بعد خروجنا من قرية المهدية وفي جعبتنا أوجاع هؤلاء الذين تشير اليهم اصابع الاتهام دائما. اتجهنا الي الشارع الرئيسي لقرية الشيخ زويد ليفاجئنا دخان اسود كثيف اختفت معه سماء سيناء عن الظهور لنعلم ان هناك احتجاجات سيناوية علي ما يحدث فتوجهنا مباشرة الي هؤلاء المحتجين لننقل احتجاجهم وأوجاعهم عبر السطور التالية.. إحنا هنا علشان الظلم, علشان احنا تعبنا واكتر ناس اتظلمت فيك يا مصر هما اهل سيناء وكل حاجه تحصل يقولك أهل سينا وبدو سينا, اتهمونا بالخيانة والعمالة لإسرائيل, همشونا واهدروا حقوقنا ومش كفاية اننا اكتر ناس انكوينا باتفاقية كامب ديفيد اللي خنقتنا وكبلتنا وجابتنا ورا, مش كفاية ان العسكري المصري واقف علي دبابة ولا مدرعة ومدي ضهره للعدو ووشه لينا ومدفعه في صدورنا. إنتوا جايين تعملوا ايه ؟! شبعنا اعلام وتليفزيون وصحافة وماحدش بيعمل حاجه, بس كفاية ان انتوا بتشوهوا صورتنا وتقولوا علينا يهود سينا, ومجلسي الشعب والشوري اللي في مصر اصحابه قاعدين علي الكراسي في التكييفات بيتخانقوا علي حله ولا استمراره وهما لا بيهشوا ولا بينشوا بس بيدوروا علي مصالحهم ماهم جولنا هنا وسمعونا وقالولنا هانعمل وهانسوي وأدي وش الضيف, كفاية عليهم كراسيهم اللي هايفضلوا يتخانقوا عليها لغاية لما يموتوا.. هكذا جاءتنا اصواتهم وصرخاتهم المكبوتة والتي سرعان مانطلقت كالمدافع الرشاشة في وجوهنا, احاطوا بنا في دائرة كبيرة أخذت تتسع وتتسع حتي شعرنا مع الحر والصيام بالإختناق خاصة مع دخان الإطارات المشتعلة, لكننا ابدا لن نفارقهم بل اتسعت صدورنا الي شكاويهم. لم نستطع ان نميز الاسماء ولكن الأهم هو هؤلاء المكبوتون الذين سننقل كلماتهم دون حذف أو مبالغة. سيناء مهمشة.. بلغوا مرسي وقنديل, إحنا مهمشين, أنا مواطن سيناوي عشت مع الناس دي25 سنة رغم اني من الوادي باشتغل مأمور ضرايب وعمري ماشفت معاهم ولا منهم حاجه وحشة إحنا اصحاب واخوات بالعكس دول وقفوا معي اكتر من أهلي, ومش انا لوحدي مين فينا يقدر ينسي1967 و1973, إن كان اصحاب التكييفات قدروا ينسوا احنا مانقدرشي. مش ممكن يكون اهل سينا هما اللي ورا الاحداث زي ما قال اهل الاعلام العجيب والمفبرك واللي اسهل حاجه عنده يتهم في خلق الله. صوت أخر يأتينا من بعيد مخترقا الكتل الجسدية قائلا والله لو فتحوا المعابر ما هانعديهم, احنا زعلانين من الفلسطينيين بقي هي دي اخرتها احنا اللي طول عمرنا واقفين جمبهم وبننكوي معاهم بالنار وفاتحين لهم بيوتنا وانفاقنا يهربوا فيها علي حساب امننا وراحتنا يقتلونا ويقتلوا ولادنا غدر وهما بيفطروا. صوت آخر قاطع الحديث مهاجما انا مصري حتي النخاع ومواطن سيناوي ومتعاطف مع القضية الفلسطينية وضد حماس ومبحبهمش ومبصدقهمش لكن مش معني ان اصابع الاتهام بتقول ان فيه فلسطينيين نفذوا العملية أن كل الفلسطينيين بيقتلونا او خاينين, لأ فيه فلسطينيين عملا بشتغلوا لصالح اسرائيل ولما السلطة الفلسطينية سواء حماس او اي فصيل بيكتشفهم بيعدمهم في ميدان عام, وعلي فكرة الجاسوسية والعمالة مش في فلسطين بس ولا نسيتوا جواسيس اسرائيل اللي في كل حتة, كل حتة فيها الحلو والوحش والموضوع ده معداش من تحت ايد اسرائيل ده تفكير وتدبير يهودي صهيوني وبتنفيذ موسادي باستخدام خونة وجواسيس وبكره هافكركم. فاتت الاربعة والعشرين ساعة بتاعت الريس اللي قال فيها هانشوف الرد وماحصلشي حاجه, احنا سمعنا خطاب معجبناش وكنا منتظرينه يقول هانلغي كامب ديفيد أو نرجع جيشنا يحمي ارضنا والريس خرج يعزي الشهدا زيه زي اي حد, طيب ماهو مبارك عزي المصريين في شهداء25 يناير ورجع يعيط ويقول سيبوني اموةت في بلدي, لكن ادينا مستنيين الرد والوعيد اللي زي الشجب والاستنكار حاجه كده مالهاش طعم ولا مؤاخذة.... وخلال الحديث ثارت ضجة كبيرة كانت اجابتها من المحتجين دول شيوخ القبايل اللي عينهم مبارك واقفين يتكلموا مع التلفزيونات والجرايد ومبيعملوش حاجه زيهم زي المحافظ كده اللي محدش شاف وشه من ساعة الحادثة. انسحبنا من التظاهر لنتجه مباشرة الي موقع الدماء الطاهرة الزكية التي كسرت قلبنا قبل ان تكسر صيام الشهداء.. الي الماسورة وبالتحديد منطقة الحرية بالقرب من معبر كرم ابو سالم. وهناك منعنا من الدخول احترمنا رغبتهم وعدنا ادراجنا نقلب كفا علي كف لماذا لم يتم هذا التأمين قبل الحادث, لماذا يمنع الناس من رؤية دماء إخوتهم تحت دعوي التأمين وكأن هناك غبيا سيقوم بعد اربعة وعشرين ساعة بتفجير جديد في نفس المكان. واخيرا لم نجد سواها تلك العبارة رفعنا بها ايدينا الي الله عز وجل راجيين ومتوسلين أن يقبلها منا دعوة اللهم أحفظ مصر وأهلها وأجعلها بلدا أمنا..آمين.