بإعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أخيرا عن وصول إجمالي عدد سكان مصر بالداخل والخارج إلي91 مليون نسمة, وأن عدد السكان بالداخل بلغ83 مليون نسمة. بينما وصل عدد المصريين بالخارج طبقا لتقديرات وزارة الخارجية إلي8 ملايين مصري وأوضح الاعلان أن نسبة سكان مصر بالداخل تتوزع بين50,7% للذكور و49,3% للإناث, مشيرا إلي أن محافظة القاهرة استحوذت علي أعلي نسبة في عدد السكان بنحو9,8%, حيث يقطنها8,9 مليون نسمة, يليها محافظة الجيزة بنسبة8,6%, ثم محافظة الشرقية بما نسبته7,4%. وفي حين سجلت محافظة القاهرة أعلي كثافة سكانية بلغت46349 نسمة/كم2, يليها محافظة الجيزة بعدد59.2 نسمة/كم, منوها إلي أن أقل نسبة كثافة سكانية كانت في محافظة جنوبسيناء بعدد9,5 نسمة/كم2, تليها محافظة السويس بعدد64,5 نسمة/كم2. وأشار الجهاز إلي أن أقل نسبة في عدد السكان بالمحافظات سجلتها محافظة جنوبسيناء بنحو0,2% تليها محافظة الوادي الجديد بنسبة0,3%, ثم محافظة البحر الأحمر بنسبة0,4%, موضحا أن سكان مصر يتركزون في مساحة7,7% فقط من إجمالي مساحة الجمهورية خاصة بالوادي والدلتا, وأن الكثافة السكانية للجمهورية تبلغ1066 نسمة/كم2 للمساحة المأهولة. عن هذه الاحصائيات ودلالاتها وما تشير له سواء كانت هذه الزيادة السكانية مشكلة في حد ذاتها تضاف إلي المشكلات التي تعاني منها مصر حاليا أو كونها قيمة مضافة باعتبارها موردا بشريا يضاف إلي موارد البلاد وتحتاج للاستفادة منها كان سؤالنا للخبراء والمتخصصين الذين اختلفت تقديراتهم فبينما جاء التخوف والحذر من قبل علماء الاجتماع كانت الرؤية المتفاءلة من جانب الخبراء الاقتصاديين ليبقي التحدي أمام صانع القرار في كيفية تحويل هذا التفاؤل إلي دافع للعمل والتنمية مع اشراك المواطنين عن طريق التوعية لتتكامل المنظومة نحو التقدم. في البداية وبسؤال الدكتورة سوسن فايد أستاذة علم الاجتماع عن قراءتها لزيادة تعداد المصريين بالداخل والخارج الذي بلغ91 مليون نسمة وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء أوضحت أن هذه الزيادة السريعة ترجع لابعاد وعوامل أهمها المستوي الثقافي والتعليمي ووعي المواطنين بأهمية تحسين النسل وأيضا يرجع لبعض الاعتقادات الموروثية لدي المصريين بأن كثرة الأطفال يتسبب في زيادة الرزق وتشغيل الايدي العاملة وبالتالي فالاباء والأمهات غير مؤهلين ولديهم أمية ثقافية وتدني في التعليم. وتشير فايد إلي أن الناحية الاقتصادية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالناحية الثقافية مثلما الحال في المجتمع الريفي الذي يمثل جغرافيا باعتماده علي العائد الاقتصادي في زراعة الأراضي دون مراعاة المستوي التعليمي موضحة أن هناك قصورا شديدا في مؤسسات الدولة التي لا تعمل علي فتح حوار تثقيفي للمواطنين منهم الفلاحون وأصحاب المهن والاورزقية لاقناعهم بأهمية تحديد النسل, واصفة الخطاب الديني بالضعيف في القيام بمجهودات التوعية بجوهر الدين التي تحث علي التعلم والعمل معا, أما التعليم فلا يوجد خطة سياسية تضع مباديء للطالب تكون بمثابة توجيه له لأنه سيصبح يوما معلما, ويعد الاعلام هو المشكلة الأكبر فهو لا يقوم بدوره كما يجب أن يكون ولا يضع في الوقت نفسه سياسة مدروسة ومستمرة للأساسيات السليمة لعقول المشاهدين بتفاوت أعمارهم. وتطالب د/ سوسن بوضع هدف مشترك بين جميع المؤسسات في الدولة للاهتمام بالدراسات الانسانية ووضعها ضمن خطط التنمية حيث أصبح الاهتمام الآن بالبحث العلمي التكنولوجي فقط وجعله في مرتبة أعلي دون مراعاة الدراسات الانسانية ومتابعتها حتي نتجنب القنابل الموقوتة كالعشوائيات التي نتج عنها أطفال الشوارع التي تم توضيحها بالأبحاث والدراسات ولم يهتم بها أصحاب القرار. ومن جانبها أبدت الدكتور زينب شاهين أستاذةة علم الاجتماع وخبير قضايا الأسرة والمرأة تخوفها من هذه الزيادة في عدد السكان في الوقت الحالي وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر حاليا مؤكدة أن مواجهة الأمر الذي أصبح واقعا يتطلب تضافر الجهود وحثها علي العمل والانتاج الذي يمثل أهمية عظمي وضرورة لتحقيق تنمية