جلست في حجرة صغيرة.. بجوار بوابة الجراج الذي سيتم فيه تصوير أول مشهد لي في الفيلم.. الحجرة خاصة بأمن الجراج.. والجراج في مساحة عمارة الإيموبيليا التي أسس بها.. ويحتوي علي سيارات أهل العمارة.. بالحجرة التي تعلو الجراج في مدخله وبها مرآة صغيرة.. وبعض الكراسي.. ومكتب.. وتتسع لأربع رجال أمن.. جلست مع اثنين منهم وأنا أرتدي كل الأشياء التي تم شرائها أنا والمخرج.. وجاهز جدا للتصوير.. غريب جدا أنا الجالس في انتظار التصوير.. تغير شكلي تماما وأنا في مجموعة الأشياء التي اشتريناها.. الجاكيت البني واسع المقاس.. النظارة الزجاج الدائري.. البنطلون الرمادي.. القميص السماوي.. الكرافتة البني.. الحزام الأسود.. الحذاء الموديل الإنجليزي ضخم البوز.. الشعر الذي ليس به أي تسريحة تميزه.. وأنا الذي لست أنا جالس في انتظار النداء للتصوير. وجاء مساعد المخرج وطلبني للتصوير.. وتحركت معه نزولا إلي ساحة الجراج.. لوجود مدق يمتد من عند حجرة الأمن إلي ساحة الجراج.. خطواته أخذت شكل مختلف في الحركة.. الحذاء له تأثير غريب في أسلوب خطواتي.. الجاكيت البني الواسع.. الذي لا يغلق.. وأكمامه علي نصف يدي تحركني بشكل مختلف عني تماما.. النظارة تحتل مساحتها في وجهي.. كل هذه الأشياء هي التي تتحكم في أسلوب حركتي تماما.. حتي وصلت إلي مكان التصوير.. والتقيت بالمخرج ينتظرني بتأمل وترحاب أمام السيارة الحمراء التي سيتم تصوير المشهد فيها.. وقفت في الجانب الأيسر من السيارة.. وبحثت عن الكاميرا فوجدتها ترقد مع مدير التصوير في أسفل الجانب الأيمن علي شاريوه.. يحملها هي ومدير التصوير علي عجلاته.. وانحنيت كثيرا حتي أري الكاميرا وأحيي مدير التصوير.. وبدأ التصوير بعد أن أعطاني المخرج علبة المفجرات التي سأقوم بتثبيتها في أسفل مقدمة السيارة.. وطلب مني المخرج أن أقف في بداية الخلفية للسيارة.. لأن الكاميرا ستصور خطوات حذائي وأنا أدخل الكادر.. وتسير معي حتي مقدمة السيارة.. وتصور حذائي الإنجليزي الضخم.. ثم تلتقط أيضا وتصور يدي وهي تلصق علبة المفجرات.. ثم تصور انسحاب يدي.. حيث سأقف وأنظر حولي.. والكاميرا تصور وجهي وملامحي لأول مرة يراها المشاهد ثم تلاحقني وأنا أسير بعيدا عن السيارة.. حتي اختفي تماما في البعد الذي تصوره الكاميرا. وتم تصوير المشهد.. بداية من الحذاء.. حتي تصوير اليد.. وعلبة المفجرات.. ثم وجهي.. ثم بدلتي البني.. ثم خطواتي الغريبة.. التي فرضتها علي كل ما تم شراؤه باختيار المخرج.. وأسهم بقوة في دخولي في إيهام الشخصية.. وشكلها المختلف تماما عني الذي لم أعرفه منذ أول لقطة.. وبدأ المشوار والدرس الذي علينا معرفته يا أهل السينما!! س.ع