطيته البروليتارية على طريقته الماركسية؟
أم ديموقراطية الصين الشعبية ؟ أم ديموقراطية كوبا الاشتراكية ؟
أم ديموقراطية الانتخابات المصادرة مقدما بمجموعة من " الكوتات " ؟
وكمثال على ما تسفر عنه الإحصاءات الانتخابية من مهازل – في ميزان الإرادات ، وفي ميزان الآراء على السواء - يقول الدكتور غسان العزي ( في الحقيقة وبشكل تبسيطي يمكن أن توصف الساحة الانتخابية بأنها كل شيء ماعدا أن تكون " مكانا تنتظم فيه " التفضيلات الواعية للناخبين " حسب تعريف بعض علماء الاجتماع الانتخابي ، إنها نوع من " الطقس " أو الاحتفال الاجتماعي الذي يستنفر العواطف كثيرا والعقل قليلا ، ويسبر أعماق اللاوعي أكثر مما يحشد القدرات الإدراكية للناخب العقلاني المفكر ) . وفي هذا المناخ " الديموقراطي " يصبح المجال واسعا أمام " المحتفظين بوعيهم " ! للسيطرة على أصحاب الإرادات لحساب مصالحهم الفردية والطبقية .
وفي هذا يقول الدكتور غسان ( قد لا يكون مخطئا من يقول إن الطبقة السياسية المتصارعة ظاهريا فيما بينها متحالفة واقعيا ضد طبقة الناخبين . فالحملة الانتخابية تخلق " مناخا " عاما يكوِّن لا وعيا جماعيا تسهم في صياغته الظروف السائدة ... ... ولهجات الخطاب والمفردات التي يستعملها خبراء " الماركتنغ الانتخابي " المحيطون بالمرشحين ، فيصوت الناخب ليس بالضرورة للمرشح الذي يحقق مصلحته ) .
ثم يقول ( وفي المحصلة فليس ثمة مبالغة في القول بأن المعركة الانتخابية الحقيقية تدور بين مدراء الحملات ومخططي الاستراتيجيات الانتخابية ، وخبراء التسويق السياسي العاملين لصالح المرشحين أكثر مما تدور بين هؤلاء الناخبين أنفسهم . ويعرف هؤلاء الخبراء أن من أهم شروط الفوز خطاب سياسي مصوغ بمفردات بسيطة أو تبسيطية ، تسلك أقصر الطرق للنفاذ إلى قلب الناخب قبل عقله ، خطاب يدغدغ أحلام الناخب الذي يدرك في وعيه أن شيئا منها لن يتحقق !! )
ويضرب الكاتب – في مقاله بجريدة الخليج 251995 مثالا من رئيس الوزراء الفرنسي بالادور الذي أحب أن يجرب استراتيجية مختلفة تقوم على فن الصدق والتقدم بالوعود الممكن تحقيقها واصفا خطاب جاك شيراك خصمه في الانتخابات بالديماجوجية ، وفضل لنفسه خطابا واقعيا متزنا ، وكانت النتيجة أن أودى به الخطاب الواقعي إلى الهزيمة وانتصرت الديماجوجية . هكذا .
أهذه هي الديموقراطية ؟ تبا لها إذن
وفي الولايات المتحدة الأمريكية تلعب عصابات الجريمة المنظمة دورا هاما في نتائج الانتخابات ، يدلنا على ذلك كتاب جديد عن حياة الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي اسمه( الجانب المظلم لكيلموث ) حقق مبيعات هائلة عند طرحه في الأسواق لمؤلفه الصحفي الأمريكي سيمور إم . هيرش ، حيث كشف هذا الكتاب عن أن كينيدي كان على صلة بعصابة المافيا ، وأنها هي التي ساندته في الوصول إلى السلطة ورجحت فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1960. ، وبمجرد وصوله لكرسي الرئاسة رفض شقيقه المحامي العام روبرت كيندي فتح باب التحقيقات في الأدلة التي قدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي " إف . بي . آي " حول وقوع تلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية ، وقال هيرش الحاصل على جائزة بوليتزر للصحافة : إن كينيدي كان يخدع الجميع بالظهور في صورة الزوج اللطيف ، والمسئول الدءوب في عمله ، الذي يقضي الساعات الطويلة مساء كل يوم في قراءة كم هائل من الملفات الحكومية . وأشار المؤلف إلى تورط كينيدي في علاقات نسائية عديدة ، منها علاقته بصديقة " جيانكا " أحد زعماء المافيا ، التي قامت بدور رئيسي في علاقته بزعيم المافيا بالإضافة لكل من شقيقه جوزيف ، والممثل الشهير فرانك سيناترا. – جريد الخليج 11111997 – ولحقه في الفسق والخداع آخرون
أهذه هي الديموقراطية ؟ تبا لها إذن

