لا الوقت مناسب, ولا الظروف تسمح أن تطرح حكومة قنديل قضية الدعم, دون أن تكون لديها رؤية واضحة, أو آليات محددة للتعامل مع هذا الملف الشائك, في وقت تتطلع فيه غالبية الشعب من الطبقات الكادحة إلي التخلص من الغلاء بعد ثورة أطاحت بالظلم ونادت بالحرية والعدالة الاجتماعية والحق في الحياة الكريمة. تحت ضغط الأزمة الاقتصادية وصندوق النقد الدولي اكتشفت الحكومة أن أسهل قرار هو إلغاء الدعم لمواجهة ارتفاع عجز الموازنة إلي نحو146 مليار جنيه, دون أي حسابات, وأعتقدت أنه بجرة قلم يمكن أن تتخذ قرارا خطيرا مثل هذا, متجاهلة العديد من الاعتبارات السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد, وكان الأولي بالحكومة أن تتصدي لحالة الانفلات التي شهدتها الأسواق والغياب التام للأجهزة الرقابية الأمر الذي جعل الوقود مجالا للتربح دون وازع من ضمير أو دين. كيف تجرؤ الحكومة علي فتح ملف الدعم في الوقت الذي تباع فيه أنبوبة البوتاجاز في الصعيد ب100 جنيه, والسولار ب4 أضعاف سعره, والغاز المطلوب لماكينات الري ارتفع من23 إلي85 جنيها, وشيكارة الأسمدة من75 إلي130 جنيها. كيف تتجرأ الحكومة علي مجرد التفكير في إلغاء الدعم قبل إصلاح هياكل الأجور وزيادة الدخول من خلال موارد حقيقية قائمة علي خطط إنتاجية واستثمارية مدروسة, تضمن عدم حدوث انتكاسة اجتماعية تسقط الدولة في وحل الديون. أليس من مهام الحكومة ضمان وصول هذه السلع الاستراتيجية بالسعر المناسب ومراقبة حلقات تداول المواد البترولية قبل الحديث عن إلغاء الدعم؟! ثم تدعي أن دعم الطاقة ارتفع إلي114 مليار جنيه في الموازنة الجديدة وهو حسب رأي كل الخبراء ادعاء كذب.. لأن هذا الرقم يعتمد علي طريقة حسابية تحمل مغالطات واضحة كما كان يستخدمها النظام السابق, حيث تعتبر الدعم الذي تقول إنه114 مليار جنيه هو الفارق بين أسعار منتجات البترول في السوق الدولية وأسعار بيعها للمستهلكين في مصر, رغم أن تكلفة إنتاجها في مصر أقل من سعرها باستثناء بعض المنتجات البترولية التي يتم استيرادها وهذه الطريقة غير دقيقة ولا تعكس الرقم الحقيقي للدعم الذي يجب أن يكون هو ناتج الفرق بين تكلفة إنتاج المواد البترولية وبين سعر البيع للمستهلك وهو كما قلت أقل من تكلفة الإنتاج وبالتالي فالدولة تكون رابحة لا داعمة! لا خلاف علي أن الدعم أصبح بؤرة للفساد ومجالا للتلاعب والعبث بمقدرات المواطنين, إلا أنه لا اختلاف أيضا علي أن الحكومة مطالبة بضبط الأوضاع وتهيئة الظروف الاجتماعية للانتقال إلي آلية محكمة تمنع تسرب الدعم لغير مستحقيه, وهذا لن يتحقق في ظل حكومة الأيدي المرتعشة! [email protected]