أعرب خبراء اقتصاديون عن تخوفاتهم من مشروع قانون الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في تمويل مشروعات البنية الأساسية.. محذرين من سيطرة الاحتكارات علي المشروعات الحيوية خاصة في ظل سماح القانون لرأس المال الأجنبي بالدخول في تلك المشروعات بنظام الشراكة مع الحكومة مطالبين بضرورة إحكام الرقابة علي مراحل ترسية وتنفيذ المشروعات المطروحة علي القطاع الخاص ورقابة تسعير الخدمات المنوط تقديمها من قبل القطاع الخاص. جاء ذلك خلال ورشة العمل التي عقدها معهد التخطيط القومي لمناقشة مشروع قانون الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في تمويل مشروعات البنية الأساسية. وقالت رانيا زايد رئيسة وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية ان هناك العديد من اللجان المسئولة بمشروعات الشراكة لضمان تعدد جهات المراقبة.. مؤكدة أن القانون يتضمن عدة مواد لمنع الفساد تماما في مثل تلك المشروعات. وحول التخوف من سيطرة الاحتكارات الأجنبية قالت إنه لن تطرح أي مشروعات لها صلة مباشرة بالأمن القومي ضمن مشروعات الشراكة وفي أي مناقصات محلية. مشيرة إلي أن الشراكة مع القطاع الخاص هي إحدي وسائل الحد من عجز الموازنة العامة الذي وصل إلي118 مليار جنيه. من جانبه أكد الدكتور خالد سري صيام أستاذ القانون ومستشار وزير المالية أن هذا القانون ليس ابتكارا مصريا وإنما هو مشروع طبقه العديد من الدول المتقدمة والنامية منذ أكثر من عشرين عاما. موضحا أن الهدف الرئيسي منه ليس التمويل فحسب وإنما للاستفادة من السرعة والتطور التكنولوجي الذي يتميز به القطاع الخاص. وأضاف ان مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الشوري أخيرا يتضمن المراقبة في جميع مراحل ترسية المشروعات قبل طرحها وأثناء التنفيذ بما فيها الصيانة الدورية وصيانة الإحلال. وأوضح صيام أن قدرة الدول علي إحكام الرقابة علي المشروعات ترجع للسياسات وليس محلها القانون لافتا إلي وجود ثلاثة نماذج لعقود الشراكة موجودة بالفعل ويتجاوز العقد الواحد500 صفحة أحدها خاصة بمشروعات الصرف الصحي والثاني بمشروعات المدارس, أما الثالث فخاص بمشروعات المستشفيات, مشيرا إلي أنه سيتم اعتماد النماذج قبل طرح المشروع ولا يوجد مجال للاستجابة لمستثمر بعينه. من جهة أخري قالت الدكتورة علا الحكيم مديرة معهد التخطيط السابقة إن أهم ما ينطوي عليه مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الشوري هو تحديد سعر الخدمة عن طريق الشركة المنفذة للمشروع وملكيته بعد انتهاء مدة العقد, حيث تلتزم الحكومة بتسعير الخدمة خلال مدة العقد ولم يتم تحديد كيفية التسعير بعد انتهاء التعاقد وأنه من الطبيعي أن تؤول ملكية الأصول للدولة بعد انتهاء مدة التعاقد التي قد تصل إلي30 عاما منتقدة عدم وجود نص في مشروع القانون يخص مراقبة أداء القطاع الخاص في مراحل التنفيذ.. مؤكدة أن مجرد دراسات الجدوي المالية والفنية لا تكفي للرقابة مطالبة بتقييم دوري لأداء القطاع الخاص دون محاباة للشركات ولغلق أبواب الفساد. من جهته اعتبر الدكتور إبراهيم العيسوي مستشار معهد التخطيط القومي فكرة الشراكة مع القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية تخليا من الحكومة عن دورها الرئيسي في توفير أساسيات البنية التحتية بمصر بسبب حجة نقص التمويل, مشيرا إلي أن الضرائب التصاعدية كان يمكنها حل هذا النقص في التمويل.. محذرا من تأثير مشروعات الشراكة علي الاستثمار في المجالات الانتاجية ومن تحول المشروعات الخدمية غير الربحية إلي مشروعات تجارية هدفها الربح خاصة أن مشروع القانون يمتد ليشمل تطوير المشروعات القائمة, كما انتقد ما سماه حصانة القطاع الخاص التي تمنحها له المادة11 من القانون التي تشير إلي أنه لا يجوز الحجز علي المنشآت والأدوات. وأعرب عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية عن تخوفه من دخول رأس المال الأجنبي وسيطرة الشركات الاحتكارية الأجنبية علي حصص كبيرة من مشروعات البنية الأساسية مطالبا بإيجاد صيغة وآلية محددة للحيلولة دون حدوث هذا الأمر وعمل عقود متحكمة لصالح المستهلك المصري. وأكدت الدكتورة سهير أبوالعينين مستشارة ومديرة مركز العلاقات الاقتصادية الدولية بمعهد التخطيط القومي علي أهمية ضبط منهجية وحيادية وعلانية حسابات المشروعات ووضع سقف يمثل الحد الأقصي لعدد المشروعات التي يسمح بها لكل هيئة عامة حتي لا يزيد عددها وتشكل أعباء علي الحكومة هذا إلي جانب الإفصاح عن التكلفة المالية للمشروعات السابقة قبل بدء مشروعات جديدة والإفصاح عن التدفق السنوي لمدفوعات الحكومة إلي مشروعات الشراكة في الحسابات الحكومية وتوضيح ذلك ميزانية أي عام يتم دفع الأقساط السنوية. كما طالبت د. سهير بدعم الشفافية عن طريق نشر مسودات العقود ووثائق الطرح والمناقصات متضمنة التفاصيل المالية رغم اعتبارها اسرارا تجارية في العقود غير ان ضمان تحقيق قيمة للنقود يقتضي التخلي عن هذه السرية.