لمواجهة هذه الزيادة وهذا الواقع الجديد لكي لا تصبح مشكلة اجتماعية وضغطا اقتصاديا أو عبئا يصعب التعامل معه. وأشارت الدكتورة زينب شاهين إلي أن الزيادة السكانية تصبح ضمن الموارد وتكون بمثابة مورد بشري لها عائد اقتصادي اذا ما تم توظيفها توظيفا سليما عن طريق تنميتها بالتعليم والتدريب والتوظيف الأمثل علي أن تكون البداية أمام صانع القرار في الوقت الحالي بالاهتمام بالقطاع الاقتصادي وخلق مناخ استثماري جاذب للاستثمارات المحلية والعالمية لاتاحة الفرصة للقطاع الخاص ودعمه بشكل يجعله شريكا رئيسيا في التنمية في مصر في الفترة المقبلة. وتقول الدكتورة سامية خضر استاذة الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس ان هذه الزيادة في العدد ليست خيرا لمصر فكلما زادت الاعداد كانت الأمور أصعب وأسوأ فنحن في مصر لا نستطيع أن نحصل علي منتج من المولود إلا بعد عشرين عام وهي عمر الشباب الذي يبلغ50% في مصر الآن ومعظمهم لا يعمل ومن ثم لا ينتج مما يشكل خطورة, وتضيف خضر أن عدم تنظيم النسل هو المشكلة الاساسية في الزيادة السكانية والتي تتأثر بالسلب بالتعليم والصحة, ومقارنتا مع الصين فنسبة الزيادة قليلة حيث انهم يتبعون نظام تحديد نسل يوجب وضع طفل واحد للاسرة والجميع يعمل كي ينتج حتي انهم بدأوا يغزون العالم بانتاجهم, ومن ثم فثقافة العمل في الصين تختلف عن مصر وذلك لان ثقافة الانسان المصري هي عدم العمل! موضحة اننا بحاجة لاعادة صياغة الثقافة المصرية التي تقوم علي العمل المستمر أولا ثم تنظيم النسل حيث أن الفكر الانساني المصري علي مدي السنوات فقد قدرته علي العمل والعطاء واصبح يبحث عن الدخل قبل العمل. وطالبت الدكتورة سامية خضر الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بعمل منظومة متكاملة لرفع ثقافة الانسان المصري وذلك من خلال الاعلام وتوجيه الشباب لكيفية التعاون جميعا لسوق العمل والانتاج وتحديد النسل وتوضيح نقاط الضعف قبل نقاط القوة. وعن الرؤية الاقتصادية للموقف تقول الدكتورة ايمان محمد استاذة الاقتصاد بجامعة بورسعيد إن زيادة السكان يمثل زيادة في المورد البشري الذي تملكه الدولة مما يعني ميزة مضافة للاقتصاد مثلما الحال بالنسبة للموارد الطبيعية والاقتصادية مثل البترول وغيره خاصة اذا ما تم استغلال هذه الزيادة السكانية بشكل جيد وهو ما يتطلب اعادة هيكلة ليصبح موردا اقتصاديا قويا مثلما الحال في دول عديدة ومنها الصين. وتشير د. ايمان محمد إلي أن اعادة الهيكلة تتطلب من الدولة البدء بالاهتمام بالتدريب ورفع التأهيل والتعاون في ذلك بين القطاع المنتج وخاصة في القطاع الخاص وبين الجامعات والمعاهد العلمية للاستفادة من الخبرات التعليمية في رفع كفاءة العاملين في القطاع المنتج مؤكدة في هذا الصدد علي دور الدولة الرسمي في تطبيق هذا الامر وخاصة في ظل الاتجاه الحالي لجذب الاستثمارات والتعاقد مع الشركات والمصانع العالمية للعمل والمشاركة في التنمية في مصر مع ضرورة حثها علي الاهتمام بعنصر التدريب للافادة المجتمعية في المحيط الذي تعمل فيه ومع العاملين بها لرفع كفاءتهم واكسابهم مهارات جديدة تفيد في رفع انتاجيتهم سواء من الناحية الكمية أو من حيث الجودة العالية. وطالبت الدكتورة ايمان محمد بأن يكون دور الدولة مراقبا ومشرفا وفي الوقت نفسه يكون شريكا ومعاونا للقطاع الخاص بجانب الدور الأساسي في جذب الاستثمارات وخلق فرص ملاءمة ووضع خطة استثمارية واضحة كهدف عام للدولة لتنمية مواردها المختلفة ومنها المورد البشري وهم المواطنون والسكان في مصر بزيادتهم الاخيرة. وبينما أكد الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي أن هذا العددد91 مليون نسمة هو بمثابة كارثة التي أتت علي مصر محذرا انه كلما ازداد معدل النمو السكاني انخفض النمو الاقتصادي نتيجة زيادة الاستهلاك خاصة في الوقت الذي نعاني فيه من مشاكل التعليم والتدريب التي تعد من أخطر المشاكل الحالية وخاصة أننا ليس لدينا شئ نرفع به من قدرات التنمية البشرية مطالبا رئيس الجمهورية بالقيام بعمل حوار مجتمعي حقيقي ومصارحتهم ومراعاة احتياجاتهم حتي لا يزداد تراكم المشاكل.