-يتعمد بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خاصة ال فيسبوك و تويتر الميل لتسطيح الأمور وإبراز توافهها وكأنها عملية منظمة تقودها يد شيطانية لضرب كل ما هو جاد. علي سبيل المثال لا الحصر اختصر مستخدمو تلك المواقع كارثة قطار البدرشين التي أبكت المصريين جميعا في الرجل الذي سلم الرئيس محمد مرسي عليه في مستشفي المعادي العسكري ما بين ساخر بأنه كومبارس تم اختياره لتمثيل دور مصاب في حادث القطار, وقائل إنه يرتدي نظارة علي الموضة ولا تبدو عليه ملامح عسكري الأمن المركزي, وتواصلت الإفيهات الساخرة والبذيئة والخارجة عن قواعد الذوق العام دون أن يكلف أحد نفسه عناء البحث عن الحقيقة وهي أن الصورة للملازم أول إبراهيم عبد الله من قوات الأمن المركزي الذي أصيب في عينه بطلقات خرطوش أثناء الهجوم الأخير علي معتصمي الاتحاديةويعالج بنفس المستشفي الذي نقل إليه المصابون. وبمجرد أن تكشفت ملامح الواقعة صمت الجميع وأعطوا ظهرهم للحقيقة مادامت بعيدة عن الهدف وهو محاولة تشويه صورة زيارة الرئيس إلي المستشفي بأي طريقة والتي تعامل معها مستخدمو المواقع تارة بأن الحادث هو السابع في أيام الرئيس مرسي وكأن عهد المخلوع حسني مبارك كان بدون حوادث للقطارات, ويستمر تسطيح الأمور إلي الدرجة التي تشكك في سرعة وصول كاميرات احدي القنوات لموقع الحادث واتهام رجل الأعمال الذي كان يمتلك تلك القناة بأنه وراء تدبير الحادث. وما حدث مع القطار يتكرر مع كافة قضايانا الجادة وغير الجادة ولا تجد فارقا في التناول والسخرية والاستهزاء بين الكتابة عن قانون الانتخابات وميكروفيلم الحمام الزاجل الذي كان بمثابة ثورة في تكنولوجيا السخرية,أو بين زيارة الداعية محمد العريفي لمصر وتصفيات ذا فويس الغنائية. ولا يختلف اثنان علي أهمية السخرية السياسية ولا دور الفكاهة في التعبير عن المصريين وقيادة التغيير في حياتهم بل إن التاريخ يؤكد أن جميع ثورات المصريين اعتمدت علي النكتة السياسية, ولكن المرفوض أن تكون تلك السخرية مجرد افتراءات ومزاعم لا علاقة لها بالواقع أو أن ترتبط بإيحاءات جنسية وافيهات خارجة عن الذوق العام خاصة وأن بعض من يشاركون فيها شخصيات لها اسمها ووزنها في مجالات السياسة والإعلام والمجتمع المدني. أما الإعلام الالكتروني وما يرتبط به من مدونات ومشاركات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصحافة القارئ والتغطية الخبرية الالكترونية فقد كان لها اليد البيضاء في التعبير عن مشكلات المصريين وقيادتهم نحو التغيير بشهادة الخبراء ومتنفسا للأحرار ويبدو أن هناك مؤامرة تحاك ضد هذا النوع من الإعلام تعتمد علي تسفيه محتواه وتسطيحه وتحويله إلي إفيهات تعتمد علي سذاجة الكلمة والصورة والفيديو سواء الحقيقية منها أو المزيفة. وما أخشاه أن تبعدنا أجواء الفكاهة والسخرية عن التعامل الجاد مع التحديات وأن نعيش بمعزل عن الحقيقة وفي أسر ظروف نصنعهابالنكت والإيحاءات الساقطة.