وصلت مشكلة نقص الدواء إلي ذروتها بعدما تحالفت معها مشكلة أخري وهي نقص لبن الأطفال المدعم, فمع نقص أدوية الضغط والسكرو القلب والسرطان وأيضا مراهم وقطرات العين حدث نقص حاد في عبوات الألبان المدعمة بالصيدليات ليكون المرضي والرضع تحت رحمة أباطرة السوق السوداء وأسعار المستورد الباهظ الثمن الذي لا يقدر علي ثمنه أصحاب الدخول الضعيفة, فالمرضي يسقطون ضحايا لنقص الدواء والرضع لا يجدون وجبتهم المشبعة الرخيصة الثمن لتزداد مشكلة الدواء في مصر ضخامة, الأمر الذي يتطلب تدخلا فوريا من حكومة الرئيس مرسي وهي في بداية عهدها. في البداية يشكو محمد رمضان( سائق) من نقص دواء البروتامين الخاص بمرضي القلب وكان يباع بسعر ثلاثة جنيهات إلا أنه بعد مشكلة النقص أصبح يباع في بعض الصيدليات الخاصة بسعر35 جنيها وذلك إذا وجد, بالإضافة إلي اختفائه من معهد القلب, مما يسبب له الكثير من المشكلات الصحية خاصة أن طول الفترة من الممكن أن يتسبب له في وعكة صحية أو حتي أزمة قلبية. وأما عن مشكلة نقص لبن الأطفال بالصيدليات فتقول نهي بركات, موظفة بمعهد البحوث الزراعية, إن هناك نقصا كبيرا في عبوات الألبان المدعمة بالأسواق ورغم عدم احتوائها علي فيتامينات كافية مما يضر بصحة الأطفال مما يضطرها إلي شراء عبوة اللبن المستورد ب40 جنيها بمعدل خمس عبوات شهريا, وهو ما لا يقدر عليه محدودو الدخل, وتكشف عن بيع اللبن المدعم إلي أصحاب المقاهي وأصحاب محلات الحلويات وبعض أصحاب محلات الألبان عدماء الضمير بعد إضافته إلي اللبن الجاموسي وبعض المواد الأخري وخلطها جيدا ليصبح لبنا مغشوشا يتم بيعه بالأسواق. وقال الدكتور محمد حسن خليل, منسق لجنة الدفاع عن الصحة, إن الأدوية في مصر صناعة تجميع تعتمد علي استيراد المادة الخام, كما أن ربع الأدوية حاليا يتم صنعها بواسطة التكنولوجيا الحيوية ومصر لم تدخل في هذا المجال وعادة الأدوية التي تستخدم هذا النوع من التكنولوجيا تكون غالية الثمن حتي إن بعضها يصل إلي14 ألف جنيه مصري مثل بعض حقن السرطان لأنها تصنف كبراءة اختراع لتتقدم الشركات بتسعيرها علي أنها نادرة, بالإضافة إلي أن حقن الأنسولين البشري كانت أسعارها مقاربة إلي أن انخفض سعرها بعد انتهاء الفترة ولأنها أصبحت اكتشافا قديما, مضيفا أن هناك دولا متقدمة شاركت اتجهت إلي إنتاج هذه الأدوية سواء بالتكنولوجيا الحيوية أو الكيميائية مثل كوبا والهند وجنوب إفريقيا والصين والبرازيل, بينما مصر تخلفت عن صناعة الأدوية بالتكنولوجيا أو حتي عمل أبحاث علمية في هذا المجال. وأشار إلي أن إنتاج الأدوية في مصر يشهد فوضي شاملة بخلاف أن هناك أدوية يتم إنتاجها رغم ثبوت عدم فائدتها وأوقفتها دول الاتحاد الأوروبية إلا أنها مازالت تتداول في مصر, وذلك وفقا لقائمة الأدوية الأساسية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية, مما يجعلنا أحوج إلي إعادة تصنيع الدواء لوقف إنتاجها, أما عن مشكلة نقص لبن الأطفال المدعم بالصيدليات فيقول إن السبب الأساسي وراء ذلك هو اعتمادنا علي المستورد الباهظ الثمن حتي إن أسعار اللبن متفاوتة فهناك نوع يقدر ثمنه ب3 جنيهات وهو