مع الظروف المتلاحقة التي مرت بها مصر في الفترة الأخيرة والتي تبعتها مظاهر الانفلات الآمني والتي أجلست الجميع أمام التليفزيون لمتابعة البرامج السياسية وما شابه ذلك ظن البعض أن الفن وخاصة الغناء انصرف عنه جمهوره غير ان الحفلات التي قدمها نجوم الاوبرا وفرقة كنوز مؤخرا كانت خير دليل علي أن الغناء مازال يتربع علي العرش حيث امتلأ المسرح عن آخره بالرغم من حالة الطقس السيئ التي تمر بها مصر هذه الفترة, حيث سعد الحضور بأنغام الموسيقي وأروع أغاني الزمن الجميل لنجوم الطرب الأصيل أم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب وفريد الأطرش ومحمد قنديل, وهو ما جعلنا نتساءل هل المستمع المصري مازال بخير؟! * يؤكد الموسيقار هاني مهنا أن الجمهور المصري مازال بخير وأن المتلقي لم ينصرف عن الغناء وإذا إنصرف في فترة من الفترات فهي تكون مؤقتة بينما الفن الجاد يظل يجري في عروقه مجري الدم, وخير شاهد علي ذلك هذا العدد الكبير من الجمهور الذي ذهب ليستمع إلي الغناء الأصيل في الحفلات التي تقيمها الاوبرا. * وأضاف مهنا هذا هو الجمهور الذي غني صورة صورة وغيرها من الأغاني الجميلة في الميدان وليس غريبا أن يمتلئ مسرح الجمهورية أو مسرح الاوبرا في الحشفلات التي يستمتع بها الجمهور بأغنيات لعمالقة الغناء فهذه الألحان والكلمات مازالت تعيش في وجدان الناس, وتسعد بسماعها من الأصوات المعبرة الصادقة, فلست متعجبا من ذلك بل وأحيي القائمين علي مثل هذه الحفلات لأنها تقف حائط صد أمام الأغاني الهزلية والاستهلاكية وتعتبر أكبر دليل علي أن الفن الجاد هو الذي يستمر ويبقي. ويطالب مهنا بأن يتولي الإعلام دوره في المرحلة المقبلة مؤكدا أنه لابد وأن نقدم الشكر للقائمين علي أحياء التراث القديم وقال من الضروري أن يكون لدينا أكثر من قناة لعرض الأغاني والتراث الجميل لنحافظ عليها من الضياع وللمحافظة علي الذوق العام من خلالها فلدينا في الإذاعة مخزون كبير لابد وأن يعاد نقله للمتلقي عن طريق الصورة لخلق ذوق عام جديد مؤكدا أن الشباب الآن لا يعرف عن تراثه شيئا ولهذا هو بعيد عن الغناء الأصيل ويقول مهني ليس دور الإعلام الرئيسي هو تقديم الأخبار وبرامج التوك شو والأعمال الدرامية فحسب وإنما عليه أيضا حث الشباب علي سماع الأغنية التي ترتقي بذوقه لخلق مبدع ومتلق يعرف جيدا ما هو الفن الرفيع. اما الموسيقار حلمي بكر فيقول الجمهور يذهب إلي القيمة التي افتقدها فيما يطرح من أغان هذه الأيام مؤكدا أن المغني الآن يبدأ دائما حفله بأغنيه لكبار المطربين أمثال عبدالوهاب أو عبدالحليم أو أم كلثوم لأنه يعلم جيدا تأثير ذلك علي المستمع الذي يبحث عن الكلمة المعبرة واللحن الجيد وقال العبرة ليست بمن يغني ولكن لمن يغني المطرب ولا يعني هذا أن المستمع يبحث عن القديم ولكنه يبحث عن الجيد من الأغاني فالقيمة تتقدم كل شيء وبما أنها اختفت في هذه المرحلة فالناس تذهب إليها من خلال الأغاني القديمة. ويقول المطرب أحمد إبراهيم أن المستمع المصري مازال بخير, وأكبر دليل علي ذلك هو مهرجان الموسيقي العربية الذي حجزت كل حفلاته قبل بداية المهرجان وكذلك القنوات التي تبث أغاني الزمن الجميل والتي يحبها عد كبير من محبي الفن الجميل, ويضيف إبراهيم المستمع الذي تربي علي السمع الأصيل مازال يبحث عن الحفلات والقنوات التي تهتم بأغانيه ولا يترد لحظة واحدة في الذهاب إلي المسرح لحضور حفل يطرب فيه بأجمل الأغاني, مازال الغناء الأصيل له جمهوره العريض وقد رأيت هذا من خلال الحفلات التي أقدمها وما يسعدني حقا هو حالة الانسجام التي تكون بين المطرب والموسيقيين والسميعة والتي تؤكد أن الغناء مازال له دوره المؤثر في الناس رغم الظروف الصعبة التي مررنا بها. ويقول الملحن حسن اش اش أن الإنتاج ابتعد عن إنتاج الأغاني الجيدة ولهذا ابتعد المطربون عن الغناء وذهبوا لعمل البرامج لتفريغ طاقتهم الغنائية والمستمع أصبح لا يجد جديدا يستمع اليه فاتجه إلي الأغاني القديمة ليسمعها ليروي عطشه للغناء الجميل ويستطرد اش اش أعتقد أن في المرحلة القادمة سوف تذهب الأغاني الهابطة إلي غير رجعة وسيجد المستمع بجانب الأغاني القديمة ما يستمع اليه من أغان جديدة لأننا طلبنا من الرقابة علي المصنفات الفنية القيام بدورها علي أكمل وجه لتقف حائط صد أمام الأغاني الهابطة التي تسيء للفن ككل والتي افقدت المستمع إيمانه بسماع الأغاني الجديدة فرمي بكل طاقته ناحية الحفلات التي يضمن من خلالها سماع الأغاني الراقية التي تربي عليها من خلال المطربين الذين يحترمون فنهم ويحترمون المستمع.