كيف ضلت "تويوتا" الطريق وتحولت من رمز عالمي للجودة إلي شركة متهمة بإنتاج سيارات تعرض مستخدميها للخطر وربما للموت ذاته، كان هذا السؤال المطروح منذ أواخر العام الماضي علي كل خبراء صناعة السيارات.. وفي معرض الاجابة عن هذا السؤال تقول مجلة "فورتشن" ان السبب الرئيسي فيما احرزته تويوتا من نجاحات هو كبير المهندسين. وقد كان دور كبير المهندسين الذي يسمي باليابانية "شوزا" في تويوتا مختلفاً عن دور نظرائه في جنرال موتورز أو فورد. فكبير المهندسين في تويوتا مسئول مسئولية كاملة عن السيارة منذ أن تكون مجرد فكرة وإلي أن تصبح في يد الزبون وهو الذي يحدد السوق المناسب لها وهو المسئول عن خفض تكاليفها إلي أدني درجة ممكنة وتحديد وزنها وأدائها وجودتها بشكل عام. وكبير المهندسين أو الشوزا في تويوتا موضع احترام كبير ولا يوجد في الشركة كلها حاليا سوي 38 كبير مهندسين، كما أنه يتمتع بصلاحيات شبة مطلقة، ولكن مع تولي كاتزواكي واتاناب منصب الرئيس في تويوتا خلال الفترة 2005/2009 كان همه زيادة الأرباح بأي ثمن فضغط بشدة علي كبار المهندسين هؤلاء من أجل خفض التكاليف أكثر وأكثر.. وعندما ما يفعلوا ذلك تأثر مستوي جودة سيارات تويوتا دون أن يعلموا بذلك لأن واتاناب -كما يقول مسئول تنفيذي كبير في تويوتا- فرض علي كبار المهندسين عزلة صارمة في تويوتا سيتي ومنع وصول معلومات التسويق إليهم. وعندما شكا الزبائن من انخفاض جودة سيارات تويوتا أو عبروا عن ارتيابهم في الانخفاض غير المعتاد لأسعارها لم تهتم إدارة الشركة بالأمر، ولم تحاول أن تبحث عن الحلول. وقد ظن بعض المسئولين عن عمليات تويوتا في السوق الأمريكية أن كبار المهندسين هم المسئولون عن هذا الوضع برمته، وأنهم يلتزمون الصمت حفظا لماء وجوههم. ومعروف أن كبار المهندسين هم رمز نمط الإدارة المميز الذي مكن تويوتا من التفوق علي مستوي العالم بسياراتها فائقة الجودة. ورغم أن تويوتا لا تزال تحتل المركز الخامس في قائمة "فورتشن" الجديدة لأكبر 500 شركة عالمية بإيرادات تناهز 204 مليارات دولار فإن عاصفة الشكاوي من نقص أو عيوب الأمان في سياراتها التي انفجرت منذ نحو عام واحد قد شوهت هذا النمط المميز لإدارة تويوتا وأظهرت عيوبه. وأوضح ان قادة تويوتا كانوا يفضلون مع كل نجاح جديد يحرزونه أن يحكموا قبضتهم علي كل عمليات الشركة داخل وخارج اليابان وأن يتخذوا أهم القرارات في تويوتا سيتي باليابان، وهكذا بدلا من عولمة تويوتا تحولت فروعها في الخارج إلي مجرد مستعمرات قرارها في يد الشركة الأم. وخلال الاثني عشر شهرا الأخيرة أصدرت تويوتا 12 قرارا باستدعاء طرازات مختلفة من سياراتها لمبيعة لاصلاح عيوب صناعية متنوعة لعل أهمها هي عيوب بدال السرعة الذي تسبب في حوادث مفجعة، وهذا عدد من الاستدعاءات غير العادي بالنسبة لشركة كانت شهرتها الطاغية تتركز في الجودة. وفي إطار علاج هذه الاوضاع عينت تويوتا مديرا مسئولا عن الجودة وشكلت لجنة استشارية لاشتراطات الامان في سياراتها وأعادت تنظيم نظام الابلاغ في وحداتها الأمريكية من اجل ضمان التبليغ عن اية عيوب بسرعة وفور ظهورها. وتري مجلة "فورتشن" ان كل هذه التغيرات اشبه بعمليات التجميل لأن أكيو تويودا رئيس تويوتا وحفيد مؤسسها لم يظهر اهتماما كافيا بإدخال تغييرات علي هيكل العمليات داخل الشركة رغم كونه المسئول عن فساد نظام الجودة الذي كانت تويوتا تلتزم به وفي اتصال تليفوني قال تويودا للمجلة إن ما تحتاجه تويوتا هو العودة إلي الأساسيات وليس تغيير نظام العمل. وأضاف أنهم ربما يكونون قد أهملوا بعض قواعد الصناعة ولم ينتهوا للعيوب فور ظهورها ولكنهم الآن يصلحون كل شيء ويعيدون تأكيد الكفاءات الأساسية لسياراتهم بهدف استرداد ثقة الزبائن. ولكن "فورتشن" تؤكد أنه بدون التغييرات العميقة في نظم العمل ستظل عمليات تويوتا في أمريكا تحت رحمة البيروقراطية الضخمة المتمركزة في تويوتا سيتي. وأن هذه الشركة قد تجد نفسها واقفة في ذات المكان الذي وقفت فيه جنرال موتورز منذ 30 سنة، وهو انها تسيطر علي السوق ولكنها واقفة تحت سيطرة ثقافة متعجرفة وغير مرنة وهو الأمر الذي سبق أن أضعف جنرال موتورز حتي أوصلها إلي الإفلاس ولا شك أن أبرز المتحمسين لشركة تويوتا الآن هو جيم أولسون كبير المتحدثين باسم عمليات تويوتا في السوق الأمريكية الذي يري ان هذه الشركة لم تحسن إدارة نجاحاتها وهذا الرجل الذي تحدث باسم تويوتا قرابة 20 سنة سيصدر في نوفمبر القادم كتاباً جديداً بعنوان "الصندوق الصغير الأحمر لأدوات الإدارة" ويقول جيم في هذا الكتاب ان عدم الثقة الداخلية واهتزاز نظام