ما يتم توزيعه علي مراكز الأمومة والطفولة وآخر يصل ثمنه إلي17 جنيها وهو ما يوجد بالمستشفيات الحكومية والصيدليات المدعمة, أما اللبن المستورد استيرادا حرا فيباع ب35 جنيها وفي جهات مختلفة. ويضيف الدكتور محمد البهي نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية أن نقص الأدوية مازال نابعا من خطأ في تسعير الأدوية طوال فترة تسجيل الدواء وتتغير أسعاره طبقا لأسعار صرف العملات والخامات ومواد التعبئة والتغليف التي بسبب ارتفاع أسعارها خسرت غالبية الشركات المصنعة للدواء مما أجبرها علي وقف إنتاجها, لافتا إلي أن الدكتور محسن عبدالعليم رئيس الإدارة المركزية للصيدلة أعد مسودة قرار لمراجعة أسعار الأدوية كل ثلاث سنوات. وأكد أن مشكلة الأدوية المهربة مازالت قائمة لزيادة الطلب عليها بالرغم من أن سعرها يفوق السعر المحلي ب10 12 ضعفا, بينما النوع المدعم منها تستورده الشركة المصرية لتجارة الأدوية, أما عن مهام الحكومة الجديدة وأولوياتها فقال ينبغي أن يعاد النظر في حصة الاستيراد حتي يتوافق مع أعداد المواليد في مصر وإصدار قرار متوازن لمناقشة الدواء المصري وتحديث الأدوية وتفعيل الرقابة علي بعض الصيدليات والشركات المصنعة, بالإضافة إلي إعادة تسعير الأدوية الثابتة منذ عشرات السنين وتتراوح أسعارها بين3 و5 جنيهات وأصبحت هناك أدوية بديلة لها يتراوح سعرها ما بين50 و60 جنيها, ولحل هذه المشكلة ينبغي علينا زيادة أسعار هذه الأدوية بنسبة30% حتي لا تكلف المريض أكثر من90 قرشا مما يحد من خسارة الشركات التي أوقفت إنتاجها بالفعل رغم أهميتها القصوي بالنسبة للمرضي في مصر كأدوية المغص والإسهال التي تباع دون وصفة طبية بالصيدليات. أما عن مشكلة لبن الأطفال فسببها نقص السيولة وخفض التصنيف الائتماني لمصر أدي إلي رفض الشركة الموردة إعطاء تسهيلات للشركات المستوردة بخلاف بيعه في السوق السوداء أو لأصحاب المحلات ومصانع الحلويات, وأنه علي الدولة خلال الفترة القادمة أن تستغل هذا النوع من الصناعة لازدهار تجارة الأدوية. ومن جانبه يؤكد دكتور محمد عبدالجواد نقيب الصيادلة أن مشكلة نقص الألبان خطأ يجب الاعتراف به خاصة أنه يصعب علي الكثير من الأمهات الرضاعة الطبيعية لظروف صحية حتي أصبح شيئا حيويا ينتج عن نقصه كوارث, مشيرا إلي أن المناقصات التي تطرحها الحكومة سنويا لتوفير اللبن المدعم لا تكفي لسد الحاجات مع ارتفاع في عدد المواليد الذي تشهده مصر, وقال: إن عبوات اللبن نصف المدعم الموجودة الآن كبديل للألبان المدعمة بالصيدليات قليلة وتختفي مع الوقت مما سيتسبب في تضخيم حجم المشكلة والسبب وراء كل ذلك عدم توفير سيولة من وزارة المالية لوزارة الصحة. أما عن مشكلة نقص الدواء فيقول إنه تم الاهتمام بها خلال الفترة الأخيرة إلا أن بعض الأنواع مازالت تعاني نقصا في الأسواق, بينما المتوافر منه أسعاره مرتفعة ولا يقدر علي ثمنها الفقراء, لافتا إلي أن وزير الصحة الدكتور فؤاد النواوي قام بعمل توازنات وتسهيلات معينة لأصحاب المصانع الخميس الماضي من أجل حل المشكلة وهو ما يتوقع أن تشهد سوق الدواء انفراجة من بداية الأسبوع المقبل.