تقدمت الحكومة إلي مجلسي الشوري والشعب في الدورة الحالية بمشروع قانون تنظيم أعمال الشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف دخول القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية. بنظام الشراكة مع الحكومة ويفتح المشروع في حالة إقراره من جانب مجلس الشعب المجال لنقل جانب مهم من المشروعات التي كانت تنشئها الحكومة في كل المجالات, المياه والصرف الصحي والكهرباء والعلاج والتعليم وغيرها من المجالات, أن يدخل القطاع الخاص مشتركا مع الحكومة في تمويل أو تمويل وتنفيذ أو إدارة المشروعات أو كل هذه الأدوار مجمعة أو يحل محل الدولة في المشروعات التي تقرر فيها ذلك. وعلي الرغم من أن دخول القطاع الخاص في مجال مشروعات البنية قد تم منذ سنوات, من خلال عدة قوانين صدرت تنظم عمل القطاع الخاص في مجال مشروعات البنية الأساسية, مثل القانون89 لسنة98 للمناقصات والمزايدات, وعدد من القوانين التي نظمت الاستثمارات الخاصة في مجال الكهرباء وإنشاء المطارات, إلا أن دوره لا يزال محدودا. أما الصيغة التي تطرحها الدولة حاليا وهي الشراكة التي قد تأخذ في بعض الحالات شكلا احتكاريا حين يكون القطاع الخاص مسئولا عن انشاء وتمويل وإدارة أحد المرافق المهمة في مجال الكهرباء ومياه الشرب والعلاج والتعليم وهي من المجالات التي يتم التعامل فيها مع مصالح حيوية للجمهور مباشرة وهو ما يثير قلق الكثيرين من الخبراء وأعضاء المجالس النيابية. مما حدا إلي طلب أحدهم أن تسحب الحكومة مشروع القانون من المجلس.
وهو ما يثير تساؤلات كثيرة حول توقيت طرح المشروع بينما مازالت آثار الأزمة الاقتصادية العالمية قائمة, وبينما تتدخل الدول لإنشاء مشروعات أو إقالتها من عثرتها, وفي ظل مناخ يتسم بدرجة من درجات الشك في فشل برنامج الخصخصة في بعض المشروعات, كما تثار تساؤلات حول مدي الانتظام في تنفيذ المشروعات, خاصة التي لها تأثير مباشر علي الجمهور, وتحديد مقابل الخدمة وما هي الفئات التي تدعمها الحكومة في حالة بيع الخدمة وفقا للتكلفة وتحقيق هامش ربح, كما يطرح التساؤل حول ما إذا كانت المشروعات التي تطرح مستقبلا سيتم تنفيذها بنظام الشراكة أم أن هناك مشروعات سيقتصر تنفيذها علي الشركات العامة. ويناقش التحقيق مع عدد من ممثلي القطاع الخاص, والعام, والخبراء عددا من الموضوعات الخاصة بدخول القطاع الخاص في مجال البنية الأساسية. وهناك جانب من التحفظات التي يثيرها الخبراء وأثر صدور القانون علي الشركات العامة التي تعمل في مجال البنية الأساسية. القطاع الخاص يرحب بالشراكة بداية رحب القطاع الخاص, بأن يطرح مشروع القانون في هذا التوقيت وبأن يقوم بهذا الدور لأنه يفتح له المجال في توسيع حجم أعماله في داخل مصر. وكما ذكر المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين, وصاحب خبرة في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية. قال إن فكرة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص فكرة جيدة, تخدم الغرض من إنشاء مشروعات تخدم المجتمع مع تحقيق الربح. وقد أصبح القطاع الخاص اليوم مؤهلا لتنفيذ مشروعات لم يكن مؤهلا لها, مع بدء تطبيق سياسة الاقتصاد الحر. فأصبح قادرا علي الدخول في مشروعات كبري وقد أثبت ذلك من خلال تجربته في إنشاء مشروعات الاتصالات. كما أنه قادر علي الدخول في تحالفات مع الشركات العالمية. فالقطاع الخاص يطور نفسه مع تطور الدور المطلوب منه. ويضيف أنه يري أن المجتمع يحتاج خدمات جيدة, وأنه يعاني من نقص الخدمات أو أن الخدمات المتوافرة ليست بالمستوي الذي يناسب تطوره. ومن ثم فإن الشراكة تصبح حلا مناسبا لتوفير هذه الخدمات مع مراعاة أن القطاع الخاص في عمله يستهدف الربح.
وعلي الرغم من تأثير القانون في حالة صدوره علي الشركات العامة إلا أن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون يري أن الشراكة بين المال العام والخاص في الخدمات كانت من المشروعات والتجارب الناجحة في كثير من الدول, لأنها توفر أكبر قدر من الخدمات التي تفوق إمكانيات الحكومات من حيث التمويل, فيتم تنفيذ مشروعات خارج الموازنة العامة للدولة ويكون معدل الانجاز أسرع.
فعندما تدير شركة مالها الخاص, تحرص علي حسن الإدارة بما يؤدي إلي قدر أكبر من الكفاءة, مع قيام الحكومة بدورها كمنظم ومراقب. ويؤكد أنه كلما استطاعت الحكومة تحديد الزمن المناسب لتنفيذ المشروع ووضع المواصفات الجيدة والشروط الواضحة لتنظيم علاقتها مع الشركات التي تقوم بالتنفيذ, فإنه يتوقع نجاح التجربة ويمكن لتحقيق هذه الأهداف اجتذاب الاستثمارات الأجنبية, خاصة أن الشركات الأجنبية ترحب بالاستثمار في مصر لما لها من شهرة واسعة, كدولة جاذبة للاستثمار. ضمانات نجاح الشراكة
لكن نجاح الشراكة, مرهون في رأي القطاع الخاص بتوافر عدد من الضمانات. فمن واقع خبرته يري المهندس حسين صبور أن تجربة التعامل بين القطاع الخاص والحكومة خلال السنوات الماضية تكشفت عن عدد من الملاحظات المهمة, أو أخطاء تسببت في إلغاء بعض المشروعات منها تخصيص أراض للمشروعات تكون موضعا للنزاع أو الخلاف بين الجهات الحكومية, كأن تكون مخصصة لمشروع آخر أو ترفض هيئة الآثار إعطاء موافقة لها, أو أن تقوم الجهة المختصة بوضع شروط ومواصفات للمشروع تفوق احتياجات الغرض الذي يتم انشاؤه له, وهو ما حدث في مشروع لإنشاء أحد المطارات.
وتكون النتيجة الإلغاء أو التوقف لفترة أو الانسحاب نهائيا منه, ويلفت رئيس جمعية رجال الأعمال إلي عامل مهم, كثيرا ما يؤدي إلي حدوث مشكلات أو انسحاب المستثمر من المشروع وهو الثقافة التي تتعامل الجهات الحكومية من خلالها مع القطاع الخاص, فيتم التعامل من خلال مفهوم يحكمه ان القطاع الخاص يسعي إلي استنزاف موارد المجتمع مما يؤدي إلي تخفيض تكلفة المشروع إلي أدني من مستواها الحقيقي. وعدم صرف المستحقات, ويجب أن تحل محلها ثقافة قائمة علي أن القطاع الخاص يهدف لخدمة المجتمع, وهو شريك مصري يتعاون مع الحكومة لتحقيق مستوي أفضل للخدمات. وهذا هو مفتاح نجاح الشراكة بين الطرفين الحكومة والقطاع الخاص.