خيمت حالة من الحزن الممزوجة برائحة الخوف, بعد أن حل شبح الخراب علي قرية البهسمون التابعة لمركز اهناسيا ببني سويف وانتشرت رائحة الحرق والدم. وتسلل قانون الأخذ بالثأر ليستعد الشباب لموسم حصاد الأرواح بقريتهم التي ظلت لعقود تعيش في تناغم مثل السلالم الموسيقية, كل أسرة تتفق فيها مع نغم الأخري ولم يعد أحد يعرف ما هو المصير, بعد أن دقت طبول الحرب بين أكبر عائلتين بالقرية, وتعالت ألسنة اللهب من الصدور والبيوت التي التهمتها النيران, بسبب مولوتوف الانفلات الأخلاقي بالقرية. فلم يكن يعلم المزارع أحمد كبير عائلته بعد أن بلغ من العمر عتيا, أنه ستنهي حياته مجموعة من شباب عائلة رمضان بعد مشاجرة عنيفة نشبت بين العائلتين, اثر اصطدام أحد أفراد عائلة رمضان بدراجته النارية بدراجة أخري يقودها أحد أفراد عائلة خاطر, استخدموا فيها الشوم والعصي والآلات الحادة وزجاجات المولوتوف الحارقة مما أدي إلي احتراق22 منزلا واصابة10 آخري في الأحداث, ونفوق العشرات من المواشي والطيور, وفر الجميع هنا وهناك وكل أخذ موقعه خلف بنايته أو بناية جاره, ليملأ زجاجاته الحارقة ويحضر ما يستطيع من أسلحة تساعده علي القتال, وكأنه مشهد سينمائي يجسد عصر الجاهلية. وعلي اثر ذلك, هجر العديد من أهالي عائلة رمضان منازلهم بعد أن علموا بمقتل كبير عائلة خاطر, ورفضهم تقبل عزائه وقاموا بتهريب المواشي الخاصة بهم خارج القرية, تحسبا لرد فعل أهالي القتيل, انتقاما لمقتل كبير العائلة, وخلت المنازل بالقرية من سكانها إلا من شباب العائلتين, بعد ليلة دامية عاشتها القرية وتركت أبواب البيوت مفتوحة وأصوات الغربان تملأ السماء والدخان المتعالي من آثار احتراق القش يغطي المنطقة لعدة كيلو مترات. ولم يعد صوت يعلو فوق صوت النعرات القبلية بين أعوان الشيطان. تحولت القرية إلي ثكنة عسكرية, بعد ان نشرت مديرية أمن بني سويف التعزيزات الأمنية, وقامت بمحاصرة قرية البهسمون بالمئات من الضباط والجنود برئاسة اللواء محمد أبوطالب مساعد مدير الأمن بمنطقة الجنوب والعقيد خالد الجبيلي رئيس فرع قطاع جنوببني سويف بإدارة البحث الجنائي, وألقت أجهزة البحث برئاسة العميد زكريا أبوزينة رئيس مباحث المديرية باشراف العميد رضا طبلية مدير المباحث القبض علي كل من: جمعة, وربيع, ومحمد, ومحمد, وصابر, وأحمد, وعمرو. كما اعترف محمد ابن المتوفي بأن أحمد من عائلة خاطر قام بضرب والده بالشومة علي رأسه, في اثناء المشاجرات التي وقعت بين العائلتين مما أدي إلي مصرعه في الحال, وتم نقله إلي مشرحة مستشفي بني سويف العام مع المصابين, وأحيل المتهمون إلي النيابة حيث قرر المستشار حمدي فاروق المحامي العام الأول لنيابات بني سويف بحبسهم4 أيام وانتداب فريق من نيابة المركز للانتقال إلي القرية لمعاينة آثار الحريق, وتحديد حجم الخسائر واستدعاء شهود القرية وعمدة قرية البهسمون لسماع أقوالهم في الأحداث, وانتداب المعمل الجنائي لفحص آثار الحريق, وسماع أقوال المصابين من العائلتين.