و تلعب الرأسمالية الدور الهام في انتخابات الرئاسة الأمريكية ، حتى وصل الأمر إلى ظهور مصطلح ( شراء الرئاسة ) الذي يتداوله الأمريكيون في المناسبات الانتخابية ، كما يقول الأستاذ فكتور شلهوب في رسالة له لجريدة الخليج بين فيها تطور الإنفاق على هذه الانتخابات الرئاسية من مائة ألف دولار عام 1860 في حملة الرئيس الشهير إبراهام لينكولن ، إلى 9.7 مليون دولار عام 1960. في حملة الرئيس كندي ، إلى 90 مليون دولار عام 1992 في حملة الرئيس بوش الأول ، و 130 مليون دولار في حملة الرئيس كلينتون بنفس الانتخابات ، هذا عدا المرشحين الآخرين من الحزبين الذين فشلوا في انتخابات التصفية ، وعدا ما أنفقه يومذاك المرشح المستقل روس بيرو ، بحيث كان إجمالي حملة 1992 حوالي 550 مليون دولار ، و نضيف إليها أرقاما من فئة المليار في انتخابات بوش الثاني .) التي اعتمدت المعركة الانتخابية فيها بين المرشحين الأمريكيين – بوش وكيري كما جاء بالأهرام 23102004 على إنفاق ما يزيد عن أربعة مليار دولار بزيادة مليار دولار عما أنفق في انتخابات عام 2000 . والتي أظهرت نتائجها أن واحداً وخمسين بالمائة من الناخبين الأمريكيين الذين يحق لهم التصويت هم الذين أوصلوا الرئيس جورج بوش مرة ثانية إلي البيت الأبيض . وحسب الإحصائيات فإن عدد الذين انتخبوا بوش من الشعب الأمريكي لا يزيد علي ستين مليون شخص أي أقل من ربع السكان. وفوزه إنما كان بالفرق بين ما حصل عليه بوش وما حصل عليه كيري في نهاية المطاف وهو فرق لا يتعدى نسبة الواحد إلى ألفين من مجموع الشعب الأمريكي
وهي المعركة التي اخترقها إسهام الرأسمالية العربية بملياردولار ضمن هذه النفقات ، فهي من ثم أولى بأن تكون نوعا حديثا من أولجاركية الرأسمالية العالمية ( الأخبار بجريدة الوفد والقدس العربي 5112004)
وقد استشرى إسهام الرأسمالية وقيامها من ثم بالدور الحاسم في الانتخابات إلى الحد الذي أصبح من المستحيل معه منعها من شراء الرئاسة وشراء المقاعد النيابية ، وأصبح الكلام عن صون المعركة من هذا التدخل نوعا من الضحك على الذقون ، ومحض إتاحة للفرصة لمن يكون الأقدر على الالتواء والخداع عند استدعاء هذا الدور والاستفادة به
وليس من الغريب أن يقول الأستاذ شلهوب من قبل : ( في نهاية المطاف فان التمويل لا يهدف إلى فوز مرشح وهزيمة آخر فحسب ، بل غايته الأساسية التأثير في رسم وصياغة السياسات . وإذا كان المرشحون لا يلتزمون جهارا برد الجميل للمتبرعين من أصحاب المصالح ، إلا أنهم في واقع الحال لا يفعلون إلا ذلك ، وفي غالب الأحيان . ) الخليج 1841996
وإذا كان هذا التمويل يعطي صورة واضحة عن مدى مصداقية هذه الانتخابات في التعبير عما جعلت له فان عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم يكمل الصورة البائسة .وطبقا لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية في تحقيق لها من واشنطن تحدثت فيه عما سمته (حزب الممتنعين عن التصويت ) في أمريكا ، وأنه يتزايد ،، وأنه خلال الأعوام العشرين الماضية - نشر التقرير عام 1992 - زاد عددهم بنحو عشرين مليونا تقريبا ، ، والشيء المثير إلى حد كبير - كما تقول الوكالة - هو هذا التراجع في مشاركة الشباب الأمريكي من 41.2 في المائة عام 1972 إلى 29 في المائة عام 1988 ، وفي انتخابات1992 لم يشارك سوى ستة عشر في المائة من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة ، والرابعة والعشرين . جريدة الاتحاد 151992.
أهذه هي الديموقراطية ؟ تبا لها إذن .
وما ذا فعلت أوربا بحريتها إزاء طفلتين ترتديان الحجاب فطردتهما من المدارس لهذا السبب؟
وماذا فعلت بحريتها إزاء روجيه جارودي الذي تضطهده قانونيا وإعلاميا لمجرد تشكيكه في حجم الاضطهاد الذي وقع علي اليهود أثناء الحكم النازي في ألمانيا ؟ ،
وماذا فعلت أمريكا بحريتها إزاء دونالد هاينر ، وهو محاضر متخصص في التاريخ بجامعة ولاية انديانا الأمريكية إذ أوقفته عن العمل لأجل غير مسمى لإلقائه محاضرة على طلبته قال فيها ( إن إبادة اليهود على أيدي النازيين خرافة ليس لها أساس من الصحة ؟ ) ، وقال عميد الكلية بعد إيقاف المحاضر المذكور : ( أشك في إن يسمح له بالتدريس مرة أخرى ؟)[2].

وماذا فعلت السويد بالمفكر الإسلامي أحمد رامي وصاحب إذاعة ( راديو إسلام ) الذي حوكم باستكهولم وسجن ستة أشهر عام 1990 بتهمة معاداة السامية ، لقيامه ببث عدة تقارير بإذاعته تفضح أكاذيب اليهود حول ضحاياهم في النازية وأفران الغاز ، ولنشره نقدا لليهود كتبه كارل ماركس اليهودي نفسه ، ولإنكاره أن قد كان لدى هتلر خطة لإبادة اليهود ، وإثباته أن خطته كانت لترحيلهم .[3]
وإذا كان سماسرة النموذج الغربي يدافعون عن هذه الظواهر بأنها إنما تجري وفق القانون ، فإنهم - فضلا عن أنها لا تتفق مبدئيا مع شعار الحرية والديموقراطية - يتعامون عن أن أعتى النظم الدكتاتورية تصنع لنفسها مثل هذه القوانين ، وتستصدرها بطرق قانونية ‍‍‍أيضا ويا أيها القانون كم من الجرائم ترتكب في حق الديموقراطية باسمك ، تماما كما ترتكب في حق الحرية باسم القانون .
يتبع
------------------------------------------------------------------------
[1] أنظر كتاب ( الشورى ) للدكتور عبد الحميد الأنصاري ص 37
[2] جريدة الاتحاد 24 2 199.
[3] جريدة الشعب 24 3 19998


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.