في حوارنا معه فجر الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش بوزارة الاسكان عددا من المفاجآت المرتبطة بمخالفات البناء التي تعاني منها بشكل أقرب الي الوباء السرطاني المنتشر في أوصال البلد. ولم تسلم منه الشوارع أو المدن أو القري حيث أصبحت المخالفة وكأنها الأمر الطبيعي حيث حذز علام بشكل أساسي من عدد المخالفات سواء المتعلقة بمنطقة الدلتا التي تخسر3 ونصف فدان كل ساعة من الأرض الزراعية مما يمثل ناقوس خطر وكذلك ينتج عنها من انهيارات للعقارات بشكل يمثل خطورة حقيقية الا أنه أكد في الوقت نفسه علي أن مشكلة التعليات وما ينتج عنها من انهيارات للعقارات بشكل يمثل خطورة حقيقية الا أنه أكد في الوقت نفسه أن مصر لا تحتاج المزيد من انشاء الوحدات السكنية الجديدة ولكنها تحتاج إلي عدالة في توزيع المخزون العقاري الموجود بالفعل. وإلي نص الحوار: * في البداية هل هناك حصر بحجم مخالفات البناء في مصر خلال السنوات الأخيرة؟ ** نحن حاليا منذ4 شهور تقريبا بالتعاون مع عدد من الأجهزة المعنية بهذه المشكلة بصدد التجهيز لهذا الحصر والاحصاء بحجم مشكلة مخالفات البناء وبدأنا بمحافظات القاهرةوالجيزة والقليوبية والاسكندرية علي أن نواصل الحصر ببقية المحافظات تباعا وتم بالفعل مخاطبة الأحياء لارسال حصر بالمخالفات والازالات والتراخيص الموجودة أو المخالفة وتمت الاستجابة لذلك من قبل نصف احياء محافظة القاهرة وأعدنا مخاطبة النصف الباقي للإسراع في ارسال هذه المعلومات, وفي محافظة الجيزة استجاب ثلث عدد الأحياء وباق ثلثي الأحياء بالمحافظة ولايزال العمل في تلقي هذا الحصر من الأحياء مستمرا. * هل هناك ملامح عامة لخريطة مخالفات البناء في مصر وفي أي الأماكن تتركز بشكل أكبر سواء المحافظات المختلفة بالجمهورية أو الريف والحضر مثلا؟ ** بالنسبة للمحافظات الأربع التي بدأنا بها فالمخالفات تكون في عواصم المحافظات أعلي لكن بالنسبة للمحافظات الاقليمية مثل الدقهلية والمنوفية والبحيرة وكفر الشيخ تكون المشكلة في القري أكبر بكثير, وبالنسبة للصعيد بالمخالفات أقل من الدلتا التي نفقد في كل ساعة بها3 ونصف فدان من الأرض الزراعية بها وهذا الاحصاء موثق بمركز بحوث الصحراء ويعتبر ناقوس خطر كبير يجب الانتباه له. * ولكن ألا يجب أن يكون هذا الخطر هاجسا لدي الدولة للالتفات بشكل أكثر جدية للمشكلة والتصدي لها؟ ** نعم هناك بالفعل محاولات جادة بدأها الدكتور طارق وفيق وزير الاسكان بتشكيل لجنة تكون مهمتها وضع حلول عملية لهذه المشكلة التي تمثل أمرا واقعا بحيث تضم هذه اللجنة ممثلين للأجهزة المختلفة المتعاملة مع المشكلة لسد الثغرات التي ينفذ منها المخالفون سواء من الناحية القانونية أو الادارية أو المرافق أو غيره لتكون الحلول فاعلة في النهاية, حيث ان توصيل المرافق للمبني المخالف مثلا يجعله أمرا واقعا نتيجة سكن الناس به مما يصعب معه الازالة. * ولكن مصر ليس بجديد عليها مشكلة مخالفات المباني فهي تعاني منها حتي من قبل الثورة والانفلات الأمني فما الذي كان يمنع من حل هذه المشكلة من قبل أم لم يكن هناك ارادة للمواجهة حيث كان من المفروض ان تكون معلومات مثل الحصر والخريطة بالمخالفات موجودة اذا كان هناك نية لحل المشكلة؟ ** لا أدري تحديدا لكني أتذكر أنني عندما سافرت اليابان عام2005 أعطوني كتابا اسمه الاحصاء في اليابان فيه كل ما يتعلق باليابان سواء من حيث عدد العمارات والبيوت وعدد المواطنين والشرائح العمرية وكم تضم من اليابانيين إلي جانب أعداد وكميات المواد الغذائية وأين توجد وحتي عدد الدواجن لذلك فان أخطر جهاز موجود في الدولة هو جهاز التعبئة العامة والاحصاء الذي يكون دوره توفير البيانات والمعلومات الدقيقة لصانع القرار حتي يمكنه اتخاذ القرار السليم, وهو ما نحاول فعله فيما يتعلق باحصاءات المخالفات التي نعمل بها حاليا بحيث عندما نأخذ قرارا نكون علي علم بمن سيضار بالقرار بحيث يتم تقديم الدعم اللازم له ومن سينتفع بحيث يتم تحصيل رسوم أو ضرائب منه يتم الاستفادة منها في جانب آخر. * وماذا سيكون دون هذه اللجنة المزمع تشكيلها تحديدا؟ وهل سيتم الانتظار حتي ترسل جميع الأحياء بياناتها؟ ** لا لن ننتظر, ولكن سنبدأ من المعلومات التي تم توفيرها وأثناء العمل سيتم التحديث وفق ما سنحصل عليه من بيانات أو تعديلات حيث أن هناك مرونة تسمح بذلك, وسيكون دور اللجنة في أكثر من جانب للمخالفات وبداية سيتم اعادة النظر في قانون البناء الموحد رقم119 بحيث نعرف ما الذي يتم فعله به وما هي الثغرات التي ينفذ منها المخالفون بالإضافة الي كيفية تفعيل دور الأجهزة الرقابية ومن بينها جهاز التفتيش علي أعمال البناء والاسكان حتي يشعر الراغبون في المخالفات بالخوف من أن هناك من يراقب هذه المخالفات وسيتصدي لها. * من خلال عملكم الميداني ما هي الثغرات التي يتكرر النفاذ منها للمخالفات؟ ** أولا من ناحية القانون فيكفي أن نعرف أن مخالفات المباني هي جنحة وليس جناية وتسقط بمضي ثلاث سنوات للشخص الذي قام بالمخالفة وليس للمبني المخالف الذي تم تحرير محضر بأنه غير آمن والذي يتغير وضع أمنه بعد ثلاث سنوات وهو ما يتطلب تعديلا تشريعيا لتكون مخالفة المباني لا تسقط بمضي السنوات أو يتضمن الحكم القضائي أن هذه السنوات الثلاث خاصة بالشخص المخالف وليس المبني وهو ما يستلزم عدم التصريح بادخال المرافق له سواء مياه أو كهرباء بتصحيح المخالفة. * وماذا عن الوضع الحالي لجهاز التفتيش هل دوركم يقتصر علي الاشارة إلي أن المبني مخالف فقط أم يتم التدخل في وقف المخالفات وازالتها؟ ** الجهاز له ثلاث مهام هي التفتيش والمراقبة والمتابعة حيث التفتيش علي الرخص والمباني ومدي مطابقتها للمواصفات المطلوبة ومنطوق الرخصة والملف بمستنداته وما به من تصاريح مع مطابقتها للوضع علي الطبيعة ومدي وجود مخالفات وارسال التقارير بذلك لوزراء الاسكان والتنمية المحلية والمحافظين ورؤساء والمدن ثم متابعة ما الذي تم بشأن المخالفات والتي يتحول جزء منها للنيابة العامة أو النيابة الادارية أو تصحيح الأوضاع وذلك بشكل مستمر. * ولكن رغم وجود الجهاز وقيامه بعمله فلا تزال المخالفات موجودة وتتكرر والمشكلة تتفاقم فما الذي يعوق عمل الجهاز أو لا يجعله يقوم بدوره بشكل فاعل؟ ** نحن نطالب بأن يتم تفعيل دور جهاز التفتيش كجهاز رقابي. * وما الذي يتطلبه ذلك تحديدا؟ ** يتطلب أن يكون له فروع في المحافظات وأن يكون له هيكل تنظيمي وموازنة خاصة وعدد من العاملين, حيث أن الوضع حاليا قائم علي الانتداب من وزارة الاسكان فلابد أن يكون هناك مميزات للعمل تجعل هذا الشخص القائم بالرقابة عينه مليانة حتي نضمن قيامه بعمله بشكل سليم. * وهل يتطلب ذلك تغييرا تشريعيا؟ ** لا فالأمر لا يتطلب سوي تغيير القرار الجمهوري المتعلق بانشاء الجهاز رقم29 لسنة1993 وهو ما يتم الاعداد له حاليا حتي يمكننا القيام بدورنا علي أكمل وجه. * هل هناك اختلاف بين مخالفات المباني في المناطق السكنية والبناء علي الأراضي الزراعية؟ وكهندسي ما هي المواصفات الخاصة بالبناء في مصر؟ ** من الناحية الفنية فمصر مقسمة حسب نوعية التربة ففي وادي النيل والدلتا التربة طينية وتستطيع تحمل أحمال ثقيلة لكن في التربة الصحراوية لدينا نوعان الأولي مشكلتها المياه التي ما ان تصل لها حتي يحدث الانهيار مما يستلزم اشتراطات تنفيذ عالية وأساليب خاصة في انشاء تجمعات سكنية عليها مثل منطقة العاشر من رمضان وبني سويف والنوع الثاني بمجرد وصول المياه اليها تحدث عملية انتقاش مثل منطقة الطامية بالفيوم وبعض أجزاء من مدينة السادس من أكتوبر وهناك التربة الضعيفة وهي موجودة في المناطق القريبة من السواحل ولا سبيل للانشاء عليها إلا باختراقها والنزول إلي أعماق عاليه لعمل خوازيق للارتكاز عليها وإذا لم يتم مراعاة هذه الاشتراطات فهذه خسارة مثل من يلقي أمواله علي الأرض سواء أشخاصا فمثلا في كلية الهندسة بالأزهر بمدينة نصر هناك مبني معمل الميكانيكا المقام علي تربة انتفاشية لذلك نجد العواميد اخترقت السقف رغم أنه منشأ من السبعينيات فقط. * وما الحل للقضاء علي المشكلة هل بالتوعية أو التعويل علي الضمير أم تشديد الرقابة والعقوبة؟ ** أنا لا أعترف بشيء اسمه الضمير في الهندسة والانشاء فهناك قواعد يجب الالتزام بها والقانون الذي يعتبر حدا فاصلا بين الصواب والخطأ لم يتم اعداده لمن لديهم ضمير ولكن لمن ليس لديهم ضمير وفي المقاولات هناك قواعد واضحة وثابتة لابد من الالتزام بها لأنها أرواح مواطنين يجب الحفاظ عليها واذا لم يتم ذلك لابد من تحمل المسئولية تجاه المخالفة. * وبالنسبة للحاجة إلي وحدات سكنية كثيرة فما السبيل لتوفيرها في ظل الظروف الصعبة الحالية؟ ** لسنا في حاجة إلي وحدات سكنية جديدة نحن لدينا سوء توزيع للوحدات التي نملكها بالفعل فلدينا مخزون عقاري يكفي ولكن المشكلة أننا عندما ننشيء وحدات سكنية تعرض علي الناس بأسعار لا يستطيع تحملها مواطنو الطبقة المتوسطة والفقيرة مما يجعلها بمثابة استثمار عقاري للقادرين فقط وهذا الأمر له أسلوب في التعامل بتوفير طريقة تجعل هذا المواطن يستحسن تأجير الشقة التي يمتلكها لأولاده مثلا بدلا من أن تبقي مغلقة كمخزون عقاري غير مستغل بجعل الضريبة العقارية عليها أعلي من الشقة الساكنة ويمكن توفير الضمانات اللازمة لأصحاب الشقق بحيث يتم القضاء علي المخاوف حيث يمكن الاستفادة من تجربة دول الخليج في انشاء شركات حكومية للادارة العقارية في أقاليم مصر المختلفة مما يسبب أمانا بالنسبة للناس في التعامل مع هذه الشركات وهو ما ندرس تطبيقه حاليا. * وهل يمكن أن يكون ذلك حلا بدلا من تجربة اتحاد الملاك والشاغلين التي لم يكتب لها النجاح؟ ** نعم لأن تطبيقها كان يواجه مشكلات تتعلق بطبيعة المجتمع المصري خاصة في المناطق الريفية. * هناك قرار سابق لمجلس الوزراء باعتبار الغاز الطبيعي ضمن المرافق الأساسية التي يستلزم الوفاء بها عند الترخيص فلماذا لا يتم تفعيل ذلك؟ ** سيدخل ضمن القانون فالمرافق مجهلة به وتشمل المياه والكهرباء والغاز الطبيعي وما يستجد بعد ذلك مستقبلا. * واحدة من المشكلات التي نعاني منها في القاهرة الكبري أنها تحولت لجراج مفتوح فهل هناك طريقة لعلاج هذا الخلل؟ ** لابد في المشكلات المزمنة أن يكون الحل غير تقليدي فالاتجاه لانشاء جراجات وكباري ليست حلولا فاعلة وحدها ولكن لابد من اعادة توزيع الموظفين بحيث يعمل كل موظف في عمل قريب من سكنه وكذلك التعامل مع وسائل النقل الخاصة بحيث يتم تقييد حركتها قليلا مع توفير وسائل نقل عامة بمواصفات جيدة وتطوير وسائل مترو الأنفاق وغيره بحيث يكون لائقا وجيدا في استخدامه لكي يكون بديلا مناسبا للكثير من المواطنين مثلما يحدث في العديد من دول العالم المتقدمة. * ألا يتطلب ذلك تعاونا بين وزارتي الاسكان والنقل في حل هذه المشكلة؟ ** بالطبع فلن تستطيع وزارة بمفردها حل مشكلات البلد ولابد من تعاون بين الوزارات المختلفة كل باقصي استطاعته فكل قضايا الناس متشابكة بين العديد من الوزارات والهيئات. * ختاما ما هو اكبر تحد يواجهكم كجهاز تفتيش علي مخالفات البناء في محافظات مصر المختلفة؟ ** مشكلة تعليات المباني لأن القانون119 للبناء الموحد وتعديل القرار الوزاري رقم200 جعل الحصول علي رخص التعلية سهلا جدا حتي ولو كان المبني لا يتحمل هذه التعلية بالحصول علي شهادة لا يتجاوز ثمنها300 جنيه من أي مهندس علي سور النقابة بان المبني يتحمل حتي بدون لوحات للمبني أساسا وبناء عليه يحصل علي رخصة تعلية تكون علي مبني قائم لا يتم فحص اذا كان يتحمل أم لا ولذلك قدمنا مقترحا للوزارة يتم دراسته حاليا حول منهجية اعداد التقارير بحيث لا يمكن التحايل عليه وفي حالة اقراره سيتم القضاء علي مشكلات كثيرة ف90% من مشكلات الجهاز عبارة عن خلافات بين ملاك وسكان حول التعليات والمخاوف منها. * هناك ملاحظة خاصة بمحافظة الاسكندرية حيث كثر انهيار العمارات بها وتكرار ذلك بشكل مخيف فما السبب وراء ذلك؟ ** مشكلة الاسكندرية تحديدا ترتبط بنا كمصريين جميعا حيث نحلم جميعنا بأن يكون لدينا شقة في هذه المحافظة الجميلة ولذلك فان صاحب البناء المخالف يبيع حتي من قبل أن يبدأ في البناء وتكون الجدوي لديه مرتفعة جدا وبدلا من أن يبني10 أدوار يبني20 دورا ويقوم ببيعها وهي لايزال في الهواء فتكون المخالفات هناك مربحة ربحا كبيرا والمخالفون دائما شهيتهم مفتوحة للمخالفة وهذه مشكلة ستظل قائمة لسنوات كثيرة قادمة حتي يتم حل مشكلات المخزون العقاري الموجود. الجهاز في سطور تم انشاء التفتيش الفني علي أعمال البناء بموجب القرار الجمهوري رقم29 لسنة1993 وتم الحاقه بالمركز القومي لبحوث الاسكان والبناء عام1994 الا أنه يتبع وزارة الاسكان. * يختص الجهاز بالتفتيش والرقابة والمتابعة علي أعمال الجهات الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدات المحلية في جميع انحاء الجمهورية من خلال تنفيذ التفتيش علي تنفيذ جميع أعمال المباني والانشاءات للتحقق من مطابقتها لاشتراطات الكودات والتحقق من مطابقتها للتراخيص الصادرة من الجهات الادارية المختصة وفقا لأحكام قوانين المباني وكافة القرارات المنظمة في هذا الشأن. * يقوم الجهاز باصدار توصية الي الجهة الإدارية المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الأعمال أو تصحيحها أو ازالتها في حالة تنفيذها بالمخالفة للتراخيص. * يتولي الجهاز اعداد تقارير دورية بنتائج التفتيش والرقابة والمتابعة ترفع إلي الجهات المختصة. * القيام بدراسة المباني والمنشآت الآيلة للسقوط التي يخشي من سقوطها واتخاذ الاجراءات المناسبة حفاظا علي الأرواح والأموال. * القيام باعداد دورات تدريبية فنية وقانونية للارتقاء بمستوي أداء المسئولين بادارات التخطيط والتنظيم والادارات القانونية بالوحدات المحلية بالإضافة إلي دورات خاصة لقيادات الوحدات المحلية. * التفتيش علي الجهات الادارية المختصة وذلك فيما يتعلق باصدار التراخيص بانشاء المباني أو اقامة الأعمال أو توسعتها أو تدعيمها أو هدمها أو اجراء أي تشطيبات خارجية مع التحقق مع قيامها باتخاذ كافة الاجراءات القانونية اللازمة حيال مخالفات التنفيذ علي الطبيعة.