أزمة شركة تويوتا اليابانية هي الحلقة الأحدث في سلسلة الأزمات التي عصفت باليابان وتجربتها الرائعة في النمو والتقدم. خبراء الإدارة والاقتصاد يرون أن أزمة تويوتا هي نتيجة لأسباب عدة أهمها النظام الهرمي الصارم للإدارة والسيطرة الذي يمنع الابتكار , وتولي أصحاب الشركة المراكز الرئيسية في قيادتها بما يمنع ضخ أفكار جديدة في شرايين الشركة العملاقة. وفي رأي الخبراء أيضا فإن اعتماد تويوتا شبه الكامل علي فريق من الإداريين والمطورين اليابانيين يعوق التجديد ويمنع الشركة من الاستفادة من مزايا التعددية الثقافية التي يمكن أن يوفرها فريق متعدد الثقافات يعكس بدرجة أفضل الطبيعة العالمية للشركة اليابانية العملاقة. القراءة المتأنية للتشخيص الذي يقدمه الخبراء لأزمة شركة تويوتا تثير الحيرة, فما يعتبره الخبراء أسبابا للأزمة كانت هي نفسها قبل سنوات قليلة الأسباب الرئيسية لنجاح تويوتا المنقطع النظير. فالانضباط الإداري الصارم وروح الفريق الذي يعمل بتجانس شديد والدور القيادي المباشر الذي يلعبه أصحاب المال في إدارة الشركة, كانت هي الأسباب التي اعتبرها الخبراء أسبابا لنجاح الشركة في الماضي. لن أقول أن من يسمون أنفسهم خبراء ليسوا خبراء بالمرة, وأنهم ببساطة يتبعون الحكمة البسيطة القائلة بأن أي شيء ينجح هو جيد, وأن المشكلات لا تظهر إلا لأن أساليب العمل المتبعة غير مناسبة, وهي حكمة لا تنم عن أي عبقرية خاصة. لكنني أقول إن الأساليب التي قد تكون سببا في نجاح شركة أو مؤسسة أو حتي دولة في مرحلة معينة, لن تكون ملائمة لمواصلة النجاح في مرحلة تالية, وهذا هو ما حدث لشركة تويوتا. فشركة تويوتا, مثلها مثل أي شركة أو مؤسسة أو دولة في مرحلة النشأة والفتوة الأولي تكون في حاجة لإدارة حازمة ولانسجام كامل بين فريق العاملين فيها. لكن مواصلة النجاح في المراحل التالية, خاصة عندما يتسع نطاق عمل الشركة ليشمل العالم كله, وعندما تتعقد وتتسع عملياتها فيصبح لها مصانع وموردون في كل أنحاء العالم, يعملون في بيئات مختلفة وتحت ظروف متنوعة, يزودونها بمكونات السيارات لتعيد هي تجميعها وفقا لتصميمات تويوتا وتحت علامتها التجارية, فإن التنظيم الحديدي القديم لا يعود ملائما, ويكون التطوير والتكيف واجبا, وهذا ما أخفقت فيه تويوتا, وهو ما تخفق فيه بعض الدول أيضا.