وليد ممدوح زكريا قنديل, هو اسم من بين الثمانين أو التسعين مليون مصري الذين يحلمون بمصر الفتية القوية البهية. شاب من بلدنا, بساط كريم الدين, تلك القرية البسيطة التي اشتهرت بكرم عائلاتها العريقة فاكتسبت اسمها الجميل, القرية الصغيرة تقع في مركز شربين, محافظة الدقهلية. وأسطر هده الكلمات لتصل إلي الأهرام المسائي يوم السبت تمهيدا لنشرها يوم الثلاثاء. وليد, فتي في مقتبل العمر جندي مصري, يرابط علي الحدود في رفح, في حرارة الجو اللافح وأيام رمضان الساخنة, يروي ظمأ العطش بشربة ماء بعد صوم يوم طويل, داعيا المولي عز وجل ان يجعل صيامه مقبولا. * تأتي رصاصات الغدر لتصيب القلب المقبل علي الحياة, النابض بالأمل, المفعم بالحب لبلده وبلدته وأسرته ويثور السؤال من المسئول عني أنا الجندي المجند القادم من قلب الدقهلية لأدافع عن جبهة الوطن فأضرب في ظهري, لأحمي حدودها الخارجية فتجيئني الضربة من الداخل دون تحسب أو حماية رغم التحركات المشبوهة والتحذيرات المهووسة. * تخرج الجنازة الحزينة, تودعها جموع الشعب الطيب, تحمل الجثامين الستة عشر تكفنها بشغاف القلب وتغسلها بدموع العين طعنةالغدر أصابت كل ارجاء مصر المكلومة, فالشهداء من أبناء مصر كلها, هم من الدقهلية والشرقية والإسماعيلية والمنيا, وقنا, وروض الفرج بشبرا. * المشهد يجسد حالة الخبل والجنون والتآمر التي ضربت مصر هذه الأيام تشاهد وتسمع وتقرأ للعقلاء والحكماء والخبراء فتزداد حيرة, وتتساءل متعجبا لعلني أنا المجنون يعيش بين العقلاء؟ * لو كان ذلك كذلك, فهل من عاقل منكم يستطيع ان يفهمني ما الذي حدث في رفح, وكيف حدث, ولماذا حدث؟ * وكيف يصل الخبل بمن اختلت مفاهيمهم وقيمهم أو مذاهبهم فيتصورون أن قتل جنود الوطن ساعة الإفطار هو جهاد في سبيل الله؟ إنه جهاد في سبيل الشيطان لو كانوا يفقهون. أم لعلها كانت مؤامرة مدبرة لضرب عشرة عصافير بحجر واحد, قتل جنود مصر علي الجبهة, خلخلة أمن الجيش والنيل من قياداته, إضعاف معنويات المقاتلين, زيادة البلبلة بين المدنيين, تشويه صورة الرئاسة في شهرها الأول, الهجوم علي اسرائيل في عملية انتحارية بمدرعة مصرية( وربما محاولة أسر بعض من جنودها) لتشتعل الحدود, ولعل ذلك يصرف النظر عن جبهات مشتعلة قتلت وما زالت تقتل شعوبها بعشرات الآلاف, فالخبل طال أنحاء أخري من الوطن العربي. هل يدلني أحد عاقل, رافض مثلي لنظرية المؤامرة, كيف يتأتي الهجوم علي رئيس وزراء مصر ورموز تيار الإسلام السياسي في جنازة رسمية لشهداء الوطن وفي حضور الأجهزة الأمنية والرتب العسكرية؟ هل انفلت الزمام بدون تحكم أو ان الانفلات يجري بمنتهي التحكم؟ * ولم تتعجب وقد أهدر الإعلامي( الحر) دم رئيس مصر, مؤكدا أن لديه أنصار( يشيلوا الهرم ويولعوا الدنيا نار) ويستطيعوا تنفيذ الوعيد, ذلك الإعلامي الذي انحني علي يد ذنب النظام الإعلامي يقبلها دون حياء أو خجل, فكيف يتجاسر اليوم علي رأس النظام ورمزه؟ وتتساءل ايضا إذا كنت رافضا مثلي لنظرية المؤامرة من الذي يشجع ويعضد ويرعي ويحمي ويمول ويبلغ الخبل مداه حين تعلم ان الإعلامي الخطير قد حصل بالرغم من ذلك( أو ربما من أجل ذلك) علي صك الوطنية من قاضي القضاة ناهيك عن الغندورة والبطوطة اللتين أسبغتا عليه صك الشجاعة إلي جانب الوطنية, ليخبرنا الإعلامي( الوطني) متفاخرا متفاجرا علي الهواء مباشرة بصلته بكبار القادة الصهاينة. وحتي يبلغ الخبل منتهاه, فقد خرج علينا ذلك الإعلامي الخطير, هو وزملاء المنصة ليقودوا ثورة جديدة, وتتعجب حين تعلم أن الثورة هي علي الحزب الذي فاز مرشحه في أول انتخابات نزيهة شهدتها الأمة العريقة منذ فجر التاريخ ويتهم نشامي المنصة رئيس الجمهورية صدق أو لا تصدق بأنه قد شن إنقلابا إخوانيا ضد المجلس العسكري والجيش المصري, وكأنه ليس هو صاحب الشرعية المنتخب بإرادة الأمة ولو كانت بخمسين في المائة زائد واحد. وتعزف جوقة الإعلام المسموم معزوفة التحية للثوار الجدد, المحترفين أو المأجورين, وتتغني ببكائية الاستقرار المستهلكة, ويتأسفون لمخلوعهم ويتأسون عليه الا تمسك رأسك بعد كل ذلك وتقول إنني أنا المجنون تتفكر فيما يجري وتتساءل هل للمؤامرة حدود ؟ فكيف اشتعلت الأحداث الطائفية بالمصادفة بعد هدوء, ولماذا عادت البلطجة الممنهجة لتضرب بالصدفة المستشفيات والفنادق؟ وكيف زاد انقطاع الكهرباء وتراكمت القمامة( بالمصادفة) مؤخرا؟ * ويبلغ الخبل مدي أبعد حين يغيب الوعي ويختلط الأمر ونعتبر غزة هي العدو, وإسرائيل هي الصديق, ونعطي الاسرائيليين تأشيرات الدخول لأرض الوطن, ونمنع الفلسطينيين من الدخول إلي مصر. ستة عشر جنديا رحلوا عن عالمنا المخبول الذي يديره طماعون وأفاقون ومنافقون, مرضي للسلطة وداعون للفوضي, فكرهم أعوج يخونون ويقتلون ويغنون الأغاني الوطنية, عزاؤنا وعزاؤهم أنهم تركوا دنيا المخابيل إلي السماء حيث مليك عادل مقتدر وجنات هي مثوي الشهداء.داعا شهداء مصر, ووداعا يا ابن بلدي. جامعة الإسكندرية