لا تزال الأزمة السياسية التي تشهدها مصر تراوح مكانها فلا وثيقة الأزهر الثانية صمدت في وجه العنف ولا الرئيس مرسي ومعارضوه اجتمعوا للحوار وتصفية جذور الأزمة لا سيما أنه لا يفصلنا عن انتخابات مجلس النواب سوي أشهر قليلة. وأغلب الظن أن الأوضاع التي تشهدها البلاد لا تحتمل الذهاب إلي الاستحقاق البرلماني قبل تصفية الأجواء والاتفاق علي مواد الدستور المتنازع عليها وكذلك قانون الانتخابات وتجريم العنف بكل صوره وأشكاله وبدون ذلك لن تطول الهدنة غير المعلنة حاليا في التحرير وغيره من ميادين الثورة. ولا ندري من المسئول عن إفشال عدد كبير من المبادرات التي طرحتها أحزاب وأفراد لحل الأزمة وحقن الدماء المصرية التي لن تزيد الأوضاع إلا سوءا والاقتصاد المصري إلا تباطؤا وتعثرا وهذا ما يدفع ثمنه الغلابة وليس النخبة التي تتصارع علي السلطة. والمؤسف أن أحداث العنف التي شهدتها مصر منذ الذكري الثانية للثورة لا تزال منظورة أمام النائب العام وجهات التحقيق دون أن نعرف الفاعل الحقيقي ولا الجهة التي تعبث بأمن الوطن وتسعي لتعميق الخلافات وتكريس الانقسام بين أبنائه. ولسنا متأكدين من الوصول إلي المحرك الرئيسي لموجة العنف الأخيرة والكشف عنه أم سيلحق بما يسمي الطرف الثالث الذي أشارت إليه أصابع الاتهام في أحداث محمد محمود1 و2 وكذلك محيط وزارة الداخلية وماسبيرو, مع أن النار التي تسري في دماء أهالي الضحايا لن تبرد قبل القصاص من الفاعل الحقيقي والذي لا شك فيه أن كلا الطرفين حكومة ومعارضة مطالب بالكف عن وضع الشروط التعجيزية وانتهاز المبادرات المطروحة للجلوس علي طاولة المفاوضات عبر الحوار والحوار فقط فبدونه لن تنتهي فوضي العنف والدم الغريبة علي الشعب المصري. تري هل يملك العقلاء من الجانبين القدرة علي تحدي حملات الشحن والقصف الإعلامي المتبادل وتبني خطاب عقلاني يركز علي المشترك وينحي الخلافات ولو مؤقتا وبناء جسور الثقة المفقودة أم أن الجميع اتفقوا علي ألا يتفقوا ؟ إن مصر الثورة تحتاج إلي عمل دءوب من أبنائها المخلصين ممن لا يرضيهم استمرار الأوضاع السيئة الحالية والذين لا يرضيهم أيضا أن تتحول الأحلام في الغد المشرق والوطن الفتي إلي كوابيس بتأثير حالة الخصام غير المفهومة وغير المبررة بين شركاء الاطاحة بمبارك فإذا بهم اليوم يقودون الوطن للتقسيم علي غرار ماحدث بين غزة والضفة الغربية وهذا لا ولن يخدم الأهداف التي قامت من أجلها ثورة25 يناير.